في 3 أغسطس/آب الماضي، خرج السياسي اللبناني ومستشار الرئيس السوري بشار الأسد ميشال سماحة إلى الحرية مجردا من كل حقوقه المدنية بحسب الحكم الصادر بحقه، ممنوع عليه أن يمارس أي نشاط سياسي أو تجاري، على أن يعيش حياته كمواطن شبه عادي وبحقوق منتقصة عن سواه.
ومنذ خروجه من السجن حتى اللحظة، سماحة غائب كليا عن السمع والأنظار حتى أن البعض يعتقد لوهلة أنه لا يزال خلف القضبان.
أسئلة عدة تكتنف غياب سماحة: فهل هو داخل لبنان أو خارجه؟ وهل هو غائب بكامل ارادته أم مغيب؟
سجن سماحة
حتى لحظة اعتقاله في أغسطس/آب 2012، كان الوزير السابق ميشال سماحة مستشارا للرئيس السوري بشار الأسد. يومها أصدرت المحكمة العسكرية حكما قضى بسجنه مدة أربع سنوات ونصف السنة وتجريده من حقوقه المدنية بتهمة التخطيط مع رئيس جهاز الأمن السوري اللواء علي مملوك، ومدير مكتبه لنقل متفجرات من سوريا إلى لبنان بنية تفجيرها وقتل شخصيات سياسية لبنانية ورجال دين ومسلحين سوريين ومهربين على الحدود بين سوريا ولبنان.
الى أن جاء 14 يناير/كانون الثاني 2016 حيث وافقت محكمة التمييز العسكرية على إخلاء سبيل سماحة مقابل كفالة مالية قدرها 150 مليون ليرة لبنانية (100 ألف دولار) آنذاك.
غير أن ايام الحرية القسرية لم تدم طويلا، ففي 8 ابريل/نيسان 2016 أصدرت محكمة التمييز العسكرية اللبنانية، وهي أعلى هيئة قضائية عسكرية، حكمها النهائي والمبرم بسجن الوزير السابق ميشال سماحة.
وفي 3 أغسطس/آب 2022 خرج الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة من السجن بعد الحكم عليه بسجن 13 سنة مع الأشغال الشاقة وتجريده من حقوقه المدنية بتهمة نقل المتفجرات من سوريا إلى لبنان، بغرض استهداف شخصيات لبنانية ورجال دين.
غضب سياسي
وقد أثار هذا الحكم موجة غضب سياسية من قبل ما كان يعرف بفريق "14 آذار" الذين عبّروا عن استنكارهم للقرار واضعين إياه في خانة الحكم السياسي، وهو ما يحصل اليوم في ظل الهجوم السياسي المستمرّ على المحكمة العسكرية وقراراتها التي تتهم بأنها تخدم مصالح حزب الله وحلفائه.
وقدَّم وزير العدل السابق النائب الحالي أشرف ريفي حينها استقالته من الحكومة اعتراضاً على قرار المحكمة العسكرية وبعدما رفض مجلس الوزراء طرح القضية على جدول اعماله بهدف نقل الملف إلى القضاء العدلي، مطالباً بوضع الجنائية الدولية يدها على القضية.
وشهد لبنان في تلك الفترة جملة تفجيرات اتُهم فيها نظام بشار الأسد، أبرزها تفجيرا مسجدي التقوى والسلام في طرابلس شمال لبنان عام 2013.
ويعدّ الحكم على سماحة كشخصية سياسية سابقة في لبنان ولا سيما بتهمة التحضير لأعمال إرهابية، في حين بقيت الجرائم ذات الطابع السياسي من دون محاسبة المسؤول عنها أو معاقبته أو الكشف عن ملابساتها أو تسليم مرتكبيها.
من هو ميشال سماحة؟
ميشال فؤاد سماحة مواليد 9 سبتمبر/كانون الأول 1948، سياسي لبناني ووزير سابق ومستشار للرئيس السوري بشار الاسد، وكان يمضي جزءاً كبيراً من وقته في دمشق.
انضم عام 1964 إلى حزب الكتائب وأصبح مسؤولاً عن القطاع الطلابي داخله، كان أثناء الحرب من المكلفين بالاتصالات بين الحزب وسوريا، وفي سنة 1985 ترك الكتائب بعد تأييده انتفاضة سمير جعجع وإيلي حبيقة، أصبح بعدها من المقربين من الأخير.
وعين وزيراً للإعلام والسياحة في حكومة رشيد الصلح عام 1992، ثم وزيراً للإعلام في حكومة رفيق الحريري الأولى. انتخب عام 1992 نائباً في أول انتخابات بعد اتفاق الطائف. انهزم في انتخابات 1996 و2000 أمام أنطوان حداد.
وعين في 17 أبريل/نيسان 2003 مرة أخرى وزيراً للإعلام واستمر في منصبه إلى 26 أكتوبر / تشرين الأول 2004.
في يونيو /حزيران عام 2007 أعلنت الإدارة الأميركية قرار منعه من دخول أراضيها إضافة لعدة شخصيات لبنانية وسورية بحجة "التورط أو إمكانية التورط في زعزعة الحكومة اللبنانية"، و"رعاية الإرهاب أو العمل على إعادة ترسيخ السيطرة السورية على لبنان، وأنهم بذلك "يلحقون الضرر بمصالح الولايات المتحدة".
وفي 17 ديسمبر /كانون الأول عام 2012 أدرجت الولايات المتحدة سماحة على لائحة الإرهاب بموجب القرار 13224 الذي يمنع المواطنين الأميركيين أفراداً ومؤسسات من عقد صفقات معه وتجميد أي أصول له.