وسط استهجان لبناني شعبي اخترقت صباح الاحد سفينة الإنتاج التابعة لشركة "إنيرجيان" Energean Power والأحدث في العالم حقل "كاريش" الواقع قبالة السواحل اللبنانية الجنوبية والمتنازع عليه مع إسرائيل، في ظل صمت رسمي لبناني مطبق. وفي بلد يعيش انهياراً اقتصادياً غير مسبوق، باتت محاسبة المسؤولين لا ترقى لمستوى أحلام اللبنانيين.
وكانت شركة "إنيرجيان" اليونانية، أعلنت، في وقت سابق، عن إبرامها عقداً للتنقيب عن الغاز في حقل "كاريش" من دون أن تبادر الدولة اللبنانية إلى اتخاذ التدابير اللازمة للحؤول دون خسارتها لثروتها من الغاز بعد توقف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل والتي انطلقت في أكتوبر/تشرين الأول عام 2020 ثم توقفت مطلع السنة الحالية.
علامة استفهام حول السلطة
فشل المسؤولون اللبنانيون في الحفاظ على ثروة لبنان النفطية كما أشار الأكاديمي والباحث الدكتور عصام خليفة في حديث لـ"جسور" لافتاً إلى أنها "ثروة تقدر بمئات مليارات الدولارات إستناداً إلى تقرير للمخابرات الأميركية يؤكد أنها أهم حدث في القرن 21 في ظل صراع دولي كبير على النفط والغاز".
وأكد أن عدم اتخاذ الجانب اللبناني موقفاً موحداً من الإدعاءات الاسرائيلية، واعتماد الدراسة القانونية العلمية التي قدمها الجيش اللبناني، ساهم إلى حد بعيد في هذه الخسارة "رسم الإسرائيليون، وعبر وثيقة رسمية، الخط 23 الهجين، شمالي حدود البلوكات الخاصة بهم، قبل تلزيمها ثم اخترعوا الخط 1 بهدف الدفع إلى التفاوض، ونجحوا في ذلك، إذ ارتأى الأميركيون حلأ وسطاً عبر اعتماد الخط هوف".
من جهته، أرسل الجانب اللبناني بعد شهرين، يتابع خليفة "وثيقة يتبنى فيها الخط 23" تناقض ما تبناه في بداية المفاوضات ومرجحاً أن يكون الاعتراف تم تحت ضغط أميركي ودولي "إذ أن المفاوضات انطلقت في البداية بتوجيه من رئاسة الجمهورية، بعدم الموافقة على الخط 23 وهوف والخط رقم 1 استتبعت بوثيقة دولية أرسلتها الحكومة في 28 ديسمبر/كانون الأول رقمها 6433 إلى الأمم المتحدة تؤكد فيها أن كاريش منطقة متنازع عليها وتتبنى طروحات الوفد اللبناني في المفاوضات ويحذر إسرائيل من أي تحرك لاستغلال الغاز والنفط في هذه المنطقة". غير أنه "تم تجميدها في القصر الجمهوري" يضيف خليفة.
في المقابل أفاد بأن دراسة الجيش اللبناني "أكدت أن الخط 23 غير صحيح وأن الخط 29 هو الأساس لأن الجيش بنى دراسته على قانون البحار الموقع عام 1949 من قبل الجانبين اللبناني والإسرائيلي حيث وقع الاسرائيلي على أن رأس الناقورة في الداخل اللبناني في حين أن الخط 23 الهجين لا ينطلق من رأس الناقورة وفي القانون الدولي عند ترسيم الحدود البحرية يجب الإطلاق من الحدود البرية".
وأوضح أن المفاوضات تعرقلت بعد أن فوجئ الإسرائيليون بقوة طرح الوفد اللبناني وعلميته وقانونيته، ولافتاً إلى ان الموفد الاميركي هوكشتاين كان عملياً أكثر انحيازاً للطرف الإسرائيلي.
وإذ أشار إلى أن إسرائيل تعتمد سياسة الأمر الواقع مدعومة من أميركا، وضع خليفة علامة استفهام حول سلوك المسؤولين اللبنانيين في هذا الملف النفطي الذي اعتبره "غير قانوني وغير وطني لأنهم لم يدافعوا عن مصالح الوطن العليا".
الخيانة العظمى
وكشف خليفة عن برنامج تحركات لما يسمى "جبهة الدفاع عن الخط 29" مهمته التحضير لملف "الخيانة العظمى" ضد كل مسؤول يسعى للتخلي عن ثروتنا الوطنية وكل من يظهره التحقيق مشاركاً.
الخطة ترتكز على سلسلة خطوات "أولاً رفع دعوى قانونية ثانياً تشكيل لجنة برلمانية ثالثا الطلب من الحكومة اللبنانية إرسال تعديل فوري للمرسوم 6433 لإعادته إلى إحداثيات قيادة الجيش رابعاً المطالبة بلجنة دولية محايدة فيها خبراء دوليين ليكونوا حكماً في هذا الموضوع لأن لبنان ليس خائفاً بل موقفه قانوني وعلمي ويتناسب مع القانون الدولي".
وكشف عن مذكرة سيتم توزيعها على مجلس النواب وعن عقد مؤتمر صحافي إضافة إلى تحركات شعبية لاحقاً" لأنه يرى أن لا سبيل للبنان للخروج من هذه الانهيار الذي يتخبط فيه إلا من خلال استغلال الغاز والنفط.
وأعاد التذكير بالأخطاء المتراكمة منذ العام 2007 وضلوع خبراء ومدراء عامين وضباط في خيانة الوطن مستنداً إلى المادة 277 من قانون العقوبات "من يتخلى عن الثروة الوطنية عقوبته السجن المؤبد" معتبراً أن المسؤولين يعمدون إلى تجويع الشعب كي يستسلم "لكننا لن نستسلم وعظام قبورهم سنرميها في البحر لتختفي عن أرضنا المقدسة ولا تدنسها".
العصابة المتحكمة بالقرارات
وطالت سهامه عدداً من المسؤولين متهماً إياهم بتشكيل عصابة استبدلت قانون النفط والغاز ورقمه 132 بالمرسوم 43 المناقض له "عوض أن يذهب مردود النفط والغاز إلى الدولة وشركة رسمية للدولة أنشأوا شركات وهمية لهم لكل واحد وألزموا الشركات الكبرى كتوتال وغيرها أن يمروا من خلال شركاتهم ويتركون ما تبقى من أرباحهم للدولة ".
ولفت إلى أن ما أسماهم عصابة "اتفقوا في السابق مع شركة سوناتراك في البحر الكاريبي على استيراد فيول مغشوش غير آبهين بمدى الضرر الذي يتسبب به على المعامل اللبنانية" وختم بالقول: "أحد مطالبنا تعديل المرسوم 43 أو إلغاؤه والإبقاء على ما نص عليه القانون 132 من إنشاء شركة للدولة تأخد مردود النفط والغاز".