بعد مرور ما يقارب العقد على وصول الدفعة الأولى من اللاجئين السوريين إلى لبنان، انتقل الحديث عن عودتهم من الأروقة الداخلية إلى القنوات الرسمية، إذ من المرتقب أن يقوم وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين بزيارة إلى سوريا يوم الإثنين المقبل وعلى جدول أعماله مناقشة الملف مع مسؤولين سوريين. وبحسب معلومات خاصة بـ"جسور" يحيط الزيارة تكتم شديد بإنتظار حصولها وتحديد نتائجها.
وعرف اللجوء السوري، لسنوات خلت، تجاذبات سياسية داخل لبنان، أدت إلى تأخير البت به.
قد يكون العد العكسي لعودة اللاجئين السورين في لبنان بدأ، إلا أن تصريح الجانب السوري لا يبشر بإيجابية كبيرة، إذ أبلغ لبنان أن سوريا لن تتمكن من إيواء أكثر من 16 ألف نازح شهرياً لعجزها عن تأمين الخدمات الأساسية سوى لهذا العدد فقط. بالتالي، وبحسب ما تشير إليه أرقام اللاجئين المسجلين وغير المسجلين والبالغ عددهم أكثر من مليونين، فإن خطة إعادة النازحين تحتاج على أقل تقدير إلى اثني عشر عاماً.
لا لبيع الأوهام
ويرفض وزير الشؤون الإجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار استباق الأمور، وأشار في حديث لـ"جسور" الى أنه "من المبكر جداً تقييم الزيارة وتعليق آمال كبيرة عليها" معتبراً أن "لبنان في بدايات الحوار مع سوريا".
ودعا حجار إلى التعاطي بأعلى درجات المسؤولية والحكمة كما الحذر مع ملف شائك كملف اللجوء السوري "تتداخل فيه مؤسسات دولية من دول مانحة ومجتمع دولي كما المواقف والقرارات السياسية لحل أزمة ما يوازي ثلث الشعب اللبناني من اللاجئين الموجودين على الأراضي اللبنانية"، مشدداً على انتظار ما ينتج عن الزيارة الأولى "كل من يسرّع ويوحي بأن الزيارة ستقدم حلولاً جذرية إنما يغش اللبنانيين".
في المقابل، لم ينفِ وجود نقاط إيجابية من شأنها بلورة الملف والدفع به قدماً "كل مبادرة أو تصريح جدي وموضوعي وكل مقاربة علمية وقانونية يمكن البناء عليها"، على أنه ترك للوزير شرف الدين المعني المباشر بالملف، تقديم ما يملك من معطيات حال جهوزها "نحن بانتظار أن يرفع لنا الوزير تقريراً لنعلم كيف تلقف الجانب السوري المبادرة وبناء عليه نقيم الزيارة".
إلا أن الوزير حجار شدد على أن "أي دولة في العالم مهما ارتفع انتاجها وامتلكت من فائض بموازنتها لا يمكنها استقبال 33% من نسبة الناس القاطنين على أراضيها" متحدثاً عن الآثار التي خلفتها "بيئياً وصحياً واجتماعياً"، ومؤكداً أن "التقارير تفيد عن وجود عملية دخول وخروج للاجئين السوريين عبر المعابر غير شرعية بأرقام كبيرة ما يدعو للقلق إذ يرفع أعدادهم إلى أكثر من مليونين".
خطة حكومية لم تستكمل
الغوص في تاريخ اللجوء السوري أعادنا إلى الخطة التي وضعها الوزير السابق للشؤون الاجتماعية رشيد درباس، وفي حديث لـ"جسور" أشار الى "أنه وعند تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام عام 2014، أصبحتُ مسؤولاً عن هذا الملف ووضعتُ الخطة اللبنانية لمواجهة النزوح السوري بعد حوالي 3 أشهر من العمل عليها" لافتاً الى أن "الورقة أقرت بالإجماع ومنذ ذلك الحين باتت سياسة الحكومة اللبنانية تجاه اللجوء السوري موجودة في سجلاتها".
اعتراض واحد لاقته الورقة حينها، كما أوضح درباس "فكرة إنشاء مخيمات خمس نجوم تبعد 30 كيلومتراً عن الحدود السورية لتكون تحت الرقابة الأمنية والسياسية وبتمويل كويتي" معلناً عن اعتراض الوزير السابق جبران باسيل عليها، ولافتاً إلى أنها لم تلقَ أيضاً أستحسان المفوضية السامية للاجئين.
وإذ أسف على الاعتراض أكد أن طرح الخطة جاء "لتفادي الفوضى مقابل فرض التنظيم دون أن تتكلف خزينة الدولة أي فلس" كما أكد أن هدفها الحد من "منافسة اليد العاملة السورية للبنانية في كل مجالات العمل من خلال تركيزها في مكان واحد منتج في قطاع الزراعة"،.
نتائج إيجابية
تركت الخطة، رغم الاعتراض على بند واحد منها، آثاراً إيجابية على لبنان، كما تابع درباس شارحاً "مطلع العام 2015 وصلت أعداد اللاجئين إلى مليوني سوري أما في 5/1/2015 أصبح اللجوء السوري صفراً معلنا عن إبلاغه المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حينها أنطونيو غوتيريس "عن تنفيذ القرار بحذافيره لمنع استقبال المزيد من اللاجئين كما إلغاء صفة لاجئ عن كل سوري يذهب إلى سوريا ويعود يفقد صفة اللاجئ" ما أدى إلى انخفاض في عددهم " حيث وصل إلى 850 ألفاً".
نشاط الوزير السابق استكمل بإجراء مسح شامل للحصول على داتا كاملة، إلا أن العمل به “توقف نهائياً "منذ رحيل حكومة الرئيس تمام سلام" كما أردف.
وأكد درباس أن إنهاء ملف اللجوء مصلحة وطنية ولا يجب لأن تكون خلافية عند أي طرف لبناني بل يجب أن يترك المجال لأصحاب العقول والخبرة ليجدوا الخطة الوطنية المناسبة خصوصاً وأنها تعتبر قنبلة موقوتة باعتبار أن معظم الذكور من اللاجئين أدوا الخدمة الإلزامية في سوريا" كما رفض تسمية "نازحين" باعتبار أن "النزوح يكون ضمن البلد الواحد".
وكبداية حل لعودة اللاجئين يرى درباس أنه يمكن استثناء قسم من الذكور "الخطر يأتي على الذكور لكن 70% من اللاجئين هم من الإناث والأطفال فليعودوا وليبقَ 500 ألف من الذكور ولتقدم لهم فرصة العمل في قطاعي الزراعة والبناء في لبنان".