مع تردي الواقع الصحي في العراق، وإعلان "منظمة الصحة العالمية"، في شهر فبراير/ شباط الماضي، وجود 35 ألف إصابة بالسرطان في البلاد، منها 57% كانت بين النساء، كشفت وزارة الصحة العراقية، أخيرا عن أنّ أكثر من 30 ألف مصاب بالسرطان يتلقون العلاج حاليا في البلاد، معربة عن قلقها إزاء التأخر في الكشف عن الإصابة بالمرض الخطير.
ويعتبر سرطان الثدي من أكثر السرطانات شيوعاً عند الإناث في العالم بصورة عامة، وفي إقليم شرق المتوسط والعراق بصورة خاصة، حيث تبلغ نسبة الإصابة به 23% من مجموع السرطانات التي تصاب بها المرأة في العالم. ورغم اعتقاد البعض أنّ ذلك السرطان هو من أمراض العالم المتقدّم، إلا أنّ معظم الوفيات الناجمة عنه (69%) تحدث في البلدان النامية، بحسب متخصصين.
مشكلة عالمية متصاعدة
وبحسب وزارة الصحة العراقية، يعدّ السرطان مشكلة عالمية متصاعدة، حيث إن نسب الإصابة به في العراق دون 80 حالة لكل 100 ألف عراقي في العام الواحد، مشيرة إلى أن الحالات المسجلة في البلاد هي ضمن المعدل العالمي.
وفي هذا الإطار، أوضحت طبيبة الاختصاص، وعضو الفريق الطبي الاعلامي لوزارة الصحة العراقية الدكتورة ربى فلاح حسن، أنّ سرطان الثدي هو الأكثر انتشارا وشيوعا من السرطانات الأخرى لدى النساء، وعن إصابة الرجال به، أكدت حسن في اتصال مع "جسور"، أن تسجيل إصابات بسرطان الثدي لدى الرجال حالة ليست جديدة، إنما نادرة جدا وقد تصل إلى نسبة 1%.
وشدّدت حسن على ضرورة إجراء فحوصات الكشف المبكر عن الأمراض غير الانتقالية، خصوصا سرطان الثدي، من خلال الفحص الذاتي أو الفحص في مراكز الكشف المبكر، مضيفة: "في حال تم تشخيص المرض في المراحل المتقدمة، فنسب الشفاء قد تصل إلى 99% وأكثر، لكن في حال تم الكشف عن الإصابة في المراحل المتقدمة، عندها قد تصل نسب الشفاء إلى أقل من 5%".
وكشفت حسن لـ "جسور" عن وجود أكثر من 49 عيادة متخصصة للكشف المبكر عن سرطان الثدي وهي مجانية، مشيرة إلى أنّ الصحة العراقية تحاول جاهدة أن تقلّل الأعداد الكبيرة من خلال التوعية على الكشف المبكر.
وأوضحت أن أكثر الحالات ما زلنا نكتشفها في مرحلة متأخرة كالثالثة والرابعة من المرض بعد أن يكون قد انتشر إلى أعضاء الجسم ويكون علاجه أكثر صعوبة وأكثر تكلفة وتعقيدا. وبحسب المسؤولين المختصين، فقد سجلت محافظة كركوك منذ بداية العام الحالي ولحد الآن 865 إصابة جديدة بالأمراض السرطانية، في حين تم تسجيل نحو 900 حالة في عام 2021 بمجمله، علماً أن المحافظة تشهد مراجعة مرضى من محافظات أخرى، ما يشكل عبئاً إضافياً على مركز الأورام الوحيد في المحافظة.
الكشف المبكر
في المقابل، رأت الباحثة الاجتماعية، سمر نور الفيلي، في حديث لـ "جسور"، أن من أهمّ الاستراتيجيات السكانية للكشف المبكر عن سرطان الثدي إذكاء الوعي العام بالمشكلة التي يطرحها هذا المرض، وبآليات مكافحته، والدعوة إلى وضع السياسات والبرامج المناسبة في هذا المجال. لذا فقد بادرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى استحداث برنامج وطني ريادي لبحوث السرطان، يستهدف توعية النساء من كل أوساط الشعب العراقي بمرض السرطان بصورة عامة، وسرطان الثدي بصورة خاصة، إلى جانب إجراء الدراسات والبحوث حوله، وتدريب الكوادر الطبية والعاملين في الحقل الصحي على التقنيات المستخدمة عالمياً في الكشف المبكر عن سرطان الثدي، والتي تشمل طريقة الفحص السريري والذاتي للثدي، والفحص الشعاعي، والتشخيص الخلوي بواسطة الرشف بالإبرة الدقيقة".
نصائح وتوعية
وقدّمت الفيلي نصائح إلى المرأة، منها استشارة الطبيب كل ثلاثة أشهر بعد سن الـ 30، ومناقشة إمكان القيام بصورة “الماموغرافي” في الوقت المناسب، وممارسة الرياضة على الأقل 30 دقيقة يومياً، والحفاظ على وزن صحي وتقليل كمية السعرات الحرارية المستهلكة واتباع نظام غذائي صحي غني بزيت الزيتون والمكسرات والأطعمة النباتية، مثل الخضر والفواكه والحبوب الكاملة والبقوليات والأسماك. كذلك يجب ألا يكون هناك تردد في زيارة الطبيب عند الإحساس بأي أعراض أو كتل أو تغير في حجم الثدي والحلمة، أما إذا كان سن المرأة من 35 سنة فما فوق وجبت عليها زيارة المراكز الصحية للكشف المبكر عن سرطان الثدي.
السياسة الصحية الحكومية
وكانت وزارة الصحة العراقية قد أعلنت في وقت سابق عن بشرى لمرضى السرطان بإدخال تقنيات جديدة للعلاج، وحددت أنواع المرض الأكثر انتشاراً في العراق. وقالت إن "لديها مراكز صحية للتعامل مع مرض السرطان ومعالجته والوقاية منه"، مبينة أنَّ "الأنواع الأكثر شيوعاً هو سرطان الثدي وبعده سرطان القولون وبعده الرئة". وأضافت: "فيما يخص سرطان الثدي، لدينا مراكز للأشعة والتصوير، وهناك مركز في كل محافظة ودائرة تشخيص مبكر، إضافة إلى التوعية الصحية بخصوص الفحص المبكر والذاتي".