مستوى معيشة اللبنانيين في انهيار متواصل والوضع الاقتصادي يزداد سوءا. وكأن ما يمرّ به لبنان ليس كافيا لتضاف الى معاناته الأزمات العالمية وتلقي بثقلها عليه، فتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا تدقّ باب الإنذار بفقدان القمح ولهيب أسعار المحروقات يواصل تحليقه في بلد منهار اصلا. وجديد البدع اللبنانية تجلى الخميس وتمثل بقرار نقابة السوبرماركات في لبنان الذي سمح لحاملي البطاقات المصرفيّة تسديد 50 في المئة من قيمة الفاتورة عبر تلك البطاقات و50 في المئة نقداً.
المواطن اللبناني اذا أمام عقبات خطرة تحول دون قدرته على تأمين المواد الأساسية للعيش، والمصارف لا تسمح له بسحب راتبه كاملاً والطغمة الحاكمة منشغلة بالحملات الإنتخابية الفارغة، متناسية هموم المواطنين الحياتية. فبين قرارات المصارف والمصرف المركزي والإهمال المتعمّد لـ"المسؤولين" والأزمات العالمية، ماذا ينتظر المواطنين بعد؟
انتقائية المصارف
تقول الصحافية والخبيرة في الشأن الإقتصادي محاسن مرسل في حديث لـ"جسور" أنه "عندما رفع مصرف لبنان سحوبات الدولار المصرفي او ما يعرف "باللولار" من 3900 ليرة الى 8000 ليرة لبنانية، خفّض بذلك سقف السحوبات الى 3 ألاف دولار شهريا"، موضحة أنه "عملياً لا تلتزم كل المصارف بهذا التعميم"، معتبرة أن "المصارف فاتحة على حسابها وهي تقرر السقف الذي تريده وتعمل به، فضلا عن أن أصحاب المهن الحرة والبيع بالتجزئة والسوبرماركت يجمعون على أنهم لا يستطيعون سحب أموالهم من المصارف وبالتالي أجبروا على اتخاذ قرار يسمح للزبائن بسداد نصف قيمة المشتريات نقدا والنصف الآخر عبر البطاقة المصرفية". وتذكّر مرسل أن "كل هذه التصرفات تعود للمشكلة الأساسية وهي إساءة استعمال أموال المودعين والتصرفات غير القانونية للمصارف والتي لم يكن لديها أي حسيب أو رقيب وندفع اليوم ثمنها"، وتوضح أن "تداعيات انعدام الثقة بالقطاع المصرفي ستترجم تباعا وقريبا جدا"، محذرة "من أنه يمكن أن نصل الى يوم ترفض فيه البطاقة وكل ذلك بسبب التصرفات غير القانونية وغير الأخلاقية من خلال تحديد سقف للسحوبات والتصرف بالاستنسابية مع الناس وسرقة الأموال الدولارية للمودعين التي أدت الى انعدام الثقة بالقطاع المصرفي اللبناني."
وردا على سؤال عما اذا كان سيُعدّل القرار بتحديد سقف السحوبات، تقول مرسل أنه بغض النظر عن أي قرار يصدر عن حاكم المصرف المركزي فأن المصارف تكون انتقائية بتطبيقها للتعاميم.
حذار الأيام المقبلة!
وتعتبر مرسل أن لهيب الأسعار وانعكاسات الأسعار العالمية جراء الحرب الروسية على أوكرانيا ستزيد من معاناة اللبنانيين وتقول: "اللبناني كان يواجه زيادة في نسب التضخم مع انفتاح السوق من جديد بعد وباء كورونا واليوم الأزمة الأوكرانية تعزّز نسب التضخم ومنع التصدير لا سيما المواد الغذائية والأولية أي سلاسل التوريد، فبالأساس المواطن مغلوب عليه والطبقة الحاكمة غير مهتمّة وللأسف الأمور ستكون أصعب بالأيام المقبلة لأننا لم نعد نعاني فقط من مشكلة خسارة قيمة الليرة اللبنانية ومن قبول الدفع بالبطاقة وبأن الأسعار مرتفعة جداً، انما سننتقل إلى منحى أخطر بقفز الأسعار بعد أكثر بسبب زيادة نسب التضخم العالمية وانعكاساته محلياً فضلا عن ارتفاع أسعار المحروقات عالميا الى أرقام قياسية فكل هذا سينعكس على أسعار السلع والخدمات في لبنان وسيزيد الطين بلّة ولا اجراءات تصحيحية أو مساعدات للناس في الأفق."