تتسارع التطورات في السودان بعد الانقلاب العسكري، وذلك وسط تصاعد العنف في الشارع وقلق عربي ودولي، خصوصا بعد حملة الإعتقالات التي طاولت شخصيات سياسية وزعامات حزبية سودانية، ووضع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك وزوجته تحت الإقامة الجبرية.
اجتماع طارئ لمجلس الأمن وبيانات مشتركة تنبئ عن تخوفات دولية من حال الضبابية التي يتجه إليها السودان، خصوصا بعد مقتل عدد من الأشخاص وإصابة العشرات إثر إطلاق قوات الأمن السودانية النار على المحتجين في عدة مناطق في الخرطوم.
وعدد القتلى مرشح للارتفاع في ظل وجود حالات حرجة وسط المصابين، خصوصا وأن الاوضاع داخل المستشفيات صعبة للغاية في ظل نقص الكوادر والمستلزمات الطبية.
هل يُؤثر الإنقلاب على التطبيع مع إسرائيل؟
ذكرت هيئة الإذاعة الإسرائيلية "مكان" أن عدة مشاورات أجريت في إسرائيل بشأن الانقلاب في السودان، ومن المرجح أن تؤدي الخطوات الأخيرة في السودان إلى تأجيل انضمامه الرسمي إلى الاتفاقيات الإبراهيمية.
وصرح دبلوماسي سوداني كبير اليوم لـ"مكان" بأن رئيس الحكومة السودانية المعزول، عبد الله حمدوك، أراد التوقيع على الاتفاق مع إسرائيل وكان يستعد في الفترة الأخيرة للسفر إلى واشنطن للتوقيع على اتفاق السلام.
وأضاف: "ان التطبيع مع إسرائيل سيستمر أيضا بعد الانقلاب، الذي من غير المتوقع أن يؤثر فيه بشكل كبير، لأن رجال الجيش مؤيدون للتطبيع."
من جانبه، اعتبر موقع "واينت" الإسرائيلي أن الانقلاب في السودان قد تكون له عواقب وخيمة على علاقات الدولة الإفريقية مع إسرائيل وعملية التطبيع بينهما.
وأشار الموقع إلى أن "الجانب العسكري للقيادة السودانية كان يدعم التطبيع بسبب وعود الولايات المتحدة برفع العقوبات المفروضة على السودان في عهد الرئيس السوداني عمر البشير، بينما كانت الكتلة المدنية للقيادة أقل حماسا لهذه الخطوة، لكن تم إقناعها في النهاية".
وحسب التقرير الذي اعدّه الموقع، فإنه "بإمكان معارضي القيادة العسكرية الإضرار بعملية التطبيع، حيث من غير المرجح أن يقبل الغرب بحكم العسكر في السودان، ما قد يزيد من تدهور العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، وفي نهاية المطاف مع تل أبيب أيضا".
وأشار التقرير إلى أنه قبل اعتراف السودان بإسرائيل وبدء عملية التطبيع، بدأت الولايات المتحدة في رفع العقوبات عن الدولة الإفريقية، لكن الانقلاب العسكري قد يعرقل هذه العملية لنرى إعادة فرض العقوبات بمجملها، ما قد يؤدي إلى تراجع الخرطوم عن الصفقة التي توسطت فيها الولايات المتحدة.
ولم يصدر أي تعليق عن المسؤولين الإسرائيليين على أحداث السودان، وهم يتريثون في الإدلاء بتصريحات حتى تتضح الصورة في السودان، حسب صحيفة "هآرتس".
بيان مشترك
ودعا بيان أميركي - بريطاني - نرويجي مشترك، قوات الأمن السودانية إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين. وأعربت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج في البيان، عن القلق الشديد بشأن ما وصفوه بـ"الانقلاب العسكري" في السودان، وإدانة تعليق عمل مؤسسات الحكومة.
من جهتها، قالت رئيسة وكالة المعونة الأميركية سامنتا باور إن المعونة الانسانية التي تقدمها بلادها للسودان لن تتوقف.
ومازالت القوات الامنية المشتركة تنتشر بكثافة في محيط مبنى قيادة الجيش بعد استمرار إغلاق كل الطرق المؤدية اليه.
وانحصرت معظم المظاهر الاحتجاجية في الشوارع الرئيسية والفرعية داخل الأحياء السكنية، حيث عمد المحتجون إلى وضع المتاريس وقطع الطرقات لمنع حركة
القوات الأمنية.
أين حمدوك؟
في الاثناء، كشف رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، أنه "ناقش مع رئيس الحكومة، عبد الله حمدوك، توسعة المشاركة السياسية في البلاد. وفي مؤتمر صحافي، قال البرهان: "ناقشنا مع المبعوث الأميركي، جيفري فيلتمان، كيفية حل الخلاف بين القوى السياسية والجيش، وناقشنا مع حمدوك توسعة المشاركة السياسية حتى الليلة الأخيرة قبل الأحداث".
وكشف رئيس مجلس السيادة الانتقالي أن رئيس الوزراء حمدوك في منزله، وأضاف: "حمدوك يواصل حياته الطبيعية، وهو في أمان ولم يتعرض لأي أذى، لكن تم إبعاده للحفاظ على سلامته..هو في صحة جيدة وسيعود إلى منزله اليوم".
وأكمل: "حمدوك لم يكن باستطاعته العمل بحرية لأنه كان مقيدا من الناحية السياسية".
ولفت البرهان إلى أن "المحتجزين المتهمين بتهم جنائية سيظلون قيد الاعتقال، وسيتم الإفراج عن بقية المحتجزين".