لطالما رافقت التصريحات المسيئة للنبي محمد، خضات كبيرة وصلت حد التوترات الأمنية رفضاً للتعرض للرسول مهما كانت المسميات. أما في لبنان، البلد العربي المتعدد الهويات الدينية، فما حصل في إحدى مدارس العاصمة بيروت، أثبت وعياً وتداركاً مسبقاً لأي تداعيات كان بإمكانها جر البلد إلى ما لا تحمد عقباه.
فقد أثار تهجم المدرس الفرنسي فريدريك ليسبور في مدرسة "ليسيه عبد القادر" على النبي محمد، موجة استنكار لدى أهالي الطلاب الذين قدموا اعتراضا لإدارة المدرسة على الكلام الصادر عن المدرس الفرنسي.
المدرس الفرنسي أطلق أوصافاً مسيئة ضد رسول الله أمام طلابه مستخدماً وصف "إرهابي".
وبعد تفاعل هذه القضية صرح بأنه لم تكن لديه النية بالإساءة الى أحد وأنه كان يعطي مثالا عن الحروب، فتطرق الى موضوع الدين وما يرافق ذلك في بعض الأحيان من ارتباطه بالإرهاب.
رفض مطلق من الاهالي
لكن لجنة الأهل في المدرسة العلمانية التي تحظر في برنامجها التعليم الديني، رفضت أي تبرير من المدرس، وشددت على التقيد بعدم التطرق الى موضوع الدين بأي حال من الأحوال، والاكتفاء بإيصال الفكرة بطريقة علمية بحتة. وللتعبير عن استيائها مما حدث، قدمت شكوى الى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان تطالبه فيها بالتحرك.
معالجة ذيول الحادثة العنوان
وللاستيضاح حول الموضوع وتداعياته، أكد القاضي اللبناني الشيخ خلدون عريمط، رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام في بيروت في حديث لـ "جسور" أن المشكلة انتهت وتم احتواؤها، مشيرا الى أن مفتي الجمهورية اللبنانية قد تواصل مباشرة مع إدارة المدرسة التي أبلغته بإتخاذها التدابير المناسبة، وقررت فصل المدرس الفرنسي.
وشدد عريمط على أن معالجة ذيول الحادثة بطريقة عقلانية طوى الصفحة نهائياً وطالب الجميع بعدم إثارة المسألة مجدداً خصوصاً بعد أن تم تصحيح الخطأ.
كما علم أن إدارة المدرسة قامت بإعلام البعثة الفرنسية في لبنان بالإجراء.
كان يمكن لحادثة "ليسه عبد القادر" أن تشكل منعطفاً خطيراً ، لكن الوعي والحكمة سحبا فتيل الازمة وجنبا البلاد المزيد من الخضات غير المرغوب بها.
حوادث مشابهة
وما حصل مع مدرس فرنسي في لبنان في الا يام الماضية ليس يتيماً فمنذ حوالى السنة ، صدرت بحق المدرس الفرنسي في إحدى مدارس باريس، فتوى بقطع رأسه، عقب عرضه رسوم شارلي إيبدو الكاريكاتورية المثيرة للجدل في الفصل الدراسي، وما تلاها من مطالبة أطلقتها الدول الاسلامية وإن بطريقة غير رسمية لمقاطعة المنتجات الفرنسية إثر إصرار فرنسي رسمي على الدفاع عن قيم فرنسا العلمانية بوجه خطابات الكراهية المتمثلة بالإرهاب.
كما شهدت المدن الفرنسية والأوروبية سلسلة اعتداءات نفذتها جهات أصولية على مدى سنوات رفضاً للمساس برسول الله، وأسفرت عن مقتل عشرات الأشخاص، أبرزها سُجل في السابع من يناير/كانون الثاني 2015 عندما اقتحم الأخوان شريف وسعيد كواشي مقر المجلة الأسبوعية الساخرة في العاصمة الفرنسية باريس "شارلي إيبدو" والتي تناولت النبي محمد مرات عدة بطريقة رفضها المسلمون فأطلق الرصاص عشوائيا وقتل 11 شخصاً.
أما قاعة "باتاكلان" للحفلات الموسيقية في باريس فتحولت إلى مسرح لعملية إرهابية كبيرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 نتج عنها مقتل 130 شخصا، وتبنى العملية تنظيم "الدولة الإسلامية".