مع دخول العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا شهرها السادس، شهدت الساحة الميدانية تطورات عديدة حدّت من سيطرة روسيا على بعض المناطق الأوكرانية وأحكمت من قبضتها على مناطق أخرى. إلا أن أزمة جديدة برزت أخيراً عقب استهداف روسيا ميناء أوديسا السبت دفعت كييف إلى اتهام فلاديمير بوتين بـ "البصق في وجه" الأمم المتحدة وتركيا، والتخلي عن تطبيق الإتفاق الموقع قبل يوم بشأن استئناف صادرات الحبوب العالقة بسبب الحرب.
وتعد أوديسا أكبر مدينة وأهم ميناء على ساحل البحر الأسود بأكمله، كما أنها تشكل ضرورة لاستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية. وساهم دعم بعض الدول الغربية لأوكرانيا ومدها بالسلاح، خلال الأشهر الخمسة المنصرمة، في تغيير قواعد اللعبة وإطالة أمد الحرب
استفتاء "تقرير المصير"
وحول آخر المستجدات بعد أن لامست الأزمة الروسية الأوكرانية شهرها السادس أكد الأستاذ الزائر في كلية الاستشراق بالمدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، رامي القليوبي في حديث لـ "جسور" أن "روسيا حققت تقدماً كبيراً في منطقة الدومباسك ومناطق جنوب شرق أوكرانيا من خلال بسط سيطرتها الكاملة على مقاطعة لوغانسك الشعبية كما تسميها، ونجاحها في السيطرة على أراض شاسعة في مقاطعة دونيتسك المجاورة" لافتاً إلى "وجود جيوب محدودة للمقاومة الأوكرانية".
أما أبرز ما تنوي روسيا القيام به كما يرجح القليوبي "أن تستكمل مخططها خلال شهر الصيف للسيطرة الكاملة على هاتين المقاطعتين كي تجري لاحقاً استفتاءات "تقرير المصير" بهدف ضمهما إلى السيادة الروسية كما سبق وحدث مع نموذج ضم شبه جزيرة القرم عام 2014".
إخفاق وتغيير خطط
في المقابل، يشير القليوبي الى أن روسيا لم تنجح في السيطرة على مناطق وسط أوكرانيا ما دفعها إلى تغيير مخططاتها "اضطرت في نهاية مارس/آذار الماضي إلى الإنسحاب من كييف وغيرها من المدن وحاولت تصوير الأمر على أنه إعادة تموضع إلا أن المؤشرات تؤكد أنها انسحبت بسبب عدم قدرتها على السيطرة على تلك المناطق وتحقيق الخطة الأصلية".
ويشرح أن الخطة الأصلية تقضي في "استعادة "مالا روسيا" أو "روسيا الصغرى" وهي التسمية التاريخية لأراضي أوكرانيا عندما كانت جزءاً من الامبراطورية الروسية" إلا أن روسيا تحولت بعد فشلها في ذلك "إلى التركيز على مشروع "نوفو روسيا" أي "روسيا الجديدة" وهي التسمية التاريخية لمناطق الدومباسك".
أزمة أوديسا
من جهة أخرى، قلل القليوبي شخصياً من واقعية المزاعم التي تتهم كييف بالقصف على ميناء أوديسا "لأن القصف ليس من مصلحتها" معتبراً إياه "عنصراً غريباً" ومشككاً بالتالي في حدوثه "بعد يوم واحد على توقيع الاتفاق في اسطنبول" كما أكد أنه "ترافق مع نفي روسي له "كانت روسيا تعمل على مدى الأشهر الماضية جاهدة لتجنب الظهور أمام العالم والأمم المتحدة كدولة تسببت أو قد تسببت في مجاعة عالمية".
تداخل القوى
في المقابل، كشف القليوبي عن وجود قوى إضافية تشارك في القتال داخل أوكرانيا كوكيلة عن روسيا "تتمثل بقوات جمهوريتي لوغانسك والدونتيسك الشعبيتين إضافة إلى الوحدات الشيشانية " معتبراً أن نشاط الأخيرة يبدو كبيراً ، رغم كونها “تدين بالولاء إلى القيادة الشيشانية أكثر منه إلى السلطة المركزية في موسكو" كما أوضح.
كذلك لم يستبعد وجود قوة أخرى فاعلة على الأرض "لا تستطيع روسيا التحكم بها بشكل كامل كما كان يحدث في سوريا عندما كانت القوات الحكومية السورية أو القوات الموالية لإيران تتصرف من دون العودة إلى موسكو ما كان يضعها في مواقف محرجة".