لا تزال أصداء اللقاء الذي جمع بين الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصرالله مع حليفيه رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل وتيار المردة سليمان فرنجية محط اهتمام على الساحة اللبنانية.
وجاء توقيت اللقاء على مائدة الإفطار السبت الماضي بدعوة من نصر الله ليوحي وكأن رصّ الصفوف بات ضرورياً بعد أن استفحلت أخيراً، الخلافات بين الحليفين المسيحيين. وثمة تحليلات تشير الى أن الدافع الأبرز وراء تعويم حلف الثامن من آذار، هو العودة الخليجية إلى لبنان بعد مقاطعة دامت أشهراً.
اللافت، أن تصريح باسيل في لقاء متلفز جاء ليؤكد أن مفعول التهدئة بدأ إذ قال:" لا أتعاطى بالسياسة من الزاوية الشخصية ولم أكنّ يوما إلا المحبة لفرنجية".
إنما، ورغم تذليل العقبات بين باسيل وفرنجية ، ضمان ثبات هذه العلاقة لا يزال موضع شكوك.
في المقابل قال النائب في تكتل الجمهورية القوية، جورج عقيص في تغريدة له على موقع "تويتر" عن لقاء نصرالله بباسيل وفرنجية: "أكيد "ما بياكلو إلا الصحة بس ما فين ياكلو إرادة الأحرار بهالبلد" فمهما اجتمعوا وخططوا ومهما حاولوا إظهار أنّ المتغيرات الخارجية ستصبّ في مصلحته نُذكرهم أنّ هذه المتغيّرات لم تكسر يومًا عزيمتنا".
أبعاد اللقاء الثلاثي
المشهد المستجد كما رآه المحامي في القانون الدولي أمين بشير في اتصال لـ"جسور"، "تعود أسبابه إلى أكثر من عامل، الأول داخلي هدفه رأب الصدع بين الطرفين مع اتساع هوة الخلافات بينهما حدّ الضرر بقاعدتيهما الانتخابية وتصدع أصواتها في الانتخابات النيابية المقبلة.
ولا ينكر بشير فكرة عودة الخلافات بين حليفي نصرالله إلا أن الأخير "قادر على إعادة لم شملهما متى يشاء لأن الكلمة الفصل تعود له وحده" على حد قوله.
العامل الثاني استراتيجي كما أوضح بشير، "شجعت عليه عودة سفراء الخليج وتحديداً سفير المملكة العربية السعودية، لقطع الطريق على التدخلات الخليجية في لبنان".
رص الصفوف
واستطرد بشير قائلاً "إن توقيت عودة البخاري من المرجح أن يكون سببه تنظيم جبهة داخلية متراصة في وجه الهيمنة والاندفاع الفارسي في البلاد" "إضافة إلى شد العصب الانتخابي ضمن الطائفة السنية التي تعاني من الإحباط وعدم الرغبة في الاقتراع، في ظل التشرذم الحاصل والتراشق السياسي بين الأفرقاء ضمن البيت الواحد، خصوصاً بين تيار المستقبل الذي اعتكف عن الانتخابات النيابية ويقوم بالهجوم على مرشحين سنة من خطه، ما يؤدي إلى تشتت الأصوات السنية الناخبة".
وفيما يسعى حزب الله، كما أعلن في أكثر من مناسبة للحصول على أكثرية في المجلس النيابي أي الثلثين، يقول بشير "إن الفريق الآخر يعوّل على تأمين الثلث المعطل لفرملة اندفاع فريق إيران في لبنان ومنعه لاحقاً من فرض تعديل دستوري ومؤتمر تأسيسي من شأنهما تغيير هوية لبنان أو تمرير قوانين تحت وطأة ظروف معينة".
غاز المتوسط
وما يؤكد ضرورة قيام جبهة داخلية متراصة في وجه المشروع الايراني في الداخل اللبناني، أن السياسة الخارجية تشير، بحسب الأستاذ في القانون الدولي "الى أن المنطقة مقبلة على تهدئة تمهد لها تسوية دولية عنوانها "نفط المتوسط" مع استمرار الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا" لافتاً " الى أن المشهد يوحي بإيقاف التصعيد ضد إيران من قبل الغرب والدول العربية بدفع من فرنسا وبهدف استخراج الغاز اللبناني".بالتالي يتابع بشير "بات تأمين الثلث المعطل في المجلس النيابي ضروري، باعتبار أن السياسية الداخلية ترسمها القوى الداخلية".
أجواء ألفة
من ناحية أخرى، رأى المحلل السياسي فيصل عبد الساتر في حديث لـ"جسور" أن اللقاء الذي دعا إليه نصرالله لا علاقة له بالانتخابات إذ جاء بعد تشكيل اللوائح، وأهم أهدافه، "أولاً طي صفحة من الخلافات بين التيارين المسيحيين" وقد انعكس إيجاباً على الجو المسيحي كما أدى إلى "وقف الحملات الإعلامية المضادة بين الفريقين لأن الخلاف إن استمر ستكون له تبعات سلبية على نتائج الانتخابات".
الهدف الثاني، سببه قراءة في أوضاع المنطقة، ولفت عبد الساتر إلى أن "اختيار مائدة الافطار في رمضان المترافق مع زمن الصوم لدى المسيحيين إنما يدل على مدى رمزية المناسبة في غسل القلوب وطي صفحة الخلافات و اتخاذ المواقف المناسبة في ما خص القضايا الإقليمية، وخصوصاً عودة السفراء العرب إلى لبنان بعد انكفاء".
بالتالي، رأى عبد الساتر أنه في ظل التطورات الأخيرة أرسى اللقاء الثلاثي "دعائم أساسية للتعاون بين الحلفاء في المجلس النيابي والحكومة" معتبراً أنه "كان ممتازاً وخرج الجميع منه مرتاحا لكنه جزم بأن ملف رئاسة الجمهورية لم يكن مطروحاً.
طموح سياسي مشروع
أما عن التعاون في الانتخابات النيابية، فأشار عبد الساتر الى أنه أساسي من ناحية "المحافظة على الأكثرية النيابية" معتبراً أنه "طموح سياسي مشروع". إذ مع حصول حزب الله على الأكثرية النيابية "يصبح قادراً على مواجهة الفريق الذي يسعى لتوظيف قوته السياسية كسلاح يطوق حزب الله ويدمر سمعته في المحافل الدولية" لافتاً الى أن هدف الحزب أولا وأخيراً القضية الفلسطينية".
وتابع قائلاً "إن حزب الله مرتاح جداً لنتائج الانتخابات" متحدثا عن المناخ المضاد للحزب الذي شكل 71 لائحة مقابل 36 لائحة لحزب الله وحلفائه" ما اعتبره تشتتاً لدى خصوم الحزب.
كذلك أكد عبد الساتر أن لا تساهل في الانتخابات النيابية هذه السنة "التحالف الانتخابي عميق في مواجهة الجبهة الأخرى ولا مقاعد شيعية تقدم بالمجان إلى أحد" غامزاً من زاوية مطالبة الزعيم وليد جنبلاط بأحد مقاعد بيروت الثانية.
وفي الختام، أشار عبد الساتر إلى أن حزب الله لا ينوي تغيير وجه لبنان "كما يسعى البعض إلى إشاعته" ويتابع "جل ما في الأمر أن حزب الله يرفض الإحتكار، ويريد أن يبقى الإقتصاد اللبناني حراً "إنما مع السماح بالتوجه نحو دول غير أميركا والغرب وعدم رفض عروض روسية أو صينية أو غيرها إن كانت تصب في مصلحة الوطن".