يعاني السودان، أحد أفقر دول العالم العربي والغارق في أزماته السياسية والاقتصادية، من اضطرابات مستمرة منذ الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 من أكتوبر /تشرين الأول الماضي.
وفي فصل جديد من فصول التظاهرات الساعية الى عودة الحكم المدني وانهاء الانقلاب العسكري، أطلقت الشرطة السودانية قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق آلاف المتظاهرين الذي حملوا أعلام السودان ورددوا هتافات "لا لحكم العسكر" و"مدنية خيار الشعب".
حكم مدني؟
ومنذ سقوط الرئيس السابق عمر البشير عام 2019، يتظاهر السودانيون بانتظام للمطالبة بإنهاء الحكم العسكري.
وفي السياق، اعتبر الصحافي السوداني مالك محمد طه أن "مجموعة من السودانيين تتظاهر فقط بصورة متكررة في الشارع، ولا تمثل الشعب السوداني الذي يدين هذه التظاهرات كونها تؤدي الى فوضى عارمة في البلاد."
أما عن المطالبة بقضية الحكم المدني، فاشار الى أنه "طلب محق وطبيعي لكن الوسائل المعتمدة لتحقيقه مرفوضة لأن الحكم المدني يبصر النور من خلال صناديق الاقتراع في الانتخابات وليس عبر مظاهرات قد تؤدي الى فراغ سياسي."
انتخابات مبكرة
وكثر الحديث عن اللجوء الى إجراء انتخابات مبكرة بهدف وضع حد للخلافات بين القوى السياسية، خصوصا بعدما فشلت المبادرات كافة في إيجاد مخارج للأزمة السودانية.
وهنا اعتبر محمد طه أن "الأوضاع لا تحتمل مزيداً من التعقيد، وليس من خيار يقود البلاد إلى بر الأمان غير الاحتكام إلى صندوق الانتخابات، وهو الخيار الذي ترفضه قوى الحرية والتغيير والأجسام الثورية الأخرى، بحجة أن هناك ترتيبات يجب أن تستكمل من خلال حكومة انتقالية مدنية، ناهيك عن أن بعض القوى السياسية تبتعد عن اللجوء الى انتخابات مبكرة لأنها على دراية تامة بأنها لن تحصل على قاعدة شعبية وازنة."
الآلية الثلاثية
وبشأن الآلية الثلاثية، المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومنظمة الإيقاد، الساعية الى نزع فتيل الأزمة في السودان، أشار الصحافي السوداني مالك محمد طه الى أنه "لا يعول على الآلية الثلاثية لحلحلة الوضع لأن الحل يجب أن يأتي من الداخل السوداني، والحلول الخارجية تسعى الى فرض سياسة الاستعمار وإرادة السياسية الأجنبية."
وكانت الآلية الثلاثية المشتركة عقدت اجتماعاً مع "مبادرة أهل السودان" التي خرجت أبرز توصياتها بإبعاد بعثة الأمم المتحدة "يونيتامس" من البلاد، والتي سبق وأن ابتدرت عملية الحوار بين أطراف الأزمة السودانية، وفي غضون ذلك، قال حزب المؤتمر الشعبي، إن المبادرة اختُطفت من قِبل النظام المعزول والسلطة الانقلابية.
ولفتت الآلية الثلاثية الى أنها اطلعت خلال الاجتماع على مقترحات المبادرة ووجهات النظر حول سبل الخروج من الأزمة السياسية والتقدم نحو حكم ديمقراطي ذي مصداقية بقيادة مدنية وخاضع للمساءلة.
وأشار رئيس اللجنة التنفيذية للمبادرة هاشم الشيخ الى أنه تم البحث في التوصيات والنقاط المتعلقة بشكل السلطة في السودان.
وأكد أن وجهات نظر المبادرة والآلية الثلاثية تطابقت حول تكوين حكومة انتقالية من كفاءات مستقلة، وأن على الأحزاب أن تستعد للانتخابات وألا تكون جزءاً من الحكومة الفترة الانتقالية.