بعدما ضجّ خبر إفلاس لبنان، إثر "زلّة" نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعادة الشامي حين أعلن إفلاس الدولة اللبنانية ومصرف لبنان المركزي، تمّ تجميد حوالى 650 مليون دولار من أموال إقليم كردستان العراق في بيروت.
النائب في برلمان إقليم كردستان العراق علي حمه صالح، كتب على صفحته على "فيسبوك": "أرسلت عام 2015 رسالة الى رئيس حكومة الاقليم وقلت فيها، بيع النفط عبر مرتضى لاخاني الباكستاني هو أمر خطير، لكنهم لم ينصتوا إليّ، وفي النتيجة تم تجميد حوالى 650 مليون دولار في لبنان".
وأضاف صالح، وهو أول من كشف الموضوع، أن "الأموال المجمدة هي إيرادات نفط إقليم كردستان في حساب الشركة القبرصية الخاصة بمرتضى لاخاني".
من هو لاخاني؟
مرتضى لاخاني، هو رجل أعمال باكستاني، ظهر اسمه في ظل الحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق في تسعينيات القرن الماضي، إبان حكم نظام الرئيس السابق صدام حسين.
ووصف لاخاني نفسه حينها، بأنه "رجل شركة غلينكور في بغداد"، ويعمل في إطار مساعدة الشركة في شراء الخام العراقي.
لكن في تحقيق سابق أجرته وكالة "بلومبيرغ"، تبيّن أن "لاخاني كان يستخدم حساب شركته في بنك "ميد" اللبناني، بصفته غرفة مقاصة للثروة النفطية الجديدة في كردستان العراق".
وتعامل لاخاني من خلال شركته "IMMS" مع المدفوعات المالية من شركة "روسنفت" الروسية، وتجار النفط مثل فيتول كروب وترافيكورا كروب.
ووفق التقرير، قام بسداد مدفوعات شركات أجنبية تدين لها حكومة إقليم كردستان بأموال، وقام بتحويل مئات الملايين من الدولارات إلى وزارة المالية في إقليم كردستان نفسها، وفق تقرير.
نوافذ بحرية جديدة
وبحسب الخبير الاقتصادي والمالي العراقي الدكتور صفوان قصي، فإن "عملية بيع النفط خارج إطار شركة "سومو" يعطي المشترين تسهيلات تترتب عليها حقوق، قد تُجمّد أو يتم إخراجها من نظام التحويلات الرسمية، الأمر الذي سيضرّ حتمًا بالمال العام".
وشركة "سومو" هي أكبر شركة تسويق للنفط العراقي، والجهة الرسمية الوحيدة المخولة بموجب القوانين العراقية الموكلة إبرام عقود تصدير النفط الخام، وكذلك عقود تصدير واستيراد المشتقات النفطية.
وقال قصي، في حديث لـ"جسور"، "من حقنا أخذ ضمانات من المشترين كي لا تتعرض أموالنا للهدر، والقانون يسمح لنا بتتبع حركة الأموال ورفع دعاوى قانونية لاستردادها".
وأضاف "لا يرغب العراق بعرقلة الاقتصاد اللبناني في الظرف الحالي، لكن لبنان باستطاعته تحريك جزء من موجوداته المادية من أجل تسديد ديونه الخارجية، فبإمكانه مثلاً عرض فرص ومجالات استثمارية على العراق أو غيره، مقابل تسديد ديونه، خصوصًا اننا (العراق) بحاجة إلى نوافذ بحرية جديدة".
وأكد قصي أن "ما حصل هو مرتبط بزلّة الشامي، لأن الاقتصاد اللبناني ضعيف ولبنان لم يعد قادرًا على الإيفاء بإلتزاماته الخارجية والداخلية".
عمليات فساد
في سياق آخر، أثار موضوع تجميد حسابات مسؤولين عراقيين في المصارف اللبنانية ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكتب رئيس مركز "كلواذا" للدراسات، باسل حسين، عبر حسابه على "تويتر"، "بحسب مصادر خاصة فإن الأموال العراقية المودعة في لبنان تبلغ ما بين 16 إلى 18 مليار دولار، معظمها ناجم عن عمليات فساد جرت في العراق".
وأضاف حسين أن المصارف اللبنانية سهّلت عمليات الإيداع والتحويل للعراقيين في السنوات الماضية، وكانت تعتبر مركزًا ماليًا لشركات ومسؤولين وسياسيين عراقيين.
من جهته كتب الصحافي والباحث العراقي عدنان أبو زيد، عبر حسابه على "تويتر"، "جلطات دماغية وقلبية تنتاب مسؤولين عراقيين... أودعوا ملياراتهم في بنوك لبنان التي أعلنت إفلاسها تماما".
يأتي ذلك في وقت لم تعلن فيه أي جهة عراقية بعد عن تجميد أموال لها في البنوك اللبنانية، ولم ترد على ما ورد من قبل علي حمه صالح.
موجودات كثيرة
يُذكر أن الشامي، أعلن إفلاس الدولة ومصرف لبنان المركزي وقال إنه سيتم توزيع الخسائر على الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين.
لكن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، سرعان ما حاول تدارك الموضوع، معلنًا عن اجتزاء كلام الشامي وأنه كان يقصد السيولة وليس الودائع.
النائب السابق لحاكم مصرف لبنان، محمد بعاصيري، وفي حديث سابق لـ"جسور" قال، "لا يمكن اعتبار لبنان دولة مفلسة، لأن الدولة لا تفلس نظرًا لامتلاكها موجودات كثيرة".
وأضاف: "المشكلة حاليًّا هي أزمة سيولة حادّة في العملات الأجنبية، بسبب عدم انتظام عمل الدولة وغياب الحوكمة الرشيدة، إضافة إلى المحاصصة والطائفية والمذهبية والفساد المستشري في إدارات الدولة، وجميعها تعطي انطباعًا عن إفلاس الدولة".