لا تزال العودة الخليجية الى لبنان طاغية بقوة على المشهد الداخلي في ظل الحركة المكوكية التي يقوم بها السفير السعودي وليد بخاري في أكثر من اتجاه، وفي قراءة لعودة سفراء الخليج إلى بيروت، طرحت منصة "جسور" عبر مساحات تويتر Twitter Spaces نقاشاً تحت عنوان: "عودة الخليج الى لبنان.. انتخابات أم لعبة محاور؟"، أدارته الزميلة إيلده الغصين، وشارك فيه المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي الدكتور محمد الحبابي، والكاتب الباحث السياسي نوفل ضو، ورئيس مركز التفكير السياسي العراقي الدكتور إحسان الشمري، والمستشار الأسبق لرئيس الحكومة اللبنانية خلدون الشريف، والإعلامي والناشط السياسي طارق أبو زينب، والصحافي صهيب جوهر.
خلافات عقيمة
أمام الحركة النشطة التي يقوم بها السفير بخاري في الفترة الأخيرة على أكثر من صعيد، رأى المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي، الدكتور محمد الحبابي، أن "هناك مشاكل في لبنان أولها أن الأخوة في الأطياف السياسية غير متفقين، رغم أنهم أثرياء جدا وأرصدتهم موجودة في مختلف البنوك في لبنان وخارجه"، لافتا إلى أنّ "المواطن اللبناني يُعاني من أقل الأمور التي يجب أن يتمتع بها (الماء، الكهرباء، التعليم، الطبابة...) كما أن الليرة اللبنانية في تدهور متواصل، والمعيشة في غلاء فاحش"، مؤكدا أن "الأمور صعبة جدا على المواطن اللبناني"، لافتاً إلى أن عودة الدول الخليجية "طبيعية وإنسانية" في ظل هذه الظروف.
دور فرنسا
أما الكاتب والباحث السياسي، نوفل ضو، فقال: "نخطئ إذا اعتبرنا أن المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي أعادوا سفراءهم إلى لبنان نتيجة لتدخل فرنسي، فالسعودية على رأس دول مجلس التعاون باتت قوة إقليمية أساسية ولاعبا دوليا بالغ الأهمية، وبالتالي فإن وجهة النظر السعودية هي التي تؤثر في السياسية الفرنسية وليس العكس".
عملياً، بيّن نوفل أنّه "ثمة اتجاه لدى البعض عن سوء نية أو عن عدم معرفة بالتطورات، لتصوير الأمور وكأن هناك ضغط ما من فرنسا تجاه المملكة العربية السعودية أو على دول مجلس التعاون الخليجي لإعادتها إلى الحضن اللبناني أو لدفعها إلى تقديم مساعدات إلى لبنان"، موضحا أنه "على العكس من ذلك، فالسياسية أو الدبلوماسية السعودية هي التي أثّرت في السياسة الفرنسية وهي التي أدت إلى تغييرات كثيرة في المواقف الفرنسية ليس فقط بالنسبة إلى الموقف من السعودية وإنما أيضا من طريقة التعاطي مع الواقع اللبناني".
وأضاف نوفل: "كلنا يعي الاندفاعة الفرنسية السابقة التي كانت تحاول إلى حد ما تعويم المنظومة السياسية من خلال الطروحات الحكومية والقنوات المفتوحة من تحت الطاولة مع حزب الله ومن فوق الطاولة مع إيران في موضوع الاتفاق النووي والدور الفرنسي في تسهيل هذا الاتفاق"، كل هذه الأمور يعتقد نوفل أن الرياض وقفت في وجهها بشكل واضح وصريح وتعاطت مع الموقف الفرنسي بناءً للمصالح العربية واللبنانية وهي فرملة إلى حد كبير للاندفاعة الفرنسية، مشيرا إلى أنّ "الدبلوماسية الفرنسية باتت تسير على وقع الرؤية السعودية وليس العكس".
قوة إقليمية
وتابع نوفل: "هناك صورة مهمة جدا في منزل السفير بخاري الذي عندما دعا بعض الشخصيات اللبنانية المسؤولين الحاليين والسابقين إلى إفطار في دارته دعاهم في حضور السفيرة الفرنسية والسفير الأميركية وعدد من السفراء العرب، أعتقد أن الرسالة المهمة من خلال هذه الصورة للبنانيين والتي يجب أن يفهمها اللبنانيون على مستوى القواعد الشعبية من جهة والأهم من ذلك على مستوى القيادات السياسية، أنهم يتعاطون مع الرياض."
وفي معرض حديثه، أكد نوفل أنّ "السعودية هي قوة إقليمية أساسية ولاعب إقليمي، وهي شريك دولي مهم في رسم السياسات داخل منطقة الشرق الأوسط، وباتت فرنسا تعي تمام المعرفة أنه لا يمكنها أن تدخل إلى أي ملف في الشرق الأوسط من دون المرور بالمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، وخصوصا فيما يتعلق بالملف اللبناني"، مشيرا إلى أنه "على الرغم من كل العلاقات التاريخية التي تربط لبنان بفرنسا، هناك علاقات تاريخية أقدم تربط بيروت بالرياض وبالتالي على فرنسا أن تأخذ بعين الإعتبار المصالح العربية وليس فقط المصالح الإيرانية في إدارة ورسم سياساتها في لبنان."
وأوضح نوفل، أنّ "الصورة تقول إن ما تقوم به السعودية في لبنان أو موقف السعودية من الواقع اللبناني ليس موقفا تتفرّد به المملكة، لكنه موقف محاط بتوافق على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، والكثير من الدول العربية في الدرجة الأولى"، وثانيا يقول نوفل إنه "موقف محاط ويحظى بغطاء مهم من قبل المجتمع الدولي وتحديدا الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وهذا واقع يجعل من الساحة اللبنانية في هذه المرحلة ساحة أمام فرصة تاريخية على حد تعبيره.
ولفت إلى أن ما قامت به الدبلوماسية السعودية هو فتح الباب من جديد أمام المسؤولين اللبنانيين الموجودين في مواقع القرار أو في مواقع السلطة ليستفيدوا من هذه الفرصة لتصحيح سياساتهم، كاشفا أن المطلوب في هذه المرحلة هو أن يغيّر المسؤولون اللبنانيون سلوكهم بانتظار الانتخابات النيابية وبمعزل عن نتائج هذه الانتخابات فالمطلوب أيضا بحسب نوفل، تغيير في تموضع لبنان الحالي على مستوى الجيوسياسي والاستراتيجي، إذ لا يمكن للبنان أن يستمر في تموضعه الحالي إلى جانب إيران وحزب الله وإلى جانب تغطية المشروع الإيراني في لبنان وفي المنطقة.
ظروف العودة
من جهته، رأى المستشار الأسبق لرئيس الحكومة اللبنانية، خلدون الشريف، أن "عودة السفراء هي مسألة طبيعية جدا ولا يجب أن تأخذ أكثر من أبعادها، كونها عودة طبيعية لعلاقات دبلوماسية بين دولة عربية ودول شقيقة هي دول مجلس التعاون الخليجي"، وأضاف انّ "السبب الذي غادر لأجله السفراء كان معروفا بسبب تصريح لوزير الإعلام اللبناني الأسبق جورج قرداحي، وبالطبع الرئيس الفرنسي أثار موضوع لبنان مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وتم وقتها اتصال ثلاثي من الرئيس ماكرون إلى الرئيس ميقاتي وتحدث معه ولي العهد وعملت بموجبه الحكومة اللبنانية بقدر استطاعتها لمحاولة إرضاء دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية". وأكد الشريف، "أن العلاقات لم تعد كما كانت عليه في السابق، لأن الخلاف بين لبنان ودول الخليج يعود لنظرة دول الخليج وعدد كبير من دول العالم إلى أن لبنان هو جزء من محور إيراني في المنطقة، هو القوس الممتد من طهران إلى بغداد مرورا بدمشق وبيروت ووصولا إلى صنعاء، وبالتالي هناك انقسام في المحاور وهذه مشكلة حصلت في لبنان قبل ذلك أي خلال عامي 1957 و1958 مع رئاسة كميل شمعون (ثاني رئيس للجمهورية اللبنانية بعد الإستقلال، انتخب سنة 1952 بعد استقالة بشارة الخوري)، حين دخل لبنان في حلف بغداد".
وشرح الشريف، أنّ" دخول لبنان في الحلف الإيراني حاليا هو الذي أدى بشكل أساسي إلى انسحاب أو ابتعاد دول مجلس التعاون الخليجي وعدد كبير من الدول العربية عن لبنان"، لافتا إلى أنّ "العودة الان تنمّ عن أن حراكا ما يجري في المنطقة وهذا ما رأيناه في اليمن والعراق وسوريا ونراه في لبنان الان، فالدعوة التي وجّهها ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، للرئيس السوري بشار الأسد، تدخل ضمن هذا الإطار ولقاء الرياض الذي حصل والذي تشكّل بموجبه مجلس انتقالي في اليمن يدخل أيضا في هذا الإطار خصوصا وأن هذا المجلس الإنتقالي ذاهب للحوار مع الحوثيين".
وبالعودة إلى لبنان، يقول الشريف، إن "العودة الخليجية قد تكون مرتبطة بهذا الجو المريح لكنه ليس بالضرورة منتجا بل هو جو تحضيري، إنما لاتفاقات أم لاستمرار الصراع، والأيام القليلة المقبلة كفيلة بالكشف عن ذلك"، مبينا، أنه "عندما يعود سفير السعودية إلى لبنان يكون صاحب حضور وهذا الحضور ليس حصريا للسفير وليد البخاري بما أنه ضليع فيه وقادر عليه هو حضور مرتبط بسفير المملكة العربية السعودية وسفير خادم الحرمين الشريفين في لبنان منذ زمن طويل، وبالتالي من الطبيعي أن يتحرك السفير السعودي ضمن الأطر التي يتحرك بها كل سفير سعودي عبر تاريخ لبنان وتاريخ العلاقات مع المملكة العربية السعودية".
تطور ملموس!
أما الإعلامي والناشط السياسي، طارق أبو زينب، فاعتبر أن "عودة العلاقات الخليجية واللبنانية التي شهدناها في الفترة الأخيرة هي تطور ملموس وتمثلت بعودة سفراء الخليج بعد خمسة أشهر تقريبا من القطيعة، وتأتي لأسباب عدة، أولها استجابة لمناشدات القوى السياسية السيادية المعتدلة والتزام الحكومة اللبنانية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز التعاون مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي ومنها التزام لبنان بعدم إرسال شحنات من المخدرات والممنوعات إلى دول الخليج، فضلا عن عدم التدخل في الشؤون الخليجية، وأيضا وقف كل الأنشطة العسكرية والأمنية والسياسية التي تمسّ بالرياض ودول مجلس التعاون الخليجي."
وتأتي هذه الخطوة الخليجية بحسب أبو زينب، "نتيجة نشاط دبلوماسي كويتي - فرنسي خلال الفترة الماضية، إنعكست بشكل إيجابي على نتائج عدد من القمم وأبرزها القمة التي عقدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وأيضا المبادرة الكويتية تمثلت بزيارة وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح، من جهة أخرى".
وتابع زينب، أن "توقيت عودة السفراء حاليا بعد مشاورات مع عدد من العواصم العربية مهم جدا، وعلى اللبنانيين أن يأخذوا هذه التحركات الخليجية تجاه لبنان في عين الإعتبار، وعدم التدخل والإنخراط في لعبة المحاور الإقليمية وأن يمنعوا تمرير أي رسائل سياسية لخدمة أية أجندة خارجية".
خلافات عقيمة
أمام الحركة النشطة التي يقوم بها السفير بخاري في الفترة الأخيرة على أكثر من صعيد، رأى المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي، الدكتور محمد الحبابي، أن "هناك مشاكل في لبنان أولها أن الأخوة في الأطياف السياسية غير متفقين، رغم أنهم أثرياء جدا وأرصدتهم موجودة في مختلف البنوك في لبنان وخارجه"، لافتا إلى أنّ "المواطن اللبناني يُعاني من أقل الأمور التي يجب أن يتمتع بها (الماء، الكهرباء، التعليم، الطبابة...) كما أن الليرة اللبنانية في تدهور متواصل، والمعيشة في غلاء فاحش"، مؤكدا أن "الأمور صعبة جدا على المواطن اللبناني"، لافتاً إلى أن عودة الدول الخليجية "طبيعية وإنسانية" في ظل هذه الظروف.
دور فرنسا
أما الكاتب والباحث السياسي، نوفل ضو، فقال: "نخطئ إذا اعتبرنا أن المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي أعادوا سفراءهم إلى لبنان نتيجة لتدخل فرنسي، فالسعودية على رأس دول مجلس التعاون باتت قوة إقليمية أساسية ولاعبا دوليا بالغ الأهمية، وبالتالي فإن وجهة النظر السعودية هي التي تؤثر في السياسية الفرنسية وليس العكس".
عملياً، بيّن نوفل أنّه "ثمة اتجاه لدى البعض عن سوء نية أو عن عدم معرفة بالتطورات، لتصوير الأمور وكأن هناك ضغط ما من فرنسا تجاه المملكة العربية السعودية أو على دول مجلس التعاون الخليجي لإعادتها إلى الحضن اللبناني أو لدفعها إلى تقديم مساعدات إلى لبنان"، موضحا أنه "على العكس من ذلك، فالسياسية أو الدبلوماسية السعودية هي التي أثّرت في السياسة الفرنسية وهي التي أدت إلى تغييرات كثيرة في المواقف الفرنسية ليس فقط بالنسبة إلى الموقف من السعودية وإنما أيضا من طريقة التعاطي مع الواقع اللبناني".
وأضاف نوفل: "كلنا يعي الاندفاعة الفرنسية السابقة التي كانت تحاول إلى حد ما تعويم المنظومة السياسية من خلال الطروحات الحكومية والقنوات المفتوحة من تحت الطاولة مع حزب الله ومن فوق الطاولة مع إيران في موضوع الاتفاق النووي والدور الفرنسي في تسهيل هذا الاتفاق"، كل هذه الأمور يعتقد نوفل أن الرياض وقفت في وجهها بشكل واضح وصريح وتعاطت مع الموقف الفرنسي بناءً للمصالح العربية واللبنانية وهي فرملة إلى حد كبير للاندفاعة الفرنسية، مشيرا إلى أنّ "الدبلوماسية الفرنسية باتت تسير على وقع الرؤية السعودية وليس العكس".
قوة إقليمية
وتابع نوفل: "هناك صورة مهمة جدا في منزل السفير بخاري الذي عندما دعا بعض الشخصيات اللبنانية المسؤولين الحاليين والسابقين إلى إفطار في دارته دعاهم في حضور السفيرة الفرنسية والسفير الأميركية وعدد من السفراء العرب، أعتقد أن الرسالة المهمة من خلال هذه الصورة للبنانيين والتي يجب أن يفهمها اللبنانيون على مستوى القواعد الشعبية من جهة والأهم من ذلك على مستوى القيادات السياسية، أنهم يتعاطون مع الرياض."
وفي معرض حديثه، أكد نوفل أنّ "السعودية هي قوة إقليمية أساسية ولاعب إقليمي، وهي شريك دولي مهم في رسم السياسات داخل منطقة الشرق الأوسط، وباتت فرنسا تعي تمام المعرفة أنه لا يمكنها أن تدخل إلى أي ملف في الشرق الأوسط من دون المرور بالمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، وخصوصا فيما يتعلق بالملف اللبناني"، مشيرا إلى أنه "على الرغم من كل العلاقات التاريخية التي تربط لبنان بفرنسا، هناك علاقات تاريخية أقدم تربط بيروت بالرياض وبالتالي على فرنسا أن تأخذ بعين الإعتبار المصالح العربية وليس فقط المصالح الإيرانية في إدارة ورسم سياساتها في لبنان."
وأوضح نوفل، أنّ "الصورة تقول إن ما تقوم به السعودية في لبنان أو موقف السعودية من الواقع اللبناني ليس موقفا تتفرّد به المملكة، لكنه موقف محاط بتوافق على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، والكثير من الدول العربية في الدرجة الأولى"، وثانيا يقول نوفل إنه "موقف محاط ويحظى بغطاء مهم من قبل المجتمع الدولي وتحديدا الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وهذا واقع يجعل من الساحة اللبنانية في هذه المرحلة ساحة أمام فرصة تاريخية على حد تعبيره.
ولفت إلى أن ما قامت به الدبلوماسية السعودية هو فتح الباب من جديد أمام المسؤولين اللبنانيين الموجودين في مواقع القرار أو في مواقع السلطة ليستفيدوا من هذه الفرصة لتصحيح سياساتهم، كاشفا أن المطلوب في هذه المرحلة هو أن يغيّر المسؤولون اللبنانيون سلوكهم بانتظار الانتخابات النيابية وبمعزل عن نتائج هذه الانتخابات فالمطلوب أيضا بحسب نوفل، تغيير في تموضع لبنان الحالي على مستوى الجيوسياسي والاستراتيجي، إذ لا يمكن للبنان أن يستمر في تموضعه الحالي إلى جانب إيران وحزب الله وإلى جانب تغطية المشروع الإيراني في لبنان وفي المنطقة.
ظروف العودة
من جهته، رأى المستشار الأسبق لرئيس الحكومة اللبنانية، خلدون الشريف، أن "عودة السفراء هي مسألة طبيعية جدا ولا يجب أن تأخذ أكثر من أبعادها، كونها عودة طبيعية لعلاقات دبلوماسية بين دولة عربية ودول شقيقة هي دول مجلس التعاون الخليجي"، وأضاف انّ "السبب الذي غادر لأجله السفراء كان معروفا بسبب تصريح لوزير الإعلام اللبناني الأسبق جورج قرداحي، وبالطبع الرئيس الفرنسي أثار موضوع لبنان مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وتم وقتها اتصال ثلاثي من الرئيس ماكرون إلى الرئيس ميقاتي وتحدث معه ولي العهد وعملت بموجبه الحكومة اللبنانية بقدر استطاعتها لمحاولة إرضاء دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية". وأكد الشريف، "أن العلاقات لم تعد كما كانت عليه في السابق، لأن الخلاف بين لبنان ودول الخليج يعود لنظرة دول الخليج وعدد كبير من دول العالم إلى أن لبنان هو جزء من محور إيراني في المنطقة، هو القوس الممتد من طهران إلى بغداد مرورا بدمشق وبيروت ووصولا إلى صنعاء، وبالتالي هناك انقسام في المحاور وهذه مشكلة حصلت في لبنان قبل ذلك أي خلال عامي 1957 و1958 مع رئاسة كميل شمعون (ثاني رئيس للجمهورية اللبنانية بعد الإستقلال، انتخب سنة 1952 بعد استقالة بشارة الخوري)، حين دخل لبنان في حلف بغداد".
وشرح الشريف، أنّ" دخول لبنان في الحلف الإيراني حاليا هو الذي أدى بشكل أساسي إلى انسحاب أو ابتعاد دول مجلس التعاون الخليجي وعدد كبير من الدول العربية عن لبنان"، لافتا إلى أنّ "العودة الان تنمّ عن أن حراكا ما يجري في المنطقة وهذا ما رأيناه في اليمن والعراق وسوريا ونراه في لبنان الان، فالدعوة التي وجّهها ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، للرئيس السوري بشار الأسد، تدخل ضمن هذا الإطار ولقاء الرياض الذي حصل والذي تشكّل بموجبه مجلس انتقالي في اليمن يدخل أيضا في هذا الإطار خصوصا وأن هذا المجلس الإنتقالي ذاهب للحوار مع الحوثيين".
وبالعودة إلى لبنان، يقول الشريف، إن "العودة الخليجية قد تكون مرتبطة بهذا الجو المريح لكنه ليس بالضرورة منتجا بل هو جو تحضيري، إنما لاتفاقات أم لاستمرار الصراع، والأيام القليلة المقبلة كفيلة بالكشف عن ذلك"، مبينا، أنه "عندما يعود سفير السعودية إلى لبنان يكون صاحب حضور وهذا الحضور ليس حصريا للسفير وليد البخاري بما أنه ضليع فيه وقادر عليه هو حضور مرتبط بسفير المملكة العربية السعودية وسفير خادم الحرمين الشريفين في لبنان منذ زمن طويل، وبالتالي من الطبيعي أن يتحرك السفير السعودي ضمن الأطر التي يتحرك بها كل سفير سعودي عبر تاريخ لبنان وتاريخ العلاقات مع المملكة العربية السعودية".
تطور ملموس!
أما الإعلامي والناشط السياسي، طارق أبو زينب، فاعتبر أن "عودة العلاقات الخليجية واللبنانية التي شهدناها في الفترة الأخيرة هي تطور ملموس وتمثلت بعودة سفراء الخليج بعد خمسة أشهر تقريبا من القطيعة، وتأتي لأسباب عدة، أولها استجابة لمناشدات القوى السياسية السيادية المعتدلة والتزام الحكومة اللبنانية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز التعاون مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي ومنها التزام لبنان بعدم إرسال شحنات من المخدرات والممنوعات إلى دول الخليج، فضلا عن عدم التدخل في الشؤون الخليجية، وأيضا وقف كل الأنشطة العسكرية والأمنية والسياسية التي تمسّ بالرياض ودول مجلس التعاون الخليجي."
وتأتي هذه الخطوة الخليجية بحسب أبو زينب، "نتيجة نشاط دبلوماسي كويتي - فرنسي خلال الفترة الماضية، إنعكست بشكل إيجابي على نتائج عدد من القمم وأبرزها القمة التي عقدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وأيضا المبادرة الكويتية تمثلت بزيارة وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح، من جهة أخرى".
وتابع زينب، أن "توقيت عودة السفراء حاليا بعد مشاورات مع عدد من العواصم العربية مهم جدا، وعلى اللبنانيين أن يأخذوا هذه التحركات الخليجية تجاه لبنان في عين الإعتبار، وعدم التدخل والإنخراط في لعبة المحاور الإقليمية وأن يمنعوا تمرير أي رسائل سياسية لخدمة أية أجندة خارجية".