رغم المسافة الجغرافية البعيدة عن الحرب المستجدة بين روسيا وأوكرانيا إلا أن العالم العربي لن يكون بمنأى عن تداعياتها، إذ من المتوقع أن تكون عواقبها وخيمة اقتصادياً وسياسياً كما عسكرياً على عدة دول عربية من بينها لبنان ومصر واليمن، كما سوريا وليبيا.
وفي حين أشار تقرير صحافي الى أن ليبيا وسوريا اللتين تضمان قاعدتين عسكرتين لروسيا، ستتأثران بشكل مباشر في نزاع عسكري مفتوح بين موسكو وكييف، أفاد تقرير نشره معهد الشرق الأوسط في واشنطن بأن لبنان وليبيا يستوردان نحو 40% من قمحهما من روسيا وأوكرانيا، واليمن نحو 20%، ومصر نحو 80%.
في المقابل، يختلف المشهد مع دول الخليج العربي إذ أشار التقرير الى أنها قد تستفيد من ارتفاع أسعار الطاقة، ما سيحمل لها مكاسب ماليةً ضخمةً، ويرجح أن تأخذ حصة روسيا في السوق الغربي.
"توازن الضغط"
ولنقل صورة أوضح حول ارتداد الأزمة على العالم العربي تواصلت "جسور" مع المتخصص في الشأن الروسي الدكتور رائد الجبر الذي أشار بداية إلى أن تأثيرات الأزمة من الناحية العسكرية لن تكون كبيرة في ليبيا لأن الدور الروسي ليس قوياً فيها.
في المقابل، يرى أن المشهد في سوريا مختلف "إذ بدأت روسيا بتحضير الأرضية اللوجستية فيها منذ سنة، عبر قيامها بتوسيع مدرجات الهبوط في مطار حميميم لإرسال أنظمة صاروخية حديثة وطائرات عملاقة بالاضافة إلى توسيع القاعدة العسكرية في مرفأ طرطوس لاستقبال السفن الحربية الروسية".
ورجح الجبر أن تتحول سوريا إلى جزء من المواجهة الروسية مع الغرب بهدف خلق ما أسماه "توازن الضغط". بالتالي، "بعد التحضيرات اللوجسيتية، واكتمال الأسطول الروسي البحري والجوي من المحتمل أن يشهد حوض البحر المتوسط اتساعاً للنشاط الروسي ويتحول لنقطة الانطلاق لتنفيذ مهمات ضد الغرب كما أضاف المحلّل السياسي.
التسوية السورية
في سياق متصل، يرى الجبر أن الأزمة ستلقي بظلالها على العالم العربي من الناحية السياسية وتحديداً سوريا التي ستتجمد المفاوضات حولها بين طرفي النزاع روسيا والولايات المتحدة الأميركية والتي سبق أن انطلقت بينهما، فتذهب التسوية السورية في مهب الريح.
الحرب بين الدولتين الجارتين ستضع العالم العربي أمام أزمة اقتصادية أيضاً كما لفت الجبر لأنه يعتمد بالدرجة الأولى على روسيا وأوكرانيا أهم مصدّرين للحبوب والأسمدة الزراعية التي تشكل 80% من حاجة سوقه.
عقوبات على العالم العربي
من ناحية أخرى، أشار الجبر إلى احتمال تضرر الدول العربية من عقوبات قد يفرضها الغرب عليها في حال وقّعت على عقود تجارية مع روسيا بهدف تضييق الخناق على بوتين.
إشارة إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن توعد بوتين بالعزلة السياسية وبتحويله إلى منبوذ من قبل الغرب.
التطورات على الساحة الأوكرانية إن لم يتم احتواؤها قد تكشف عن المزيد من التداعيات العابرة لحدود القارات مع كل الأسلحة الفتاكة وأيضاً السيبرانية التي باتت في عهدة الدول العظمى.