صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال كلمة ألقاها أمام منتدى فالداي للحوار في موسكو بأن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان زعيم شاب حازم جدير بالاحترام، وأن روسيا ماضية في تعزيز علاقاتها مع السعودية، مضيفاً أن موسكو تدعم انضمام السعودية إلى تحالف بريكس.
وواصل بوتين الإشادة بسياسات الأمير محمد بن سلمان الاقتصادية، قائلا إن "القدرة على التنبؤ والاستقرار مهمة لأسواق الطاقة الدولية، وهذا " ما يسعى إليه ولي العهد"، موضحا أن العهد السعودي "يسترشد بالمصالح الوطنية ومصالح موازنة أسواق الطاقة" عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات بشأن خفض إنتاج الطاقة أو زيادته.وقد جاءت تصريحات بوتين بعد أيام فقط من قرار أوبك بلاس خفض إنتاج النفط.
مصالح مشتركة
وتعليقاً على مسار العلاقات السعودية الروسية بعد منعطفات مرت بها واستقرارها على إشادات روسية بولي العهد، اعتبر السفير الروسي السابق في لبنان الكسندر زاسبكين في حديث لـ "جسور" أن "الشراكة الروسية السعودية تعتمد على المصالح المشتركة الاقتصادية خصوصا في مجال الطاقة، وعلى التفاهم حيال نظام عالمي متعدد الاقطاب.
واكد الرئيس بوتين ان روسيا كانت ولاتزال تسعى الى التعاون مع الغرب لكن المشكلة الحقيقية تكمن في التمدد الغربي وهيمنته على المنطقة."
أما نائب رئيس جمعية الصداقة اللبنانية الروسية دكتور رياض نجم فأشار الى أن "المملكة العربية السعودية في عهد الأمير بن سلمان اعتمدت نهجا معتدلا تجاه الصراعات التي تدور في العالم، أي أن الرياض اليوم باتت منفتحة على روسيا والصين ولا يقتصر اهتمامها على واشنطن والغرب فقط."
استياء أميركي
وبعدما أثار قرار أوبك بلاس خفض إنتاج النفط حفيظة الإدارة الأميركية التي اتّهمت الرياض بالانحياز إلى روسيا، معتبرة أن ذلك سياعد موسكو على ضمان مداخيل من بيع النفط وسيؤدي الى زيادة عائداتها، اعتبر زاسبكين أن "الهيمنة الاميركية يجب ان تنتهي، الا ان واشنطن ترفض ذلك ولا تزال تفرض عقوباتٍ صارمةً على كل دولة تعارضها.
واللافت أن عدم موافقة السعودية على مطالب واشنطن تعتبر عاملا إيجابيا، اذ يدل ذلك على عزم السعودية على ممارسة السياسة المستقلة المنبثقة من المصالح وطنية وبعيدة كل البعد من الارادة خارجية."
وكان تحالف "أوبك بلاس" الذي يضمّ أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بقيادة السعودية وعشر دول أخرى منتجة للنفط تقودها روسيا قرّر خفض المعروض الرسمي بمقدار مليوني برميل في اليوم، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار قبيل الانتخابات الأميركية.
تحالف "بريكس"
وفي خطابه الأخير، سعى بوتين إلى التقليل من أهمية تصريحاته السابقة عن إمكان استخدام السلاح النووي، موضحا أنه كان يرد فقط على "تهديدات خصومه".
وفي السياق، لفت زاسبكين الى أن "احتمال استخدام السلاح النووي من جانب روسيا كان بمثابة لعبة سياسية واعلامية يعتمدها الغرب بغية التسويق الى سياسية تضر بالنظام الروسي ."
وعلى صعيد منفصل، قال بوتين خلال الجلسة العامة لمنتدى "فالداي": "نعم، نحن ندعم انضمام السعودية إلى تحالف بريكس، لكن هذا يتطلب إجماع جميع دول البريكس".
وأضاف: "لقد حددنا أخيرا مكانة السعودية في منظمة شنغهاي للتعاون. وسنطور العلاقات مع هذا البلد على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف".
واعتبر زاسبكين أن " تحالف بريكس يتطور بشكل مستمر، وانضمام السعودية الى الحلف سيفتح الباب أمام مجالات جديدة، كما ان منظمة شانغهاي تقدم الفرص الاستثمارية الواسعة ويجب ان نأخذ بعين الاعتبار ان الاجراءات التي اتخذتها الدول الاوروبية في سياق النزاع في اوكرانيا ضد روسيا انعكست سلبا على القارة العجوز، واليوم يتراجع الدور الاقتصادي الاوروبي ويزداد دور دول آسيا وبالتالي بريكس وشانغهاي ستصبحان مركزين مهمين للتطور التكنولوجي على الصعيد العالمي."
استقرار أسواق النفط
أما الخبير العسكري والاستراتيجي السعودي اللواء المتقاعد محمد الحربي فيرى أن "السعودية لا تستخدم النفط في أي توترات جيو سياسية وتسعى الى استقرار أسواق النفط".
وأضاف "السعودية تنظر إلى بريكس على أنها "منظمة اقتصادية تركز على نظام مالي يوازي سويفت وتهتم بسلاسل التوريد العالمية".
توتر متزايد
الغزل الروسي بولي العهد السعودي يأتي في عزّ التوتر المتزايد بين الرياض وواشنطن بعد قرار أوبك خفض انتاجها من النفط، وفي جديد هذا التوتر ما خرج من تصريحات عن وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان، التي قال فيها إن بلاده قررت التعامل بـ”نضج” مع الولايات المتحدة، والتي أثارت غضب البيت الأبيض.
منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، عندما سئل عن تصريح وزير الطاقة السعودي: “الأمر لا يشبه قصة حب رومانسية في المدرسة الثانوية”.
وذكر كيربي أن وصف الرياض بأنها “الشريك الأكثر نضجا في العلاقة مع واشنطن لم يكن مفيدا”.