بعد تعرضه لمحاولة اغتيال، تلقى رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، دعماً عربياً ودولياً، إضافة الى التعاطف السياسي والشعبي معه، وسط مطالبات بكشف الفاعلين لمحاسبتهم.
إلا أن مرحلة ما بعد محاولة الاغتيال، قد تحمل العديد من التأثيرات على المشهد السياسي العراقي، لا سيما مع اعتبار البعض أن ثبوت علاقة الفصائل المسلحة في العمليّة قد يكون بداية نهايتها.
مرحلة مضطربة
وفي حديث خاص "جسور"، وصف مدير مركز التفكير السياسي، الدكتور احسان الشمري، مرحلة ما بعد محاولة اغتيال الكاظمي بـ "المضطربة". واعتبر الشمري ان "العراق أصيب في الصميم بعد محاولة إغتيال رئيس حكومته، وهدف الجهة المنفذة واضح، وهو دفع البلاد نحو الفوضى".
تشير الاستنكارات والتنديدات الدولية والأممية، من بينها موقف مجلس الأمن الدولي وعدد من رؤساء الدول، إلى الإجماع على عدم إفلات من حاولوا اغتيال الكاظمي من العقاب، لتكون المرحلة نقطة تحول في المشهد السياسي العراقي نحو بناء دولة مستقلة، عن سطوة التهديد والاغتيال والسلاح المتفلت.
ومع استهداف رأس السلطة التنفيذية في العراق، ومعه شرعية الدولة، فإن قواعد اللعبة قد تختلف وقد تشكّل ضربة قاضية للفاعلين بغض النظر عن خلفياتهم وانتمائاتهم.
يؤكد مطلعون على الشأن العراقي، أن الفصائل المسلحة في العراق، تخشى بشدة فقدان مكانتها ونفوذها في الداخل، لذلك تسعى الى التصعيد بعد تنامي الرفض الشعبي لتصرفاتها العنيفة.
عمليات مشابهة مقبلة
واعتبر الشمري أن "عملية الاغتيال هي تحوّل خطير في المشهد السياسي العراقي، وتمثل إنقلابا على الدولة والقانون والدستور".
وأضاف "هذا العمل أصاب العراقيين في الصميم اذ إنهم يعيشون مرحلة اهتزاز ثقة وقلق عميق لأنهم يمثلون الحلقة الأضعف في المواجهة مع الفصائل المسلحة".
وتابع الشمري "لن يتوقف الأمر عند هذا الحد وسنشهد عمليات مشابهة في المرحلة المقبلة، فالتهدئة والتوافق لا يعنيان غض النظر عن محاسبة المرتكبين وملاحقتهم خاصة في عملية خطيرة كإغتيال رئيس حكومة. فقرار استخدام السلاح لفرض إرادة بعض القوى لا يمكن تجاهله".
معركة مصير
وعن استثمار الكاظمي الدعم الدولي والأممي لمحاسبة الجهات المسؤولة عن محاولة اغتياله، رأى الشمري لـ "جسور"، أن "الكاظمي لن يسمح بأن تسيطر جماعات مسلحة على مفاصل الدولة وقرارها، ومن موقعه كمظلة الدولة العراقية، فاستثمار هذه الورقة ضروري لتثبيت مفاهيم الدولة، وعكس ذلك سيدع الجهات المنفذة تكرّر الفعل والتوغل أكثر داخل الدولة للنيل منها".
واعتبر الشمري، أن "الكاظمي بسبب موقعه مضطر إلى إعتماد خطاب التهدئة إلا أنه ملزم أمام الشعب العراقي والمجتمع الدولي الإعلان عن المرتكبين ومحاسبتهم فلا أحد يريد عراقا ضعيفا".
وعن شكوك تورط الجماعات المسلحة المدعومة من إيران بالعملية، يُجيب الشمري أنه "في حال تورط الفصائل المسلحة في عملية الاغتيال من خلال لجان التحقيق، ستكون بداية انحسار نفوذها وأمام انقلاب شعبي ضدها". وأضاف "ستكون بداية النهاية وستخوض هذه الفصائل معركة مصير، وسيُفتح الباب امام إعادة تدويل القضية من خلال قرار لمجلس الأمن الدولي وملاحقة المنظمات الارهابية".
تقويض نفوذ
تُنذر المؤشرات الأخيرة في العراق، بانكماش نفوذ الفصائل المسلحة في العراق على صعيد المشهد السياسي العراقي. إذ إن نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، دليل على رغبة العراقيين بالتخلص من السلاح المتفلت خارج إطار الدولة.
في غضون ذلك، اعتبر محللون عراقيون أن التصعيد في المنطقة الخصراء، الذي سبق محاولة الاغتيال، دليل على بلوغ نقطة اللاعودة في المواجهة بين القوى النظامية والفصائل المسلحة، في ظل محاولات بسط سيطرتها على الدولة العراقية من خلال محاولة تغيير وقائع نتائج الانتخابات. وفي حال ثبت تورطها في محاولة الاغتيال، فإن دورها السياسي سيكون قيد التقويض الى أن تتلاشى أو تتم إعادة هيكلتها في الدولة، ليبقى السلاح المتفلت خارج إطار الدولة العراقية برسم قرارات جريئة قد تتخذها السلطات لضبط أي نزاع محتمل.