منذ أكثر من عامين، تعصف بلبنان أزمة اقتصادية سبق للبنك الدولي أن صنفها ضمن أشد عشر لا بل ثلاث أزمات على مستوى العالم منذ منصف القرن التاسع عشر، بينما لا تزال السلطة الحاكمة تحاول إيجاد حلول لخرق جدار الأزمة المالية الحادة، آخرها تمثل بطرح لجنة الاقتصاد والتجارة والصناعة والتخطيط في المجلس النيابي قرارا يقضي بفرز المصارف بين Good bank، أي تلك القابلة للاستمرار، و bad bank غير القابلة للاستمرار.
وفي السياق، اعتبرت الصحافية الاقتصادية جيسي طراد قسطون في حديث لـ"جسور" أن " فرز المصارف اللبنانية بين Good bank و bad bank مقترح قديم – جديد، ومن الصعب أن يشكل مخرجا للأزمة المالية الراهنة. فالحل يكمن في سد الفجوة المالية والبحث عن حلول لاعادة أموال المودعين، ووقف الفساد المستشري في المؤسسات الدولة والقطاع العام".
وأضافت "نظرية “good bank” و “bad bank” لا تصب في مصلحة المودعين بغض النظر عن مصالح القطاع المصرفي، فجمع كل الودائع التي كانت قائمة قبل 17 أكتوبر /تشرين الأول 2019 واعتبارها ودائع "متعثرة" بمثابة اعدام غير مباشر لكل أموال المودعين."
اعدام أموال المودعين
واستطردت قائلة "نظرية “good bank” و “bad bank” تعد الحل الأسهل لاعدام أموال المودعين وحقوقهم، وتؤكد المؤكد أن السلطة السياسية تضع القوانين وفق مصلحتها الشخصية غير مبالية بالأزمة الاقتصادية الخانقة التي تضرب البلاد."
وعن اعادة هيكلة المصارف، اعتبرت قسطون أنها خطوة ضرورية ولاسيما في ظل انهيار القطاع المصرفي ولكن وفق مبادئ قانونية وعلمية وليس عبر وسائل تعسفية تضر بالمودع."
Bad bank
وكان النائب ميشال ضاهر رئيس لجنة الاقتصاد والتجارة أشار الى أن "جمع كل المصارف غير القابلة للاستمرار في مصرف واحد هو bad bank، يهدف إنشاؤه لمعالجة ودائع الناس المحجوزة، على ان يستحوذ هذا المصرف على موجودات كل المصارف التي انضوت تحته، وهي غير القادرة على الاستمرار او على رفع رأسمالها.
أما موجودات المصارف فتشمل ايداعاتها الصافية الموجودة لدى البنوك المراسلة في الخارج، إلى جانب الاصول العقارية والتوظيفات الالزامية التي تعود لها. فبعد جمع كل هذه الاموال يبدأ العمل على ردّ الأموال للافراد والشركات من دون اعطائهم أي تسهيلات".
Good bank
أما الـ Good Bank فهي المصارف القابلة للاستمرار من خلال قدرتها على رفع رأسمالها وضخ اموال جديدة عبر مساهميها او عبر مستثمرين جدد بهدف الاستمرارية.
وهنا اعتبر ضاهر أن "هذا البنك ضروري من اجل تمويل القطاعات الانتاجية، اكانت زراعية او صناعية او سياحية. وبهذا الفرز سيُجبر كل اصحاب البنوك الذين ينوون البقاء والاستمرار بأن يعيدوا ادخال اموالهم إلى لبنان. وإذا وجد اصحاب الـgood bank انّ عددهم سيكون ضئيلاً اي نحو 4 الى 5 مصارف، سيتشجعون أكثر على إدخال اموالهم الى لبنان، لأنّ حصتهم من السوق ستكون أكبر وقد تصل إلى 20 او 25%، على عكس ما كان سائداً مع وجود نحو 69 مصرفاً في السوق سابقاً".
إيقاف المقاصة بالدولار
وقال ضاهر "انّ الهدف الرئيسي من هذا الطرح هو الغاء ما يُعرف باللولار وسعر صيرفة ليعود الدولار الى قيمته الفعلية ولا يعد لولاراً ولا وهمياً، وذلك في البنكين أي bad وgood bank.."
وشدّد ضاهر على ضرورة إيقاف المقاصة بالدولار والتي هي اصل الأزمة، والعودة الى التعاطي بالعملة اللبنانية.
وأكّد انّه "من خلال هذا الطرح ما عاد هناك إعادة هيكلة للمصارف، انما كل بنك يختار طريقة اذا كان قادراً على ضخ اموال جديدة يستمر وغير القادر يسلم مفاتيحه ويتحول مصرفه إلى bad bank، على انّ هذا الخيار افضل من اعلان البنك افلاسه وخسارة المودعين لأموالهم نهائياً، لأنّ الحدّ الأقصى لتغطية «ضمان الودائع» هو 75 مليون ليرة".