بعد دعوات أنصار الحكم المدني في السودان إلى التظاهر من جهة، ومساندي الحكم العسكري للمطالبة بحل الحكومة الحالية، من جهة ثانية، دعا الفريقان السودانيان المتنافسان إلى التهدئة، خوفاً من أن تؤدي هذه الدعوات إلى توترات أمنية وذلك بالتزامن مع ذكرى ثورة أكتوبر 1964.
وفي وقت تنظم في الخرطوم ومختلف ولايات السودان تظاهرات جديدة دعما للحكم المدني، وتأييدا لإكمال هياكل السلطة الانتقالية وتسليم رئاسة مجلس السيادة الانتقالي إلى المدنيين، أغلق الجيش السوداني الشوارع المؤدية إلى القيادة العامة للقوات المسلحة، وأمر النائب العام المكلف، مبارك محمود عثمان، بتشكيل غرفة مركزية معنية بالإشراف والمتابعة برئاسته، بغية حماية مواكب وتظاهرات اليوم.
وتقرر نشر أكثر من 40 وكيل نيابة على القطاعات بالولاية، ووجهت رؤساء النيابات في جميع ولايات السودان باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية وتأمين المواكب والتظاهرات.
وأعلن عدد من الأحزاب السياسية والأجسام المهنية ولجان المقاومة تسيير مواكب تتباين أهدافها وتوجهاتها.
ودعوات التظاهرات أطلقها المجلس المركزي للحرية والتغيير، الجمعة الماضية، حيث دعا فيها إلى مقاطعة تظاهرات مجموعة الإصلاح بقوى الحرية والتغيير والخروج في مسيرات يوم 21 أكتوبر/ تشرين الاول للمطالبة بأن تكون أجهزة الشرطة والمخابرات تحت إدارة مدنية، وكذلك احترام الوثيقة الدستورية واتفاق جوبا لسلام السودان.
وتستمر الاحتجاجات الشعبية مطالبة بسلطة مدنية وقد تخللتها اضطرابات وفض اعتصام بالقوة، سقط خلاله قتلى وجرحى.
خطة محكمة
وأعلنت وزارة الداخلية السودانية، عن وضعها "خطة محكمة" لحماية تظاهرات الخميس في خلال لقاء عضو مجلس السيادة عن المكون المدني، محمد حسن التعايشي، مع وزير الداخلية عز الدين الشيخ، بحسب بيان من إعلام مجلس السيادة.
وطالبت الحكومة السودانية، المحتجين الموالين للجانب العسكري بوقف التصعيد بعد أن فضت الشرطة تظاهرة تطالب بإسقاط الحكومة انطلقت من اعتصامهم.
وأشار مجلس الوزراء السوداني في بيان، عقب جلسة طارئة إلى أن "مجلس الوزراء قد شدد على أهمية أن تنأى جميع الأطراف عن التصعيد والتصعيد المضاد، وأن يعلي الجميع المصلحة العليا للمواطنين السودانيين".
بدوره، قال ممثل لجان المقاومة المنظمة للاحتجاجات المطالبة بحكم مدني علي عمّار: "موكبنا لن يقترب من القصر الجمهوري أو مجلس الوزراء حتى لا يحدث صدام مع المعتصمين. هذا ما يريده البعض، لكن ثورتنا بدأت سلمية ونريد لها أن تستمر سلمية".
ودعت سفارة الولايات المتحدة بالخرطوم المتظاهرين إلى الحفاظ على الطابع "السلمي" للاحتجاج.
وقالت في بيان "نشجّع المتظاهرين على السلمية ونذكّرهم بالدعم الاميركي القوي للانتقال الديمقراطي في السودان".
قادة المجتمع المدني مهددون
من جهة أخرى، أعربت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان عن بالغ القلق إزاء استمرار التهديدات والمضايقات والترهيب للمدافعين البارزين عن حقوق الإنسان والصحفيين والجهات الفاعلة في المجتمع المدني، والذين لعب العديد منهم دورا رئيسيا في عمليات السلام والعدالة في البلاد.
وقد تسببت التهديدات التي تعرضوا لها من قبل جهاز الأمن الوطني في فرار البعض من البلاد، بينما يواصل جهاز الأمن مضايقة زملائهم وعائلاتهم، وفقا لبيان أصدرته اللجنة، .
وقالت رئيسة لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان، ياسمين سوكا إن "الفضاء المدني في جنوب السودان يتآكل بوتيرة متسارعة، مما يقوض الجهود المبذولة لتحقيق سلام مستدام".
وتابعت: "يتسبب إفراط الأجهزة الأمنية في منع المعارضة والانتقاد في فرار أصحاب المصلحة الرئيسيين المشاركين في عمليات العدالة الدستورية والانتقالية من البلاد، ويثبط مشاركة الآخرين. إن ذلك يعارض جهود الحكومة في هذه المجالات الحاسمة".
جهاز الأمن الوطني يهدد السلام
وفي وقت دعت فيه الحكومة إلى المشاركة العامة في العمليات الانتقالية، يشير المفوض أندرو كلافام إلى استهداف أجهزة الأمن الوطني بعضا من أبرز قادة المجتمع المدني في جنوب السودان.
وقال إن "جهاز الأمن الوطني يهدد السلام ويجب السيطرة عليه".