عادة لا يتم تتويج الملك فور وفاة سلفه في بريطانيا احترامًا لفترة الحداد وإتاحة الوقت لتنظيم الحفل. فإليزابيث الثانية التي أصبحت ملكة في السادس من شباط/فبراير 1952 يوم وفاة والدها، توّجت بعد 15 شهرًا في الثاني من حزيران/يونيو 1953 بحضور أكثر من ثمانية آلاف شخص في كنيسة ويستمنستر. وتتويج ملك بريطانيا تمّ في حفل فاخر وفريد من نوعه في أوروبا تعود بعض قواعده إلى عدة قرون.
وأعلن تشارلز الثالث رسميًا ملكًا لبريطانيا في مراسم تاريخيّة في قصر سانت جيمس بثت لأول مرة على الهواء مباشرة. وأعلنت هيئة الجلوس على العرش، المكوّنة من كبار السياسيين والقضاة والمسؤولين، تتويج تشارلز الثالث ملكًا. ورفعت الأعلام التي نكست عند منتصف السارية حدادًا على الملكة إليزابيث الثانية من جديد، بعد انعقاد هيئة الجلوس على العرش.
وحضر الحفل 200 عضو من المجلس الملكي الخاص، من بينهم رؤساء الوزراء السابقون بوريس جونسون وتيريزا ماي وديفيد كاميرون وغوردون براون وتوني بلير وجون ميجور. اليكم تفاصيل حفل التتويج في بيرطانيا منذ عقود.
حفل التتويج
يقام الحفل في كنيسة ويستمنستر ويرأسها كبير أساقفة كانتربري الشخصية الدينية الأولى في الكنيسة الأنغليكانية والثاني في رئاستها بعد العاهل البريطاني. ويقدم رئيس أساقفة كانتربري أولاً الملك الجديد للجمهور الذي يهتف له.
بعد ذلك، يؤدّي الملك يمين التتويج (قانون قسم التتويج) الذي تمت صياغته في 1688. وبموجب هذا القسم يتعهد رسميًا بأن يحكم شعبه وفقًا للقوانين التي يقرّها البرلمان وبأن يفرض القانون والعدالة "برأفة" و"يفعل كل ما هو ممكن" من أجل الحفاظ على الكنيسة الأنغليكانية والبروتستانتية.
ثم يمسح أساقفة كانتربري بالزيت المقدّس ويبارك الملك الجالس على كرسي الملك إدوارد، العرش الذي صنع في 1300 ويستخدم في كل تتويج منذ 1626. ويتسلم الملك أخيرًا الإشارات الملكية وخصوصًا صولجان ثم التاج، الذي يضعه كبير أساقفة كانتربري على رأسه. ويقوم أعضاء العائلة الملكية بتكريمه ثم يُحتفل بمراسم المناولة.
هل تُتوّج الزوجة؟
إذا كان الملك الجديد رجلاً، وما لم يُتخذ قرار مختلف، تُعلن زوجته ملكة ويتم تتويجها وفق مراسم مماثلة لكن مبسّطة. وفي تتويج تشارلز الثالث، قد لا تصبح زوجته كاميلا ملكة ولكن فقط "قرينة الملك" لأنها ليست الزوجة الأولى للملك. وإذا اعتلت ملكة للعرش لا يصبح زوجها ملكًا ولا يتلقى المسحة المقدسة.
جواهر التاج
خلال احتفالات التتويج، المملكة المتحدة هي النظام الملكي الوحيد في أوروبا الذي ما يزال يستخدم الإشارات (الأزياء والسمات الملكية مثل الصولجان أو بعض السيوف). وتاج سانت إدوارد الذي صنع في 1661 لتتويج تشارلز الثاني، هو التاج المستخدم تقليديًا خلال الحفل.
وهذا التاج مصنوع من الذهب والفضة والياقوت والزفير خصوصًا ويزن أكثر من كيلوغرامين. أما التاج الإمبراطوري فيستخدم في نهاية الحفل وخلال الموكب الملكي. وهو مرصّع ب2868 ألماسة وصنع في 1937 لتتويج الملك جورج السادس، كما يضعه الملك خلال الجلسة الافتتاحية السنوية للبرلمان.
من هم المدعوون؟
في 1953 حضر8251 ضيفًا يمثلون 181 دولة ومنطقة تتويج إليزابيث الثانية. وبين هؤلاء، عدد كبير من ممثلي ممالك أجنبية قدموا من بلدانهم لحضور الحفل لكن ليس بينهم أي ملك أوروبي احترامًا لتقاليد ملكية. بعد حفل التتويج، يعبر موكب كبير شوارع لندن. ومع أن المسافة بين كنيسة ويستمنستر وقصر باكينغهام أقل من كيلومتر ونصف، امتدّ الموكب على مسافة 7,2 كيلومترات في 1953 ليتاح لأكبر عدد من البريطانيين حضوره.