في مثل هذا اليوم في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، انتخب مجلس النواب اللبناني بـ83 صوتاً، العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية اللبنانية. ومع انتهاء سنته الخامسة في الحكم، تبقى أمامه سنة أخيرة قد لا تقلّ عن سابقاتها صعوبة على لبنان واللبنانيين.
وفي مثل هذا اليوم أيضاً، من العام 1992، شكل الرئيس رفيق الحريري حكومته الأولى، في لبنان، بشعار "إعادة الإعمار"، وسط وفاق سعودي - سوري، لم يعد متوفراً اليوم، إذ يواجه لبنان منذ أيام، "غضباً" سعودياً - خليجياً.
قبل خمس سنوات وصل عون إلى سدة الرئاسة، بعد سنتين ونصف السنة من الشغور الرئاسي. على وقع شعارات "لبنان القوي"، و"الرئيس القوي" و"بي الكل". إلا أن لبنان واجه، انتفاضة شعبية في خريف 2019 وأزمة اقتصادية غير مسبوقة، وملفات ساخنة، غيّرت في واقع الشعارات التي أرادها عون عناوين لحكمه، فهل أخطأ الجنرال أو أصاب في عهده الرئاسي؟
في سياق التعريف بالعهد وبما يعتبره "إصلاحات عهد عون"، لفت مسؤول العلاقات السياسية في مكتب نائب رئيس التيار الوطني الحر للشؤون السياسية، الصحافي ميشال أبو نجم، في حديث لـ"جسور"، إلى أن "العهد حاول إعادة بناء ما تهدّم نتيجة كل الخراب في ظل حكم تحالف ميليشيات الحرب منذ عام 1992، الذي أدّى إلى إنهيار لبنان، خصوصا الأخطاء المالية والاقتصادية. والعهد حاول إعادة التأسيس والميثاقية إلى الدولة اللبنانية، وهو الذي قام بخطوات تدريجية لتحقيق التوازن في النظام السياسي اللبناني من خلال قانون انتخابي عادل وإعادة تكوين السلطة التشريعية والممثلة للشعب اللبناني بناء على أسس صحيحة لم تكن موجودة قبل عهد الرئيس عون".
وقال أبو نجم: "رغم الإنتفاضة الشعبية التي حصلت واستُغلت سياسيّاً لتصويب الأمور على العهد ورئيس الجمهورية، تمكّن العهد من تحويل الأزمات إلى فرص لإعادة بناء المنظومة المالية والسياسية والإقتصادية على أسس صحيحة من خلال التدقيق الجنائي، ودفع منظومة الحريري – بري – جنبلاط (رئيس الحكومة السابق سعد الحريري – رئيس مجلس النواب نبيه بري – رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط) التي قامت برهانات خاطئة إلى التراجع".
"تلقف كرة النار بصدره..."!
واعتبر أبو نجم: "الأهم أن الرئيس ميشال عون في عهده "تلقف كرة النار بصدره"، ولم يكن عهده عهد تأجيل الأزمات ونقلها إلى الأجيال المقبلة، فضلا عن متابعته لملفين أساسين وهما تنقيب الغاز وترسيم الحدود، وملفات التوطين والنازحين السوريين، ورئاسة الجمهورية أثبتت أنها فاعلة في حماية المسلمات الكيانية والوطنية".
وإذ قال عون مرة، إنه سيسلّم لبنان أفضل مما استلمه، يشرح أبو نجم أنه ثمة "تشوهات حاولوا إلصاقها بالرئيس عون إلّا أنه صمد ولا زال يواجه"، وبرأيه فإنه "هزّ المنظومة السياسية والمصرفية المتحالفة، والتي حمت حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من أي مساءلة". لافتاً إلى أن "أكثر من 25 سنة من الفساد والسرقة تحتاج إلى وقت لمعالجتها، في ظل سحب الصلاحيات من رئيس الجمهورية بشكل عام، وهو اليوم يفعل ما بوسعه ضمن صلاحياته الدستورية للدفاع عن حقوق اللبنانيين".
وعن تقييمه لأداء العهد، قال: "حتى 2018 كانت مرحلة تأسيس لإعادة إنتاج السلطة، وصولاً إلى معالجة ملفات فساد كبرى، وتأمين استقلالية السلطة القضائية، وبعدها معالجة الملفات المالية والإقتصادية، وبعض الإنجازات لا يزال قيد التحقيق، ولا أحد يملك عصا سحرية، ولكن الرئيس عون وقف بوجه مخططات دولية، وساهم بتوفير القرارات السياسية".
. وبرأي أبو نجم أن العهد لم يخطئ، لكن ربما "قصّر" في بعض الملفات الصغيرة".
وفي تغريدة له، قال رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في ذكرى انتخاب عون، "باقي من العهد مش سنة، سنين… ونحنا ع العهد باقيين". وعلى هذه التغريدة علّق أبو نجم: "ما قصده باسيل بقوله هو أن الحالة المؤيدة للرئيس عون ستبقى داعمة له حتى اللحظة الأخيرة من عهده ومصرّة على استكمال مسلّماته الوطنية".
عهد الإنهيار!
تعرض عهد عون ولا يزال لنقد لاذع، سواء في الشارع أو السياسة، واعتبر جزء من اللبنانيين أنّه لم يحقق ما وعد به ولم يكن "الرئيس القوي" كما وعد
رئيس تحرير موقع "لبنان الكبير"، الصحافي محمد نمر، في حديث لـ"جسور"، قال إن "ذكرى انتخاب الرئيس عون هي ذكرى سوداء، وذكرى دخول لبنان مخطط طريق جهنم، والعهد الحالي لم يترك تجاوزاً للدستور إلّا وقام به، هو عهد تخريب لبنان ودفعه إلى الإنهيار على الصعد كافة، وعهد التعطيل من أجل الشعبوية، وعهد نقل لبنان من الحضن العربي إلى المحور الإيراني، هو عهد حزب الله المتجسد بأداة في موقع رئاسة الجمهورية".
ورأى نمر، أن "التيار الوطني الحر رفع شعاراً طائفياً، منذ بداية العهد، تحت حجة إستعادة حقوق المسيحيين، في وقت، ان المسيحيين في لبنان هم بألف خير، وسيكونون في حال أفضل عند ابتعاد هذا العهد عن المواقع الدستورية".
وقال نمر: "العهد ضرب مبدأ الزعامة المارونية، واختياره للنموذج الإيراني عبر حزب الله أدّى لعزل لبنان عربيّاً. عهد عون أخطأ كثيراً ولم يقم بأي فعل يستحق التهنئة. كما اختار الرئيس عون أن يكون منبراً في محطات عديدة للدفاع عن سلاح حزب الله وإيران، في وقت يجب أن يكون فيه رئيساً لكل اللبنانيين لكنه اختار منهم فقط أي "الباسيليين.
الأزمة مع الخليج
عن الأزمة المستجدة مع الخليج العربي، رأى نمر أن "المشهد أسود في العلاقة مع الدول العربية، وهذا مؤشر إلى أن هذه الحكومة لا تملك قرارها السياسي، وواضح أن وزير الإعلام جورج قرداحي يعاند في هذا الموضوع، ولكن القرار ليس قراره في ظل وجود مرجعياته من حزب الله إلى تيار المردة"، مشيراً إلى أنه "كان يجب على البطريرك بشارة الراعي أن يضغط أكثر باتجاه دفعه إلى الإستقالة، وأن يطلق تصريحات رسمية وواضحة أكثر حول هذا الموضوع".
وتابع: "كذلك يتحمل رئيس الحكومة المسؤولية، وعليه أن يستقيل كي لا يثبت أنه لا يملك القرار السياسي في حكومته، والأزمة الدبلوماسية مفتوحة، والمعطيات تشير إلى أن االتصعيد من قبل الدول الخليجية تجاه لبنان سيكون أكثر حدّة في المرحلة المقبلة، ولكن نثمن مواقفها الحاضنة للبنانيين الموجودين على أراضيها، لأنها لا تحمل الشعب اللبناني مسؤولية وتصرفات المسؤولين في الدولة".
ذكرى انتخاب عون، تتقاطع وذكرى تشكيل أول حكومة برئاسة الشهيد رفيق الحريري عام 1992، وعنها قال نمر: "من اغتال الشهيد الحريري نفسه، يغتال لبنان اليوم، ونحن وصلنا إلى ما نحن عليه، جرّاء اغتيال شخصية كانت قادرة على أن تحول لبنان إلى دولة حقيقية". واعتبر نمر "حتى اليوم نسير على البنى التحتية التي أنشأها رفيق الحريري، وندخل إلى المستشفى التي بناها، ونسافر عبر المطار الذي أنشأه. والمؤسف أيضا أن ما يتعرض له نجله الرئيس سعد الحريري، هو شبيه لما سبق وتعرض له والده، إذ ان هناك محاولة لإغتيال الحريرية السياسية، وتحميلها مسؤوليات لا علاقة لها بها".
في عهد عون
منذ انتخاب ميشال عون رئيساً، شُكلت 4 حكومات: الأولى والثانية برئاسة الرئيس سعد الحريري، الثالثة برئاسة حسان دياب، والرابعة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، وبينها تكليفان لسفير لبنان في ألمانيا مصطفى أديب والرئيس الحريري، قبل اعتذارهما.
وشهد عهده أسوأ أزمة اقتصادية صُنفت الثالثة عالمياً خلال 150 عاماً، والأكثر سوءاً مُنذ استقلال لبنان، وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام العملة الأجنبية، فارتفع الدولار من 1507 ليرات ليلامس 24 ألف ليرة، وسط ارتفاع غير مسبوق لأسعار المواد الأساسية، وفقدان الكثير منها، واستمرار انقطاع التيار الكهربائي، على الرغم من إنفاق أكثر من 60 مليار دولار أميركي على هذا القطاع، وطوابير السيارات، التي اصطفت أمام محطات الوقود، جرّاء فقدان المحروقات، وارتفاع مُستوى الفساد والسمسرات والهدر والجريمة، إضافة إلى حوادث عدة اعتُبرت فتنة مُتنقلة، تُهدد السلم الأهلي والعيش المُشترك.
كما شهد عهده أزمة صحية كبرى بسبب انتشار وباء كورونا في لبنان، والنقص في مادة الأوكسيجين والمستلزمات الطبية والأدوية وامتلاء غرف العناية الفائقة بالمرضى. وانطلقت في عهده ثورة 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، التي عمت احتجاجاتها في جميع المناطق اللبنانية.
وفي عهده، وقع زلزال انفجار مرفأ بيروت، بتاريخ 4 آب/أغسطس 2020، ما أسفر عن مقتل أكثر من 220 ضحية وجرح 7 آلاف وتشريد ما يفوق 300 ألف شخص، ودمار هائل وأضرار جسيمة لحقت بيروت. وشهد لبنان أكبر عزلة عربية وغربية وأكبر أزمة ديبلوماسية مع الخليج العربي منذ 50 عاماً.
من هو ميشال عون؟
هو ميشال نعيم عون، وُلد في حارة حريك في 30 سبتمبر/أيلول 1933. انضمّ إلى الجيش عام 1955، وأصبح قائداً له عام 1984، وعيّنه أمين الجميل مع نهاية ولايته عام 1988، رئيساً لحكومة عسكرية انتقالية بعد فشل مجلس النواب بانتخاب خلفٍ له. واجه هذا القرار معارضة داخليّة وأدى إلى نشوء نزاع بين حكومتين، الأولى برئاسة عون، والثانية برئاسة سليم الحص .
أعلن عون "حرب التحرير" على سوريا، مطالباً بانسحابها من لبنان، كما عارض اتفاق الطائف، وتطوّرت خلافاته مع سمير جعجع إلى اشتباكات مسلّحة بين الجيش والقوات اللبنانية عرفت بحرب الإلغاء. في 13 أكتوبر/ تشرين الأول 1990، شنّت القوات السورية عملية حاسمة اقتحمت فيها معاقل عون في بيروت الشرقية والقصر الجمهوري، وانتهت معها الحرب الأهلية.
لجأ عون إلى السفارة الفرنسية حيث أعلن استسلامه، ثم انتقل إلى فرنسا بعد منحه اللجوء السياسي. في المنفى، أسّس التيار الوطني الحر، ولعب دورًا أساسيًا في إقرار الكونغرس الأميركي قانون محاسبة سوريا. في 2005، عاد عون إلى لبنان بعد انسحاب الجيش السوري إثر ثورة الأرز، وترأس كتلة التغيير والإصلاح بعد انتخابه نائبًا عن دائرة كسروان. وقّع مذكرة تفاهم مع حزب الله وإنضم إلى تحالف 8 آذار، وشارك في اعتصام المعارضة ضد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. وحاز على أكبر كتلة مسيحية في لبنان، ووصل إلى رئاسة الجمهورية عام 2016 بدعم من حزب الله. ورحبت إيران بانتخابه رئيسا للبنان، ووصفته بأنه انتصار لحزب الله.
وفي مثل هذا اليوم أيضاً، من العام 1992، شكل الرئيس رفيق الحريري حكومته الأولى، في لبنان، بشعار "إعادة الإعمار"، وسط وفاق سعودي - سوري، لم يعد متوفراً اليوم، إذ يواجه لبنان منذ أيام، "غضباً" سعودياً - خليجياً.
قبل خمس سنوات وصل عون إلى سدة الرئاسة، بعد سنتين ونصف السنة من الشغور الرئاسي. على وقع شعارات "لبنان القوي"، و"الرئيس القوي" و"بي الكل". إلا أن لبنان واجه، انتفاضة شعبية في خريف 2019 وأزمة اقتصادية غير مسبوقة، وملفات ساخنة، غيّرت في واقع الشعارات التي أرادها عون عناوين لحكمه، فهل أخطأ الجنرال أو أصاب في عهده الرئاسي؟
في سياق التعريف بالعهد وبما يعتبره "إصلاحات عهد عون"، لفت مسؤول العلاقات السياسية في مكتب نائب رئيس التيار الوطني الحر للشؤون السياسية، الصحافي ميشال أبو نجم، في حديث لـ"جسور"، إلى أن "العهد حاول إعادة بناء ما تهدّم نتيجة كل الخراب في ظل حكم تحالف ميليشيات الحرب منذ عام 1992، الذي أدّى إلى إنهيار لبنان، خصوصا الأخطاء المالية والاقتصادية. والعهد حاول إعادة التأسيس والميثاقية إلى الدولة اللبنانية، وهو الذي قام بخطوات تدريجية لتحقيق التوازن في النظام السياسي اللبناني من خلال قانون انتخابي عادل وإعادة تكوين السلطة التشريعية والممثلة للشعب اللبناني بناء على أسس صحيحة لم تكن موجودة قبل عهد الرئيس عون".
وقال أبو نجم: "رغم الإنتفاضة الشعبية التي حصلت واستُغلت سياسيّاً لتصويب الأمور على العهد ورئيس الجمهورية، تمكّن العهد من تحويل الأزمات إلى فرص لإعادة بناء المنظومة المالية والسياسية والإقتصادية على أسس صحيحة من خلال التدقيق الجنائي، ودفع منظومة الحريري – بري – جنبلاط (رئيس الحكومة السابق سعد الحريري – رئيس مجلس النواب نبيه بري – رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط) التي قامت برهانات خاطئة إلى التراجع".
"تلقف كرة النار بصدره..."!
واعتبر أبو نجم: "الأهم أن الرئيس ميشال عون في عهده "تلقف كرة النار بصدره"، ولم يكن عهده عهد تأجيل الأزمات ونقلها إلى الأجيال المقبلة، فضلا عن متابعته لملفين أساسين وهما تنقيب الغاز وترسيم الحدود، وملفات التوطين والنازحين السوريين، ورئاسة الجمهورية أثبتت أنها فاعلة في حماية المسلمات الكيانية والوطنية".
وإذ قال عون مرة، إنه سيسلّم لبنان أفضل مما استلمه، يشرح أبو نجم أنه ثمة "تشوهات حاولوا إلصاقها بالرئيس عون إلّا أنه صمد ولا زال يواجه"، وبرأيه فإنه "هزّ المنظومة السياسية والمصرفية المتحالفة، والتي حمت حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من أي مساءلة". لافتاً إلى أن "أكثر من 25 سنة من الفساد والسرقة تحتاج إلى وقت لمعالجتها، في ظل سحب الصلاحيات من رئيس الجمهورية بشكل عام، وهو اليوم يفعل ما بوسعه ضمن صلاحياته الدستورية للدفاع عن حقوق اللبنانيين".
وعن تقييمه لأداء العهد، قال: "حتى 2018 كانت مرحلة تأسيس لإعادة إنتاج السلطة، وصولاً إلى معالجة ملفات فساد كبرى، وتأمين استقلالية السلطة القضائية، وبعدها معالجة الملفات المالية والإقتصادية، وبعض الإنجازات لا يزال قيد التحقيق، ولا أحد يملك عصا سحرية، ولكن الرئيس عون وقف بوجه مخططات دولية، وساهم بتوفير القرارات السياسية".
. وبرأي أبو نجم أن العهد لم يخطئ، لكن ربما "قصّر" في بعض الملفات الصغيرة".
وفي تغريدة له، قال رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في ذكرى انتخاب عون، "باقي من العهد مش سنة، سنين… ونحنا ع العهد باقيين". وعلى هذه التغريدة علّق أبو نجم: "ما قصده باسيل بقوله هو أن الحالة المؤيدة للرئيس عون ستبقى داعمة له حتى اللحظة الأخيرة من عهده ومصرّة على استكمال مسلّماته الوطنية".
عهد الإنهيار!
تعرض عهد عون ولا يزال لنقد لاذع، سواء في الشارع أو السياسة، واعتبر جزء من اللبنانيين أنّه لم يحقق ما وعد به ولم يكن "الرئيس القوي" كما وعد
رئيس تحرير موقع "لبنان الكبير"، الصحافي محمد نمر، في حديث لـ"جسور"، قال إن "ذكرى انتخاب الرئيس عون هي ذكرى سوداء، وذكرى دخول لبنان مخطط طريق جهنم، والعهد الحالي لم يترك تجاوزاً للدستور إلّا وقام به، هو عهد تخريب لبنان ودفعه إلى الإنهيار على الصعد كافة، وعهد التعطيل من أجل الشعبوية، وعهد نقل لبنان من الحضن العربي إلى المحور الإيراني، هو عهد حزب الله المتجسد بأداة في موقع رئاسة الجمهورية".
ورأى نمر، أن "التيار الوطني الحر رفع شعاراً طائفياً، منذ بداية العهد، تحت حجة إستعادة حقوق المسيحيين، في وقت، ان المسيحيين في لبنان هم بألف خير، وسيكونون في حال أفضل عند ابتعاد هذا العهد عن المواقع الدستورية".
وقال نمر: "العهد ضرب مبدأ الزعامة المارونية، واختياره للنموذج الإيراني عبر حزب الله أدّى لعزل لبنان عربيّاً. عهد عون أخطأ كثيراً ولم يقم بأي فعل يستحق التهنئة. كما اختار الرئيس عون أن يكون منبراً في محطات عديدة للدفاع عن سلاح حزب الله وإيران، في وقت يجب أن يكون فيه رئيساً لكل اللبنانيين لكنه اختار منهم فقط أي "الباسيليين.
الأزمة مع الخليج
عن الأزمة المستجدة مع الخليج العربي، رأى نمر أن "المشهد أسود في العلاقة مع الدول العربية، وهذا مؤشر إلى أن هذه الحكومة لا تملك قرارها السياسي، وواضح أن وزير الإعلام جورج قرداحي يعاند في هذا الموضوع، ولكن القرار ليس قراره في ظل وجود مرجعياته من حزب الله إلى تيار المردة"، مشيراً إلى أنه "كان يجب على البطريرك بشارة الراعي أن يضغط أكثر باتجاه دفعه إلى الإستقالة، وأن يطلق تصريحات رسمية وواضحة أكثر حول هذا الموضوع".
وتابع: "كذلك يتحمل رئيس الحكومة المسؤولية، وعليه أن يستقيل كي لا يثبت أنه لا يملك القرار السياسي في حكومته، والأزمة الدبلوماسية مفتوحة، والمعطيات تشير إلى أن االتصعيد من قبل الدول الخليجية تجاه لبنان سيكون أكثر حدّة في المرحلة المقبلة، ولكن نثمن مواقفها الحاضنة للبنانيين الموجودين على أراضيها، لأنها لا تحمل الشعب اللبناني مسؤولية وتصرفات المسؤولين في الدولة".
ذكرى انتخاب عون، تتقاطع وذكرى تشكيل أول حكومة برئاسة الشهيد رفيق الحريري عام 1992، وعنها قال نمر: "من اغتال الشهيد الحريري نفسه، يغتال لبنان اليوم، ونحن وصلنا إلى ما نحن عليه، جرّاء اغتيال شخصية كانت قادرة على أن تحول لبنان إلى دولة حقيقية". واعتبر نمر "حتى اليوم نسير على البنى التحتية التي أنشأها رفيق الحريري، وندخل إلى المستشفى التي بناها، ونسافر عبر المطار الذي أنشأه. والمؤسف أيضا أن ما يتعرض له نجله الرئيس سعد الحريري، هو شبيه لما سبق وتعرض له والده، إذ ان هناك محاولة لإغتيال الحريرية السياسية، وتحميلها مسؤوليات لا علاقة لها بها".
في عهد عون
منذ انتخاب ميشال عون رئيساً، شُكلت 4 حكومات: الأولى والثانية برئاسة الرئيس سعد الحريري، الثالثة برئاسة حسان دياب، والرابعة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، وبينها تكليفان لسفير لبنان في ألمانيا مصطفى أديب والرئيس الحريري، قبل اعتذارهما.
وشهد عهده أسوأ أزمة اقتصادية صُنفت الثالثة عالمياً خلال 150 عاماً، والأكثر سوءاً مُنذ استقلال لبنان، وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام العملة الأجنبية، فارتفع الدولار من 1507 ليرات ليلامس 24 ألف ليرة، وسط ارتفاع غير مسبوق لأسعار المواد الأساسية، وفقدان الكثير منها، واستمرار انقطاع التيار الكهربائي، على الرغم من إنفاق أكثر من 60 مليار دولار أميركي على هذا القطاع، وطوابير السيارات، التي اصطفت أمام محطات الوقود، جرّاء فقدان المحروقات، وارتفاع مُستوى الفساد والسمسرات والهدر والجريمة، إضافة إلى حوادث عدة اعتُبرت فتنة مُتنقلة، تُهدد السلم الأهلي والعيش المُشترك.
كما شهد عهده أزمة صحية كبرى بسبب انتشار وباء كورونا في لبنان، والنقص في مادة الأوكسيجين والمستلزمات الطبية والأدوية وامتلاء غرف العناية الفائقة بالمرضى. وانطلقت في عهده ثورة 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، التي عمت احتجاجاتها في جميع المناطق اللبنانية.
وفي عهده، وقع زلزال انفجار مرفأ بيروت، بتاريخ 4 آب/أغسطس 2020، ما أسفر عن مقتل أكثر من 220 ضحية وجرح 7 آلاف وتشريد ما يفوق 300 ألف شخص، ودمار هائل وأضرار جسيمة لحقت بيروت. وشهد لبنان أكبر عزلة عربية وغربية وأكبر أزمة ديبلوماسية مع الخليج العربي منذ 50 عاماً.
من هو ميشال عون؟
هو ميشال نعيم عون، وُلد في حارة حريك في 30 سبتمبر/أيلول 1933. انضمّ إلى الجيش عام 1955، وأصبح قائداً له عام 1984، وعيّنه أمين الجميل مع نهاية ولايته عام 1988، رئيساً لحكومة عسكرية انتقالية بعد فشل مجلس النواب بانتخاب خلفٍ له. واجه هذا القرار معارضة داخليّة وأدى إلى نشوء نزاع بين حكومتين، الأولى برئاسة عون، والثانية برئاسة سليم الحص .
أعلن عون "حرب التحرير" على سوريا، مطالباً بانسحابها من لبنان، كما عارض اتفاق الطائف، وتطوّرت خلافاته مع سمير جعجع إلى اشتباكات مسلّحة بين الجيش والقوات اللبنانية عرفت بحرب الإلغاء. في 13 أكتوبر/ تشرين الأول 1990، شنّت القوات السورية عملية حاسمة اقتحمت فيها معاقل عون في بيروت الشرقية والقصر الجمهوري، وانتهت معها الحرب الأهلية.
لجأ عون إلى السفارة الفرنسية حيث أعلن استسلامه، ثم انتقل إلى فرنسا بعد منحه اللجوء السياسي. في المنفى، أسّس التيار الوطني الحر، ولعب دورًا أساسيًا في إقرار الكونغرس الأميركي قانون محاسبة سوريا. في 2005، عاد عون إلى لبنان بعد انسحاب الجيش السوري إثر ثورة الأرز، وترأس كتلة التغيير والإصلاح بعد انتخابه نائبًا عن دائرة كسروان. وقّع مذكرة تفاهم مع حزب الله وإنضم إلى تحالف 8 آذار، وشارك في اعتصام المعارضة ضد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. وحاز على أكبر كتلة مسيحية في لبنان، ووصل إلى رئاسة الجمهورية عام 2016 بدعم من حزب الله. ورحبت إيران بانتخابه رئيسا للبنان، ووصفته بأنه انتصار لحزب الله.