في ليلة عيد الحب، الذي يُحتفل به يوم 14 فبراير/شباط من كل عام، تكتسي واجهات المحال التجارية باللون الأحمر، ويحرص الأحباء على الاحتفال به بطرق مختلفة، لتبقى الوردة الحمراء رمزه الدائم.
الاحتفال بهذا العيد بدأ يدخل تدريجياً إلى مجتمعات الدول العربية الأكثر تشدداً، ومع أنه لم يكن بعيداً عن الثقافة اللبنانية على سبيل المثال، إلا أن البلد الذي كان في طليعة المحتفلين به حرمت الظروف الاقتصادية مواطنيه من إحيائه كما سابقاً.
انفتاح بعد تشدّد
عيد الحب أو ما يعرف بعيد "القديس فالنتين" بدأ في الغرب، ورغم الشكوك في القصة الحقيقة لأصل هذا العيد إلا أن الاحتفال به في العالم العربي أثار جدلاً دينياً كبيراً لسنوات.
في عام 2018 صدرت فتوى في المملكة العربية السعودية تجيز للمسلمين إحياءه، لتبدأ معها حقبة جديدة تبتعد تدريجياً من التشدد الذي فرضته سيطرة المحافظين على المجتمع، وتحديداً مع تسلم الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد عام 2017.
وفي مشهد غير مألوف سابقاً، غزا اللون الأحمر واجهات المحلات التجارية في المملكة، مع عروضات وحسومات على الملابس والعطور والماكياج، وسط إقبال غير مسبوق من الزبائن.
يحصل ذلك، ويزداد تدريجياً خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة في السعودية، حتى لو أنه يمرّ من دون ذكر صريح بأن العروضات مرتبطة بمناسبة عيد الحب، ورغم أن الاحتفالات لا تزال خجولة ومن دون صخب في المقاهي والمطاعم.
الإمارات العربية المتحدة لبست ثوب التغيير منذ سنوات، لكن الاحتفال بعيد الحب له نكهة مميزة هذه السنة في دبي حيث يقام إكسبو 2020، إذ سيحصل زوار المعرض على فرصة الاستمتاع بأجواء الحب والرومانسية عبر خيارات مميزة في مطاعمه.
من جهة أخرى يبدو لافتاً أن المصريين يحتفلون بعيد الحب مرتين، الأولى في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني وهو عبارة عن احتفال محلي، والثانية في التاريخ المتفق عليه عالمياً.
حالة استثائية
لبنان كان من الدول العربية الرائدة في إحياء عيد الحب والتعبير عنه علناً. المتاجر والمحلات كانت تنبض باللون الأحمر وتعج بالزبائن خلال هذه الفترة من السنة، أما محلات بيع الورود فكانت تتفنن بتزيين الباقات الحمراء ويتنافس العشاق على شراء الأغلى ثمناً من بينها.
لكن في ظل الضائقة المالية، التي تسبب بها انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي كما بات معروفاً، اختلف المشهد في البلد كثيراً كما أكد لـ "جسور" بعض أصحاب محال بيع الورود.
أولغا نصار، مالكة أحد هذه المتاجر في لبنان، أكدت أن ما قامت به هذه السنة هو "مخاطرة كبيرة"؛ إذ عمدت إلى شراء الكمية ذاتها من الورود التي كانت تقوم بشرائها في السنوات الماضية لكنها اعترفت "حتى اليوم لم أتمكن من بيع سوى 25% من البضاعة"، فأسعار الورود "موجعة للزبائن" كما علقت.
وتتابع نصار "هناك عدد من اللبنانيين لم يتأثر بالضائقة الاقتصادية لكن نسبتهم لا تتجاوز الثلاثين في المئة في حين أن 70% يبحثون عن باقات الورد الأقل كلفة أو يكتفون بوردة واحدة يقدمونها كرمز للحبيب".
أما أكثر ما أوجع نصار كما تروي، فهو أنها "لاحظت دخول بعض الأشخاص إلى المتجر وبعد أن يتفحصوا الأسعار يخرجون من دون شراء أي شيء وهذا أمر جديد لم أكن أقابله سابقاً".
لا يختلف المشهد عند ربيع الذي يملك متجراً لبيع الورود في بيروت، لكنه أوضح أنه لم يشترِ هذه السنة كميات كبيرة "لا أريد سوى تلبية زبائن المحل الدائمين".
ربيع أعلن أيضاً عن إيقاف خدمة التوصيل، لأن "الزبون لا يُمكنه تحمل كلفة النقل المرتفعة، والمحل بدوره لن يقوم بتحمّلها". ولفت إلى تلقيه طلبات محدودة من خارج لبنان تنعش تجارته قليلاً.
تفاوت القدرات
من جهته، يروي الشاب اللبناني بيار تجربته لـ"جسور"، قائلاً إنه "من غير الممكن تجاهل العيد وهديته الرمزية أي الورد، بالتالي اخترت لحبيبتي باقة وجدتها جميلة وتمثلني، لكنها لم تكن رخيصة"، لافتاً إلى وجود باقات باهظة الثمن في المتاجر.
"اكتفينا بتبادل هدايا تناسب الأوضاع المادية الحالية ولم نقم بشراء الورود"، هكذا تختصر جميلة طريقة احتفالها مع زوجها، بما أن "الحب الكبير لا يزال يجمعنا" لكن هذه السنة مختلفة.
التفاوت في الأوضاع الاجتماعية بدا واضحاً مع ما روته إحدى المواطنات لـ"جسور" "أنا وزوجي لا زلنا نحافظ على المستوى ذاته من الانفاق للاحتفال بعيد الحب"، والسبب تعزوه إلى أن زوجها "يتعامل بالدولار"؛ وهو ما ليس متاحاً لمعظم اللبنانيين.
نظرة أكثر عمقاً للعيد يملكها الشاب اللبناني إيلي، فهذه المناسبة "ليست للتعبير عن الشعور بالحب للحبيب فقط، بل لها أكثر من معنى، والحب نشعر به تجاه العائلة والأصدقاء والأولاد"؛ ويتابع "أما قيمة الهدية فلا تكون بثمنها المرتفع إنما برمزيتها كتعبير للآخر أننا فكرنا به".
الاحتفال بهذا العيد بدأ يدخل تدريجياً إلى مجتمعات الدول العربية الأكثر تشدداً، ومع أنه لم يكن بعيداً عن الثقافة اللبنانية على سبيل المثال، إلا أن البلد الذي كان في طليعة المحتفلين به حرمت الظروف الاقتصادية مواطنيه من إحيائه كما سابقاً.
انفتاح بعد تشدّد
عيد الحب أو ما يعرف بعيد "القديس فالنتين" بدأ في الغرب، ورغم الشكوك في القصة الحقيقة لأصل هذا العيد إلا أن الاحتفال به في العالم العربي أثار جدلاً دينياً كبيراً لسنوات.
في عام 2018 صدرت فتوى في المملكة العربية السعودية تجيز للمسلمين إحياءه، لتبدأ معها حقبة جديدة تبتعد تدريجياً من التشدد الذي فرضته سيطرة المحافظين على المجتمع، وتحديداً مع تسلم الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد عام 2017.
وفي مشهد غير مألوف سابقاً، غزا اللون الأحمر واجهات المحلات التجارية في المملكة، مع عروضات وحسومات على الملابس والعطور والماكياج، وسط إقبال غير مسبوق من الزبائن.
يحصل ذلك، ويزداد تدريجياً خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة في السعودية، حتى لو أنه يمرّ من دون ذكر صريح بأن العروضات مرتبطة بمناسبة عيد الحب، ورغم أن الاحتفالات لا تزال خجولة ومن دون صخب في المقاهي والمطاعم.
الإمارات العربية المتحدة لبست ثوب التغيير منذ سنوات، لكن الاحتفال بعيد الحب له نكهة مميزة هذه السنة في دبي حيث يقام إكسبو 2020، إذ سيحصل زوار المعرض على فرصة الاستمتاع بأجواء الحب والرومانسية عبر خيارات مميزة في مطاعمه.
من جهة أخرى يبدو لافتاً أن المصريين يحتفلون بعيد الحب مرتين، الأولى في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني وهو عبارة عن احتفال محلي، والثانية في التاريخ المتفق عليه عالمياً.
حالة استثائية
لبنان كان من الدول العربية الرائدة في إحياء عيد الحب والتعبير عنه علناً. المتاجر والمحلات كانت تنبض باللون الأحمر وتعج بالزبائن خلال هذه الفترة من السنة، أما محلات بيع الورود فكانت تتفنن بتزيين الباقات الحمراء ويتنافس العشاق على شراء الأغلى ثمناً من بينها.
لكن في ظل الضائقة المالية، التي تسبب بها انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي كما بات معروفاً، اختلف المشهد في البلد كثيراً كما أكد لـ "جسور" بعض أصحاب محال بيع الورود.
أولغا نصار، مالكة أحد هذه المتاجر في لبنان، أكدت أن ما قامت به هذه السنة هو "مخاطرة كبيرة"؛ إذ عمدت إلى شراء الكمية ذاتها من الورود التي كانت تقوم بشرائها في السنوات الماضية لكنها اعترفت "حتى اليوم لم أتمكن من بيع سوى 25% من البضاعة"، فأسعار الورود "موجعة للزبائن" كما علقت.
وتتابع نصار "هناك عدد من اللبنانيين لم يتأثر بالضائقة الاقتصادية لكن نسبتهم لا تتجاوز الثلاثين في المئة في حين أن 70% يبحثون عن باقات الورد الأقل كلفة أو يكتفون بوردة واحدة يقدمونها كرمز للحبيب".
أما أكثر ما أوجع نصار كما تروي، فهو أنها "لاحظت دخول بعض الأشخاص إلى المتجر وبعد أن يتفحصوا الأسعار يخرجون من دون شراء أي شيء وهذا أمر جديد لم أكن أقابله سابقاً".
لا يختلف المشهد عند ربيع الذي يملك متجراً لبيع الورود في بيروت، لكنه أوضح أنه لم يشترِ هذه السنة كميات كبيرة "لا أريد سوى تلبية زبائن المحل الدائمين".
ربيع أعلن أيضاً عن إيقاف خدمة التوصيل، لأن "الزبون لا يُمكنه تحمل كلفة النقل المرتفعة، والمحل بدوره لن يقوم بتحمّلها". ولفت إلى تلقيه طلبات محدودة من خارج لبنان تنعش تجارته قليلاً.
تفاوت القدرات
من جهته، يروي الشاب اللبناني بيار تجربته لـ"جسور"، قائلاً إنه "من غير الممكن تجاهل العيد وهديته الرمزية أي الورد، بالتالي اخترت لحبيبتي باقة وجدتها جميلة وتمثلني، لكنها لم تكن رخيصة"، لافتاً إلى وجود باقات باهظة الثمن في المتاجر.
"اكتفينا بتبادل هدايا تناسب الأوضاع المادية الحالية ولم نقم بشراء الورود"، هكذا تختصر جميلة طريقة احتفالها مع زوجها، بما أن "الحب الكبير لا يزال يجمعنا" لكن هذه السنة مختلفة.
التفاوت في الأوضاع الاجتماعية بدا واضحاً مع ما روته إحدى المواطنات لـ"جسور" "أنا وزوجي لا زلنا نحافظ على المستوى ذاته من الانفاق للاحتفال بعيد الحب"، والسبب تعزوه إلى أن زوجها "يتعامل بالدولار"؛ وهو ما ليس متاحاً لمعظم اللبنانيين.
نظرة أكثر عمقاً للعيد يملكها الشاب اللبناني إيلي، فهذه المناسبة "ليست للتعبير عن الشعور بالحب للحبيب فقط، بل لها أكثر من معنى، والحب نشعر به تجاه العائلة والأصدقاء والأولاد"؛ ويتابع "أما قيمة الهدية فلا تكون بثمنها المرتفع إنما برمزيتها كتعبير للآخر أننا فكرنا به".