شهدت اربيل أخيرا سلسلة هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية وآخرها مساء الاربعاء حيث أصيب ثلاثة أشخاص بجروح طفيفة جراء هجوم بطائرة مسيّرة مفخخة استهدف طريق بيرمام وأعلن مجلس أمن إقليم كردستان أن ميليشيا حزب الله العراق نفذت الهجوم. فما هي الرسالة الامنية المفخخة الموجّهة الى اربيل وبغداد من هكذا استهداف؟
طائرة مسيرة مفخّخة انفجرت عند الساعة 9:35 مساء الاربعاء على طريق بيرمام في اربيل ما أدى إلى إصابة ثلاثة مواطنين بجروح طفيفة، فيما تعرّض مطعم وعدة سيارات لأضرار مادية. والموقع الذي انفجرت فيه المسيّرة يبعد ثلاثة كيلومترات عن مبنى جديد للقنصلية الأميركية لا يزال قيد الإنشاء، كما يبعد مئات الأمتار عن قنصلية دولة الإمارات العربية المتحدّة ومقر أمني تابع لقوات الأسايش، أي قوات الأمن الداخلي في الإقليم المتمتع بحكم ذاتي والواقع في شمال العراق. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم.
الرسالة والمضمون
في السياق، يعتبر الباحث والمحلل السياسي العراقي وعضو المركز العربي - الأسترالي أحمد الياسري في حديث لـ"جسور" أن "استمرار عمليّة الإستهداف لها رسائل خارجيّة أكثر منها داخليّة لأن تفاعلات المنطقة السياسية والتفاهمات التي تمت اخيرا خصوصًا مع توقيع قانون الأمن الغذائي والتنمية الإدارية الذي مرره البرلمان العراقي تعطي انطباعا أن القوى السياسية التي تدعم فكرة الفصائلية هي ضمن نطاق التفاهمات، فهذه الرسائل العسكرية الإستهدافية - الجزء الداخلي منها- ضعف بعد حال الإنفتاح الجزئي."
ويعتبر أن هذا الإستهداف هو رسالة خارجية مباشرة من إيران، الدولة التي ترعى القوى المستهدِفة للولايات المتحدة ومضامين هذه الرسالة موضوع متعلّق بتشكيل حال ضغط على حكومة الرئيس الأميركي جو بايدن واحراجه بالداخل الأميركي خصوصا بعد موقف الكونغرس الأخير والتصويت على مشروع قانون متعلّق بإجباره على الضغط على ايران بموضوع الحرس الثوري.
ويقول الياسري: "ايران تريد أن ترسل رسالة والشق الأول منها هو أن الحرس الثوري سيبقى اللاعب الأساس بإدارة النفوذ الإيراني في المنطقة عبر الميادين وبين يديه الميدان العراقي على رأسها وهو ميدان الإحتكاك المباشر بين الإستراتيجيات الأمنية الإيرانية من جهة والأميركية من جهة أخرى". ويضيف: "الرسالة هي خارجية وموجّهة لأميركا بسبب التفاعلات الداخلية وبسبب التعثر الذي حصل بملف الإتفاق النووي إضافة الى أنه رد جاء بعد حالات الإستهداف المتكررة في الداخل الإيراني لقيادات الحرس الثوري، فإذا ايران تريد أن تعطي انطباعا داعما حين تتعرّض الى محاولات استهداف داخلية فهي تقوم باستهدافات عسكرية في الداخل العراقي".
النفط والأمن
يوضح الياسري أن "حاجة الأسواق العالمية للطاقة في هذا التوقيت تدفع أميركا لإبرام تفاهمات مع تركيا لمدّ أنبوب الغاز من اقليم كردستان وهذا المشروع بالتعاون مع شركة توتال الفرنسية التي فازت بعقد في حقل في جنوب العراق لانتاج الغاز العراقي، ممكن أن يكون العراق هو الساحة الإنتاجية البديلة للغاز وهذا الأمر يضعف الإقتصاد الإيراني على المستوى البعيد.
ويعتبر الياسري أن "الوضع الأمني سيبقى على ما هو عليه موضحا أن عدم وجود حال إنفراج أو حتى استراتيجية انفراج بالمشهج السياسي العراقي ومحاولة عودة الكتل السياسية خارج نطاق التأثير الخارجي وهو امر لم يحصل وهو ما يفسّر وجود حال القلق الأمنية المستمرة في المشهد السياسي العراقي لأن السياسة والأمن في العراق عاملان غير منفصلين".
الحكومة ترفض الترهيب
أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في اتصال مع رئيس وزراء إقليم كردستان، مسرور بارزاني، أن "الاعتداء يترجم إصرار البعض على تكريس منطق الفوضى وضرب مفاهيم الدولة". وأضاف الكاظمي أن "الحكومة العراقية ترفض كل أشكال ترهيب المواطنين والاعتداء على القانون والدولة"، مضيفا أن "الحكومة ماضية بالتعاون مع حكومة الإقليم في ملاحقة الجهات التي تسعى إلى زعزعة الاستقرار."
عمل مدان
من جهته، قال الرئيس العراقي برهم صالح، إن الاعتداء الذي تعرضت له مدينة أربيل عمل إجرامي مُدان ومستنكر يستهدف الجهود الوطنية لحماية أمن البلاد وسلامة المواطنين. وشدد صالح على الوقوف بحزم ضد محاولات زج البلاد في الفوضى وتقويض الأمن والاستقرار. اضاف: لا بد من توحيد الصف الوطني وترسيخ مرجعية الدولة وأجهزتها الأمنية ضد الخارجين عن القانون.