أظهرت نتائج الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية التي نظمت الأحد تقاسم "الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد" بزعامة جان لوك ميلنشون وحزب "النهضة" الحاكم بقيادة الرئيس ماكرون المرتبة الأولى من حيث عدد الأصوات، فيما جاء حزب "التجمع الوطني" بقيادة مارين لوبان في المرتبة الثالثة، وفق تقديرات أولية لوزارة الداخلية.
اذا تصدر حزب "النهضة" الذي يقوده الرئيس إيمانويل ماكرون نتائج الجولة الأولى للانتخابات التشريعية الفرنسية 2022 التي جرت الأحد 12 يونيو/حزيران بحصوله على 25,70% من الأصوات مقابل 25,64 % لصالح "الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد" بزعامة جان لوك ميلنشون. هذا الاتحاد مكون من العديد من الأحزاب اليسارية كالحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي وحزب الخضر فضلا عن جمعيات وكيانات سياسية أخرى. و جاء حزب "التجمع الوطني" (اليمين المتطرف) في المرتبة الثالثة بـ18,72% من الأصوات وحزب "الجمهوريون" (اليمين المعتدل) في المرتبة الرابعة بـ10,4% من الأصوات. أما حزب "الاسترداد" (أقصى اليمين) بزعامة إريك زمور فلم يتجاوز عتبة الـ 4% من الأصوات.
نتيجة متوقعة؟
وفي قراءة تحليلية لنتائج الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، رأى الدكتور والمسشتار السياسي اللبناني لمؤسس حزب التجمع الوطني ايلي حاتم، المقيم في فرنسا، في حديث لـ"جسور" أن "تصنيف الرئيس ماكرون بالمرتبة الأولى وميلنشون في المرتبة الثانية هو تصنيف غير دقيق لأن التحالف الذي ضم حزب ماكرون حصل على نسبة 25,70% من التصويت وتحالف اليسار الذي ضم حزب ميلنشون حصل على نسبة 25.64% من التصويت، وبالتالي هذه النتائج ليست لحزب ماكرون أو لحزب ميلنشون بل للتحالف ككل، فيما لم يتحالف حزب الجبهة الوطنية مع أي حزب آخر وحصل على 20% من الأصوات وهي نتيجة قريبة من النسبة التي حصل عليها تحالف ماكرون وميلنشون، وبالتالي يعتبر الحزب الأقوى والرابح الأول في الدورة الأولى من الانتخابات."
وفي السياق، اعتبرت مارين لوبان زعيمة "التجمع الوطني" (اليمين المتطرف) نتائج الدورة الأولى "مشرفة" لكون حزبها كما قالت قد عزز رصيده بـ"ست نقاط" كاملة مقارنة مع الانتخابات التشريعية التي جرت في 2017. وتتوقع لوبان، التي كانت تطمح في البداية أن تحصل على 80 مقعدا في الجمعية الوطنية المقبلة، أن تحصل على ثلاثين مقعدا. الأمر الذي سيسمح لها ربما بتشكيل كتلة برلمانية تابعة لحزبها. ودعت لوبان إلى إصلاح النظام السياسي الفرنسي معتبرة إياه "غير ديمقراطي". وأنهت: "الأحد المقبل، لا يجب أن نختار بين الاتحاد الشعبي والبيئي والاجتماعي الجديد وماكرون لأن فرنسا ليست قاعة للأسواق ولا منطقة خارجة عن المراقبة".
"حزب الرئيس تفكك"
جان لوك ميلنشون الذي أصبح بحكم نتائج الجولة الأولى المعارض الأول لسياسة الرئيس ماكرون، اعتبر أن حزب الرئيس "انهزم وتفكك"، مشيرا إلى أنها "المرة الأولى التي لا يتمكن فيها حزب الرئيس المنتخب من ان يفوز بالانتخابات التشريعية منذ بداية الجمهورية الخامسة". ووعد ميلنشون أنه في حال انتخب رئيسا جديدا للحكومة الفرنسية، فسيقوم بتثبيت أسعار المواد الأولية ورفع الراتب الأدنى إلى 1500 يورو. وهنا اعتبر الدكتور والمحامي في محكمة باريس ومحكمة الجنايات الدولية ايلي حاتم أن "تصريح ميلنشون صائب لان عام 2017 حصل حزب ماكرون وحده على الأكثرية النيابية، لكن اليوم ورغم التحالفات لم يحصل ماكرون على هذه الأكثرية، ناهيك عن الانشقاق داخل حزب ماكرون اذ شكل رئيس الوزراء السابق أدوار فيليب، الذي كان ينتمي الى حزب ماكرون، حزبا منشقا عن حزب الرئيس الفرنسي."
مقاطعة قياسية
عرفت الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية مقاطعة قياسية بلغت 52,80 بالمئة. وهي أكبر نسبة مقارنة بالانتخابات التشريعية التي جرت في 2017 . وفي الاطار اعتبر حاتم أن "السبب هو استياء الشعب الفرنسي من المنظومة السياسية الحالية وتشرذمها وتعددها، ما أدى الى الفوضى كون كل حزب بات يدافع عن مصالحه الشخصية وليس عن المصلحة العامة. لذلك الفرنسيون يعتبرون أن وعود السياسيين تبقى حبرا على ورق بعد تسلمهم مهامهم في السلطة. هذا وتشهد فرنسا ارتفاعا مقلقا لأسعار العديد من المواد الغذائية الأولية كالبنزين والمواد الاستهلاكية من دون أن تكون الحكومة قادرة على تقليص هذه الأسعار أو تخفيضها، ما أدى ربما بالعديد من الناخبين إلى العزوف عن الاقتراع بحكم أن لا شيء قد يتغير في المستقبل."
جولة الإعادة
ومن المتوقع أن يحتدم الصراع الأحد المقبل في خمسمئة دائرة انتخابية، إذ سيقوم الفرنسيون بالفصل بين مرشحي "الاتحاد الشعبي والبيئي والاجتماعي الجديد" وحزب "النهضة" التابع للرئيس ماكرون والذي تتوقع استطلاعات الرأي احتلاله لأكبر عدد من المقاعد في الجمعية الوطنية المقبلة. لكن حاتم يشدد على أن" كل الاحتمالات مفتوحة في الجولة الثانية لأن الانتخابات التشريعية لا تشبه الانتخابات الأخرى كونها تختلف من منطقة الى أخرى، وبالتالي من الصعب التنبؤ بنتائج الدورة الثانية، ولكن بصورة عامة المعركة ستكون ثلاثية أي ستدور بين التحالف الذي يضم حزب الرئيس ماكرون و التحالف اليساري الذي يضم حزب ميلنشون وحزب التجمع الوطني برئاسة مارين لوبان.