قلب زعيم التيار الصدري في العراق، السيد مقتدى الصدر مساء الاحد المعادلة في المشهد السياسي العراقي رأسا على عقب بإعلانه تقديم استقالات أعضاء الكتلة الصدرية إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وسط أزمة انسداد سياسية تشهدها البلاد وبعد أيّام من تهديده بالقيام بهذه الخطوة في ظل أزمة سياسية حادة ومتواصلة منذ الانتخابات التشريعية المبكرة في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، كما أن جعفر الصدر أعلن عزوفه عن الترشح لرئاسة الحكومة العراقية عقب موافقة رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي على الاستقالات الجماعية للتيار الصدري من البرلمان.
ووسط ترقّب العراقيين والقوى السياسية بعد خطوة الإنسحاب المدوية، ما الرسالة التي أراد الصدر أن يوجّهها وما تداعياتها على المشهد السياسي برمته؟
انهاء الإنسداد السياسي
في هذا الصدد، يعتبر المحلل السياسي العراقي غالب الدعمي أن "انسحاب التيار الصدري يُنهي الانسداد السياسي في العمليّة الديمقراطية في العراق ونعلم أن الإطار التنسيقي يرفض الذهاب الى حكومة أغلبية ويصرّ على التوافقيّة لذلك انسحب التيار الصدري حتى يجعلهم يشكلون حكومة بعيدة عنهم".
مساران لا ثالث لهما
يقول الدعمي أن العملية السياسية فيها مساران فقط لا ثالث لها: "اما أن يذهب التيار الصدري الى المعارضة الشعبية ويشكّل ضغطًا على العملية السياسية كلها والإطار التنسيقي يشكّل حكومة توافقيّة مع الكرد والسنّة بدون التيار الصدري لأنه قدّم استقالته، أو أن الإطار التنسيقي يقدّم بعض التنازلات نحو تشكيل حكومة عراقية فيها أغلبية على أن يذهب قسم من الإطار الى المعارضة وقسم يأتي مع التيار"، ليوضّح أكثر :"قد يحصل التنازل من الإطار التنسيقي بأن يذهب جزء من الإطار الى المعارضة ويأتي جزء آخر الى التيار مما قد يجعل التيار يتراجع عن تنازله بمعنى أنه يحقّق ارادته بتشكيل حكومة أغلبية".
"تضحية من أجل الشعب"
بعد 8 أشهر على الانتخابات التشريعية المبكرة، لا تزال الأطراف السياسية الأساسية في البلاد عاجزة عن الاتفاق على الحكومة المقبلة، ويدعي كل منها أن لديه الغالبية في البرلمان الذي يضم 329 نائباً. وكان الصدر قال في كلمة الخميس "إن كان بقاء الكتلة الصدرية عائقاً أمام تشكيل الحكومة، فكلّ نواب الكتلة مستعدون للاستقالة من مجلس النواب ولن يعصوا لي أمرا". هذا وأعلن مساء أمس تقديم استقالات أعضاء الكتلة الصدرية إلى رئيس البرلمان وقال الصدر في بيان له الأحد، إنه "على رئيس الكتلة الصدرية حسن العذاري أن يقدم استقالات الأخوات والإخوة في الكتلة الصدرية الى رئيس مجلس النواب". واعتبر أن هذه "الخطوة تُعتبر تضحية مني من أجل الشعب والوطن لتخليصهم من المصير المجهول"، كما قدم شكره إلى "جعفر الصدر الذي كان مرشحنا لرئاسة الوزراء". وكان الصدر أجرى الأحد، اتصالًا برئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني. وبحسب بيان مقتضب للحزب، فقد "تلقى مسعود بارزاني اتصالا هاتفيا من مقتدى الصدر تناولا فيه آخر مستجدات العملية السياسية في البلاد".