اخترق الوضع السياسي اللبناني المتأزم على أكثر من صعيد، خبر اقتراحٍ تقدم به الزعيم الدرزي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى مسؤول لجنة الإرتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا لعقد لقاء بينهما يحدد موعده لاحقاً.
اللقاء المرتقب يأتي على وقع اصطفافات سياسية كرستها الانتخابات النيابية الأخيرة، فباعدت أكثر بين الحزب الاشتراكي وحزب الله وقاربت بين الأول والقوات اللبنانية رغم بعض التباين الذي يظهر بين الفريقين في بعض مواقف.
وتقول مصادر في الحزب التقدمي الاشتراكي لـ "جسور" من جهتنا العلاقة مع أي طرف لبناني مهما كان نوع الخلاف السياسي وحدته والأزمات التي تشهدها العلاقات السياسية، واحدة من ثوابت الحزب أن يكون دائماً هناك منطق الحوار.
وتضيف المصادر: عندما كان الآخرون يقومون بمحاولات إلغاء لفريقنا ومحاولات تهجم علينا تصل حد محي الوجود للحالة التي يمثلها الحزب الاشتراكي شعبياً وسياسياً كان ردنا بمنطق الحوار والانفتاح وبأن الخلاف لا يجب أن يفسد في الود قضية باعتبار أننا لبنانيون وعلينا العيش في هذا البلد سوياً وأن نتقاسم الهموم التي هي للأسف كبيرة وأساسية أي هموم المواطن من رغيف الخبز إلى المحروقات وغلاء المعيشة وانهيار سعر الصرف والدواء والطبابة وما إلى ذلك.
لذلك عندما ينتهج الحزب التقدمي الإشتراكي هذا النهج الحواري مع الذين نختلف معهم في أمور جذرية جداً لا يعني كما يصفنا بعض الإعلام بأننا نقوم بانقلاب وباستدارة بل هذا نهج ثابت ونحن نمارس الحوار مع الذين نختلف معهم باعتبار أن من نتفق معهم لا داعي للتحاور معه إذ عادة الحوار يكون بين الناس المختلفين.
لذلك هذا أمر طبيعي ولا يدل على أن هناك تغيرا في الثوابت الاساسية بل أننا نؤكد موقفنا الثابت من ضرورة الحوار بين الجميع وضرورة توحيد الحوار لإنقاذ المواطن ومعالجة همومه على عكس ممارسات الإلغاء التي كانت تمارس في وجهنا في أكثر من محطة وكنا نتصدى لها.
وحول الاتصال تشير المصادر نفسها الى أنه تم لمعالجة قضية اشكال قبرشمون منذ ما يقارب الثلاث سنوات والمتابعة للملمة ذيول هذا الحادث بدأت منذ سنة ونصف ولا بد من إنهائها كي نخفف من حدة التوتر بين الناس خصوصا ولطالما قلنا: مهما كان حجم الخلاف السياسي كبيراً يجب الا ينعكس على المواطنين.
وفي الاتصال كان هناك إتفاق على إبقاء التواصل مفتوحاً لأنه مفيد لأجل الجميع ولأجل البلد على أن يتكلل بلقاء قريب بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ومسؤول لجنة الإرتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا.
لكن تجزم المصادر أن ملف الإستحقاق الرئاسي لم يطرح لا من قريب ولا من بعيد.
موقف القوات اللبنانية
لكن ماذا عن موقف القوات اللبنانية مما يجري وأين هي من كل المستجدات الطارئة على المشهد السياسي الداخلي؟
رئيس جهاز الإعلام والتواصل في الحزب شارل جبور أكد في حديث لـ "جسور" أن "لا علاقة للقوات بأي لقاء يجريه مكون على تفاهم معه" فكل مكون يحدد السياسة التي تمليها عليه خياراته ومساره السياسي".
ويقول جبور : علاقة القوات مع هذه المكونات "ارتكزت على مسائل أساسية تم الإتفاق عليها منذ انتفاضة الاستقلال حتى اليوم تحت عنوان "العبور إلى الدولة" لكونه عنواناً أساسيا " واعتبر أن "التخلي عنه يشكل نكسة وطنية كبرى".
لكل حادث حديث
وأوضح جبور أن اللقاءات بين الحزب التقدمي الإشتراكي وحزب الله "مستمرة منذ سنوات وهناك خلية أزمة متواصلة بينهما منذ أيار 2008 إلى اليوم" بالتالي "أي لقاء مرتقب ممكن أن يحصل بين حزب الله وبين وليد بيك جنبلاط لن يكون الأول من نوعه".
في المقابل أكد "أن التواصل موجود بين الاشتراكي والقوات عبر قنوات نيابية وغير نيابية وعلى مستوى المنطقة" معيداً التذكير بأن ما يعنيهم كقوات "استمرار التفاهم معه على العناوين التي جمعتنا خلال انتفاضة الاستقلال مع احترام حق الحزب الاشتراكي في تحديد سياساته" ومرجحاً أن يقع اللقاء السياسي "ضمن أولويات لها علاقة بالجبل (مقر المرجعية الدرزية في لبنان) أو بوضعية معينة".
وعرض جبور لوقائع أثبتت استمرار قيام التفاهم مع الحزب التقدمي الإشتراكي "خلال الانتخابات النيابية كنا ضمن تحالف نيابي عريض وبعدها التفاهم في موضوع الانتخابات على مستوى نائب رئيس مجلس النواب كما حصلت تفاهمات وتقاطعات في انتخابات اللجان واقتراحات القوانين".
ورداً على احتمال حصول تموضع جديد لجنبلاط يقربه مجدداً من حزب الله أوضح جبور "لكل حادث حديث".
الاستحقاق الرئاسي
ومع اقتراب الاستحقاق الرئاسي اللبناني في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، لم ينس جبور الإشارة إلى أن التفاهم الثنائي سوف يطاله "بالتأكيد سيكون محط توافق بيننا وبين الحزب الأشتراكي".
ومع طرح "جسور" احتمال حصول تمايز للحزب التقدمي عن القوات اللبنانية عبر دعم مرشح مغاير لمرشح تطرحه الأخيرة أكد جبور أن "لا احد يستطيع استباق الأمور لكن جل ما الامر أننا "لغاية اللحظة، نتفاهم حول المسار العام والأمور المبدئية الأساسية" وكحزب "نتعامل مع الأمور بوقائعها أي نبني مواقفنا بما يتناسب مع كل تطور سياسي ونرفض أن نبني اعتباراً من اليوم على توقعات لم تحصل بعد".
جبهة معارضة
التعاون في الملف الرئاسي على ما أعلنه جبور لا يقتصر على الحزب التقدمي بل يتجاوزه إلى مكونات سياسية أخرى قائلا: "توجد اليوم مساعٍ جدية تحت عنوان "توحيد صفوف المعارضة" التي يندرج تحت سقفها القوات والاشتراكي" و"نحن نقوم بما يلزم على مستوى التواصل مع الاشتراكي وغير الاشتراكي من أجل الوصول إلى وحدة صف لمكونات المعارضة والإتفاق على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية نستطيع من خلاله فرملة الانهيار وإعادة الاعتبار لمشروع سيادي تغييري على مستوى الدولة بعد أن ضُرب المشروع من خلال الرئاسة الحالية والأكثرية التي كانت قائمة من الفريق الآخر".