بعد انتهاء الجولة الأخيرة من المحادثات بين اللجنة الفنية العسكرية العراقية والأميركية لبحث سحب القوات القتالية من البلاد، التي تم الاتفاق عليها في جلسة الحوار الاستراتيجي التي عقدت في السابع من أبريل/نيسان الماضي، أعلن العراق انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف الدولي وانسحابها من البلاد بشكل رسمي، منهية بذلك مهمتها القتالية التي كانت مكلفة باستئصال تنظيم داعش، والانتقال إلى مهمة استشارية لمساعدة القوات العراقية.
وبعد الإنسحاب، بدأت التساؤلات والمخاوف من أن يتكرّر السيناريو الأفغاني على الأراضي العراقية في ظلّ بعض الخروقات الأمنية التي حصلت في بعض المناطق فضلاً عن تهديدات الميلشيات الموالية لإيران بعد خسارتها في الإنتخابات.
فرق شاسع
وفي السياق، أكّد المحلل السياسي العراقي محمد علي الحكيم في حديث مع "جسور" أن هناك فرقا شاسعا ما بين أفغانستان والعراق ومن المستبعد جداً تكرار السيناريو الافغاني في العراق باعتبار أنه بفضل القوات الأمنية العراقية وفتوى المرجعية العليا ووعي الشعب العراقي الذي وبعد مرور التجارب عليه يرى من يريد اللعب بمصيره ومن لا يريد الإستقرار للبلد وبالتحديد الكيان الصهيوني". واعتبر المحلل السياسي العراقي أن "العراق تمكّن من التخلص من أكبر منظمة إرهابية داعشية، وأشار إلى أنه "من غير المستبعد أن يسعى البعض لخلق داعش جديد للبقاء والاستمرار في الأراضي العراقية كما حدث في عام 2014 ، أما الفرق اليوم هو أن رجال المقاومة والقوات الأمنية العراقية بالتحديد في الـ2021، تختلف عن العام 2014، فالقوات الأمنية متماسكة وتمسك بالارض ومستعدة للمحافظة على الأراضي العراقية كما شاهدنا في الأعوام الماضية". وأوضح أن بقاء بعض قوات التحالف والقوات الأميركية سيكون بشكل منظّم وسيبقون كمستشارين ومدربين لا أكثر،" معتبراً أن "العراق ليس بحاجة الى قوات قتالية بصفة قتالية على أراضيه فهو بلد غني ولديه من الأموال لشراء الأسلحة والعتاد ". وقال: "لا يمكن الاعتماد على القوات الأميركية لأن المتغطّي بالأميركيين كالمتغطّي العريان، لا يمكن الوثوق بهم بعد فيتنام وأفغانستان والتجارب العديدة التي بيّنت أن الولايات المتحدة لم تلتزم بالمعاهدات بينها وبعض الدول."
"دواعش سياسية"
واذ ذكّر بأن "الحكومة العراقية الرسمية المنتخبة والجانب الغربي وبالتحديد القوات الأميركية أكدوا أنهم ليسوا بحاجة الى قوات قتالية بل الذين سيبقون بحسب التوقعات والمعاهدات هم قوات استشارية وتدريبية"، قال: "من غير المستغرب أن تحدث بعض الخروقات الأمنية بين الحين والآخر في بعض المناطق لأن دواعش السياسة المتغلغلين في أروقة البرلمان والحكومة لديهم مآرب وأهداف وينفذون الأجندة الخارجية الغربية في العراق ويسعون لعدم خروج قوات التحالف من العراق".
المستفيد
وأكّد على الحكيم أنه اذا تكرّر المشهد الأفغاني على الأراضي العراقية فالمستفيد هو الذي لم يخدم العراق والعراقيين من العام 2003 الى حد الآن والذي يخون أرضه ووطنه والعراقيين ولم يخدمهم ومتغلغل بالفساد واللاعب على وتر الطائفية وبعض دول الجوار والعملاء والذين قدموا مصالحهم الشخصية والطائفية والحزبية على مصلحة الوطن والشعب العراقي والكيان الصهيوني بحسب قوله.
حوار
يذكر أن بغداد وواشنطن عقدتا العام الماضي، جولتين من الحوار الاستراتيجي، حيث أعلنت أميركا بعد انتهاء الأولى سحب قواتها من العراق بشكل تدريجي، مشيرة إلى أنها ليست بصدد إقامة قواعد ثابتة لقواتها في البلاد. بدوره، أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في مارس/آذار الماضي، أن بلاده نجحت في تخفيض عدد القوات الأجنبية بنسبة 60 في المئة. كما اتفقت بغداد وواشنطن حينها على أن العلاقة الأمنية بينهما ستنتقل بالكامل إلى المشورة والتدريب والتعاون الاستخباري، ولن يكون هناك أي وجود لقوات قتالية بحلول 31 ديسمبر/كانون الأول 2021.