عبرت كتلة التيار الصدري قبيل خروجها من البرلمان العراقي عن رغبتها في تشريع قانون لتجريم التعاملات التجارية مع تركيا وإيران، بسبب قطعهما المياه عن العراق، لكن نجاح الطرح اصطدم منذ البداية بعدة عوائق.
في الموازاة، انخفض منسوب المياه في نهري دجلة والفرات بشكل كبير وصل إلى حدود 60 بالمئة مقارنة بالعام الماضي بحسب وزير الموارد المائية العراقية مهدي رشيد. وأكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي حاكم الزاملي عن الكتلة الصدرية "أن البرلمان العراقي ربما لن يكون أمامه حل آخر للرد به على الجارتين" مشيراً إلى أن "إيران غيرت مسار أربعة أنهر كانت تنطلق من أراضيها باتجاه العراق، ليكون حجم المياه الواصلة لا شيئ، أما تركيا فتطلق 20 بالمئة فقط من المياه ليس حبا بالعراق، وإنما من أجل إنتاج الكهرباء عبر سد إليسو".
مبادرة ميتة
التهديد بالملف الاقتصادي يرى فيه الخبير الإقتصادي والسياسي نبيل جبار العلي "خطوة جريئة على صعيد التشريعات وأيضاً الخطاب السياسي" مضيفاً أن استخدامه مع ايران وتركيا "ضرورة من أجل التفاوض حول ملفات المياه"، إلا أن العلي عاد ولفت أن المبادرة "ولدت ميتة لأنها تصطدم بعوائق اقتصادية وسياسية".
عوائق اقتصادية
من الناحية الاقتصادية يشرح قائلاً " يفوق حجم الميزان التجاري العراقي مع تركيا وايران عشرين مليار دولار سنوياً أي ما يقارب الـ 40% حتى 50% من مجمل الاستيراد العراقي وقيمته 50 مليار دولار" فمن تركيا يستورد العراق بقيمة 10 مليارات دولار سنويا في منتجات عدة من زراعية وغذائية إضافة إلى الألبسة والكماليات وصولا إلى السلع المعمرة والأجهزة والمعدات"، أما من إيران فيستورد "مجموعة منوعة من السلع تقدر سنوياً بأكثر من 9 ميارات دولار من ضمنها أيضاً "منتجات زراعية وغذائية يضاف إليها المنسوجات والحديد والالبان، كما تستورد الحكومة الوقود والغاز الطبيعي المستخدم في توليد الطاقة داخل العراق كذلك بعض المنتوجات النفطية".
أمام هذا الواقع، يصعب على الأسواق العراقية وبعض مؤسسات الدولة ومنها وزارتا النفط والكهرباء الإقدام على خطوة مماثلة في الوقت الراهن، يؤكد العلي "إذ عليها أولاً إيجاد البديل التجاري المناسب لتغطية حاجة السوق والاستهلاك المحلي"، مضيفاً أن "استراتيجية الاستغناء التجاري "يجب أن تمر من خلال قانون على شكل بناء حقيقي".
عوائق سياسية
واستبعد الخبير الاقتصادي أن يرى القانون النور لأسباب سياسية أيضاً "تشريع مثل هذا القانون داخل قبة البرلمان يتطلب مشاركة سياسية واسعة من قبل كتل سياسية عديدة ومع انسحاب الكتلة الصدرية بات الأمر أكثر صعوبة، كما أنه يصطدم بتوجهات كتل وأحزاب سياسية أخرى ليس لديها الرغبة في وضع سياسيات حادة تجاه إيران وتركيا" لافتاً إلى أن المشروع "سيبقى في ذاكرة العراقيين كمشروع سياسي يحسب للصدريين تبنيه للمرة الأولى، رغم مطالبة المراقبين والمختصين بالامر ذاته مراراً".