"عالعصفورية خدني يا بيي عالعصفورية"... عدّل الرئيس المكلف تشكيل الحكومة في لبنان نجيب ميقاتي بكلمات الاغنية التي رددها على مسامع الحضور في مركز المؤتمرات التابع لشركة طيران الشرق الأوسط في مطار رفيق الحريري الدولي خلال حفل لتشجيع السياحة في لبنان، بعدما أثنى على عمل وزارة السياحة وحملاتها الإعلانية التي تعتمد في الفترة الأخيرة على أغنيات لبنانية للتشجيع على السياحة.
ما هو صادم فعلا، ليس أداء رئيس حكومة مشلولة لبلد منهار، فهو ليس المسؤول اللبناني الأول الذي يلجأ الى الاغاني والابتسامات حين يقارب مواضيع جدية، بل الإستهزاء الذي رافق الغناء وكلمة "عصفورية" التي استخدمها في سياق مستفزّ.
وهذه الكلمة الخارجة عن البروتوكول السياسي، تدخل في معجم المسؤولين اللبنانيين وقد سبقت العصفورية الى هناك عبارة "رايحين على جهنم" التي جاءت على لسان رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون منذ قرابة العامين في إطار رده على سؤال صحافي.
بين "جهنم" و"العصفورية"
وبين "جهنم" و"العصفورية"، تؤكد الأخصائية في علم النفس ربى بشارة، في حديث لـ"جسور"، أن "كلمة "جهنم" يبقى وقعها أسهل على اللبنانيين من مشهد رئيس الجمهورية واضعاً يديه في جيبه ويتنزّه في مرفأ بيروت بعد إنفجار 4 أغسطس/ آب 2020، وجثث الضحايا والشهداء تحت أقدامه ودماؤهم لم تجف بعد".
وتتابع: "لا يمكن الحديث عن الضرر النفسي الذي تعرض ولا يزال يتعرض له المواطن اللبناني من دون ذكر إنفجار مرفأ بيروت الذي دمّر اللبنانيين نفسيّاً ومادّياً واجتماعيّاً، وأفقدهم الأمل بلبنان، ودفعهم إلى الهجرة أو التفكير فيها، وكل ذلك أيقظ "جرحاً نرجسيّاً" لدى اللبنانيين وأعطاهم شعوراً بعدم الأمان وبعدم استيعاب حجم الجريمة التي وقعت".
"أما مصطلح "عصفورية" الذي استخدمه ميقاتي، فهو خاطئ ومهين للمريض النفسي، نهيك عن أن كلمات "عصفورية" و"مجانين" لم تعد موجودة إلّا في قاموس بعض السياسيين، الذين يحاولون من خلالها رد شعب مدمّر نفسيّاً إلى القرون الوسطى".
نظام عشائري
وشبّهت الأخصائية في علم النفس، الشعب اللبناني بالأم الحنون التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بإبنها وحبّها له غير مشروط، وهو يصرّ يوميّاً على أخذ المال للسهر، حتى أنها أنفقت جميع أموالها من أجله وبدأت تبيع ثيابها لتعطيه ما يريد، هكذا هي العلاقة مع السياسيين، حيثُ حب اللبنانيين لهم غير مشروط أو مفهوم، ويشبه العبادة التي يتم توريثها من الولد إلى الولد من دون ثقافة أو اطلاع أو مبرر، وكأننا في نظام عشائري نطلب رضا الزعيم ومحبته وننسى أنه مجرد موظف لدينا".
ولفتت إلى أن "اللبناني يخاف الخسارة والفشل إن لم يكن زعيمه موجودا، وذلك الخوف يبدأ من التربية في المنزل والمدرسة، حيثُ يتربّى الولد في لبنان وأغلب البلدان العربية على الخوف من الإستقلالية والشعور بأنه مهما فعل يبقى ذلك غير كافٍ، وعندما يكون الوضع كذلك، يكون احترام المسؤولين للشعب معدوماً، فخرق أي بروتوكول من قبلهم أمر طبيعي وغير مستغرب".
ختاماً، أملت بشارة في أن "يحب الجيل الجديد نفسه ويقتنع بأنه يستحق الحياة ويثور على ذاته قبل زعيمه، وعندها فقط يكون الوضع في لبنان أفضل ".