دخلت قوات الأمن العراقية في بغداد حال إنذار شملت قطع عدد من الجسور والطرق الرئيسة المحيطة بالمنطقة الخضراء وسط تحليق مروحيات عسكرية، قبيل عقد جلسة برلمانية مفترضة، عند الساعة السادسة مساء الخميس، للتصويت على حكومة رئيس الوزراء المكلّف محمد شياع السوداني، بعد نحو أسبوعين من تكليفه مهمة تشكيلها، وأكثر من عام عاشت فيها البلاد أزمة سياسية حادة.
وبات حسم تمرير كابينة السوداني، أمرا محسوما في جلسة البرلمان، وفقا لمراقبين أشاروا في الوقت ذاته إلى أن مجموعة تحديات ستواجه الحكومة المقبلة في ظل رفض التيار الصدري المسبق لها واعتماد "الطريقة الكلاسيكية" في تشكيلها.
ثقة مضمونة؟
وعن هذا الشأن، تحدث عضو الجمعية العراقية للعلوم السياسية، الدكتور عمار البهادلي، في اتصال مع "جسور"، مرجحا أنّ حكومة السوداني ستمرّر بالأغلبية المطلقة المريحة بحسب أحكام المادة 76 من الدستور التي اشترطت أغلبية مطلقة، بمعنى أن يكون هناك 165 صوتا متوفرا لتمريرها.
وأوضح البهادلي، أن التصويت في البداية سيكون على المنهاج الحكومي، ومن بعده يتم التصويت على وزراء منفردين، لافتا إلى أنّ الحكومة ستولد اليوم منقوصة، باعتبار أن هناك حقائب وزارية لن يتم الإتفاق عليها بسبب ربما عدم التفاهمات بين الكتل والمكوّنات المجتمعية والسياسية، فبالتالي هناك حال من الإستعجال لدى مختلف أطراف تحالف "إدارة الدولة" (ويضمّ الأحزاب الشيعية الموالية لإيران المنضوية في الإطار التنسيقي الذي يملك 138 نائبا من أصل 329، بالإضافة إلى تحالف "السيادة" السني بقيادة محمد الحلبوسي، فضلا عن الحزبين الكرديين الكبيرين، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني)، لتمرير هذه الحكومة اليوم بسبب مخاوف تعطيلها من قبل التيار الصدري أو حتى من قبل متظاهري تشرين، وفق البهادلي.
تحديات عالقة
وفي ظل الوضع السياسي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد، هناك جملة من الملفات الشائكة التي ستواجهها الحكومة المقبلة، ما بين سياسية واقتصادية وأمنية وغيرها، مما سيجعل مهمة السوداني شاقة ومحفوفة بالمخاطر، وهو ما يؤكده البهادلي، مشيرا إلى أنّ حكومة السوداني ستواجه تحديات متشعّبة ومعقّدة، بحيث لا يمكن حصرها وترتيبها.
ويرى البهادلي، أنّ ملف مكافحة الفساد يبرز على رأس أولويات حكومة السوداني وفق ما تعهد به في خطاب تكليفه، مضيفا أن هذا الملف يُعدّ أحد أبرز الملفات التي تهم العراقيين، وهو ما يتوجب على الحكومة المقبلة مواجهته، إلى جانب التحدي الاقتصادي وأزمة الدولار.
وبيّن البهادلي، أنّ الرأي العام متطلع ومتلهّف لحكومة السوداني ومتأمل من خلالها أنّ يتمّ تخفيض سعر صرف الدولار، على الرغم من أنّ هذه الفقرة لم تدرج في المنهاج الوزاري، مسلطا الضوء على التحدين الأمني والإجتماعي، فضلا عن معالجة معضلة الكهرباء التي باتت الكابوس الأكبر المهيمن على حياة العراقيين، إلى جانب أزمة المياه والبيئة والجفاف التي تعتبر ملفات شائكة، وهو ما يتطلب من الحكومة إيجاد حلول سريعة وناجحة لطمأنة الشعب العراقي الذي قدّم آلاف الضحايا لاستعادة حقوقه.
ومن بين التحديات الموروثة أيضاً بحسب البهادلي، مسألة البنى التحتية المتهالكة في معظم مناطق وسط وجنوب البلاد التي تحتاج إلى أموال طائلة وعمل حقيقي يصعب القيام به في ظل حال الإنفلات وتراجع هيبة الدولة وقوتها.و أمل عضو الجمعية العراقية للعلوم السياسية، أن تبصر حكومة السوداني النور وتحظى بدعم من قبل الطبقة السياسية والرأي العام معا، لأجل النهوض بالملفات الكثيرة المتشابكة.
ويجيز الدستور، النافذ في البلاد منذ عام 2005، تقديم رئيس الحكومة المكلف تشكيلته الوزارية منقوصة، شرط ألا يتجاوز النقص نصف عدد وزارات حكومته، على أن يكمل الجزء الباقي، ومن خلال جلسة تصويت ملحقة أخرى، باقي الوزارات بطلب منه إلى البرلمان.