على مسافة يومين من انتهاء موعد تقديم الطعون في نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية بعد مرور شهر على إجرائها، بدت الحركة لافتة في المجلس الدستوري، إذ حصلت "جسور" على معلومات تؤكد أنه لا يزال حتى اليوم يستقبل الطعون المقدمة من قبل أطراف سياسية شاركت في الإستحقاق النيابي، على أن يتم البت بها واتخاذ القرار بقبولها أو رفضها في وقت لاحق من قبل المجلس الدستوري.
وكان رئيس ديوان المجلس الدستوري القاضي جان متى أعلن عن أن مهلة تقديم الطعون في الانتخابات النيابية لدورة أيار 2022 تنتهي في 16/6/2022 ضمنا، وذلك نظراً لاعلان نتائج الانتخابات رسميا بتاريخ 17/5/2022، وفقا لكتاب وزارة الداخلية والبلديات رقم 79/ص.م. تاريخ 17/5/2022.
قواعد محددة
البت في الطعون يسلك مساراً دستورياً محدداً كما يوضح القاضي غالب غانم في حديث لـ"جسور"، مشيراً إلى أن "الملف هو من يتكلم في النهاية". ويشرح أكثر: "في البداية يعين رئيس المجلس الدستوري، مقرراً أو اثنين، وفقاً لقانون المجلس الدستوري ونظامه الداخلي، يفترض بهما تقديم تقرير مفصل لإثبات مدى صحة العملية الإنتخابية وبالتالي صحة المخالفات والطعن" لافتاً إلى أن المقررين "تعطى لهما صلاحيات واسعة للقيام بالتحقيقات اللازمة كما يحق لهما الاستماع إلى شهود".
وبناء على التقرير المقدم من قبل المقررين "يتخذ المجلس الدستوري القرار النهائي والمناسب".
إمكانية رد طعن صحيح
ويلفت غانم إلى نقطة مهمة أنه "أحياناً يتم رد الطعن حتى وإن كان صحيحاً شرط أن لا يكون للمخالفات أي تأثير على النتيجة ".
وقدم مثالاً على رد الطعن في هذه الحالة "إن كان من فارق بين لائحة وأخرى ألف صوت في الحاصل مقابل اكتشاف مخالفة لا تتجاوز المئة صوت في أحد الصناديق بالتالي لا يمكن أن تؤثر على النتيجة".
الأمر ذاته ينطبق على حواصل اللوائح، يتابع غانم ويمكنه قلب نتائج الانتخابات في حالة واحدة "إن كان الحاصل الذي سمح لنائب أن ينجح دون غيره قليل والمخالفة تحتوي على أصوات تتخطى العدد القليل بالفارق، بإمكانها أن تؤثر على الحاصل وتنقله إلى لائحة ثانية وبالتالي إلى مرشح آخر".
"مهل حث"
بعد تقديم الطعون حدد الدستور مهلاً زمنية للبت بها ويوضح رئيس المجلس الدستوري السابق عصام سليمان في اتصال مع "جسور" أنه "لدى المقررين الذين يعينهم رئيس المجلس الدستوري لدرس الطعون وتقديم تقارير فيها، ثلاثة أشهر أما المجلس الدستوري فلديه مهلة شهر لإصدار القوانين بعد ذلك".
لكن سليمان استدرك قائلاً "إلا أنها مهل حث وليست مهل إسقاط" شارحاً العبارة القانونية كالتالي "أي يحق للمقررين أخد مهلة تزيد عن الثلاثة أشهر، إن تطلب الطعن مزيداً من التحقيق والدراسة، لأن من واجبهم التوسع في التحقيقات والاستقصاءات وفي دراسة المستندات ليضعوا تقريراً يغطي النقاط الواردة في الطعن أو تلك التي تظهر أثناء التحقيق، وينطبق الأمر ذاته على المجلس الدستوري الذي يحق له بمهلة تزيد عن الشهر".
أطول المهل
وأوضح سليمان أيضاً أن "أطول مدة لإصدار القرارات في طعون قدمت سابقاً كانت تسعة أشهر من تاريخ انتهاء مدة تقديمها وذلك في انتخابات عام 1996".
وعن تجربته الشخصية في هذا الملف، أشار الى أنه "خلال ترؤسه المجلس الدستوري عام 2009، أصدر القرارات في الطعون خلال أربعة أشهر ونصف" أما عام 2018 وأيضاً خلال ولايته فأصدر المجلس الدستوري القرارات "خلال ثمانية أشهر لأن القانون النسبي الذي وضعت الانتخابات على أساسه مع الصوت التفضيلي الذي يتضمنه كان معقداً جداً وفسح بالمجال لتقديم طعون بأعداد كبيرة لذلك أخذ البت بها هذا الوقت الطويل".
طعون مسجلة
ومن ابرز الطعون المقدمة، من "وكيل فيصل كرامي المحامي وديع عقل ضد نيابة كل من النواب رامي فنج وايهاب مطر وفراس السلوم لانه وفق القانون النسبي يجب تقديم طعون مقابل أشخاص" كما قدّم المرشح عن مقعد الأقليات في دائرة بيروت الأولى إيلي شربشي يرافقه المحامون إبراهيم كرم، نينا لبّس ورنا بيطار طعناً أمام المجلس الدستوري بنتيجة النائب المعلن فوزها سينتيا زرارير عن مقعد الأقليات – دائرة بيروت الأولى .
الطعون أبطلت
وعلى مدى 28 سنة، أي بعد إنشاء المجلس في تموز 1994، أكثر من 60 طعناً قدموا إلى المجلس الدستوري لم تُبطل إلا نيابة 5 نواب، هم:
النائب عن المقعد الماروني في قضاء البقاع الغربي راشيا في انتخابات 1996 روبير غانم، بعد تقديم الطعن من قبل هنري شديد الذي عاد وفاز إثر إعادة عملية الانتخاب.
والنائب عن المقعد الماروني في جبيل في انتخابات 1996 إميل نوفل بعد أن تقدّم الوزير السابق ناظم الخوري بطعنٍ إلى المجلس الدستوري الذي قرّر إعادة عملية الانتخاب ليعود نوفل ويفوز من جديد.
النائب عن المقعد الماروني في عكار فوزي حبيش في انتخابات 1996 بعد طعن مقدّم من مخايل الضاهر. وقرّر المجلس الدستوري آنذاك إعادة عملية الانتخاب التي فاز بها حبيش.
إبطال نيابة غبريال المر الذي فاز في الانتخابات الفرعية في دائرة جبل لبنان الثانية (المتن) في العام 2002 والتي أجريت لانتخاب نائب عن المقعد الأرثوذكسي بعد وفاة النائب ألبير مخيبر وبعد طعن مقدم من المرشحة ميرنا المر وإعلان فوز المرشح غسان مخيبر.
إبطال نيابة المرشّحة عن المقعد السني ديما جمالي في انتخابات العام 2018 بعد طعنٍ تقدّم به المرشح الخاسر طه ناجي. وقرّر المجلس الدستوري إعادة الانتخابات التي فازت بها جمالي.
ويشرح رئيس المجلس الدستوري السابق القاضي عصام سليمان أن إبطال نيابة المطعون بهم لا ترتّب أية مفاعيل رجعية إن كان من خلال التصويت داخل مجلس النواب (كانتخاب رئيسٍ للمجلس ونائبه) أو حتى بالنسبة للمخصصات التي قبضها والتي لا تُرد.