يعود معتقل غوانتانامو حيث تنمحي جميع القيم الإنسانية وتنعدم الأخلاق، الى الواجهة من جديد في الذكرى العشرين لإفتتاحه من قبل الولايات المتحدة الاميركية في إطار "الحرب على الإرهاب" التي شنّتها عقب هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001.
وجدد خبراء مستقلّون منتدبون من الأمم المتّحدة، دعوة الولايات المتّحدة إلى إغلاق معتقل غوانتانامو الذي يشهد "انتهاكات متواصلة لحقوق الإنسان".
وليست المرة الأولى التي تتم فيها الدعوة لمراجعة كيفية إغلاق غوانتانامو، ومعالجة الإنتهاكات المتواصلة لحقوق الإنسان المرتكبة ضد المحتجزين هناك، بما في ذلك التعذيب وإساءة المعاملة. وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أعلن في شباط/فبراير عام 2021، أن إدارته ستدرس كيفية إغلاق المعتقل كما وعد الرئيس الأسبق باراك أوباما.
الثقب الأسود
وفي خلال السنوات العشرين الماضية، احتُجز ما مجموعه 780 شخصاً في المعتقل وأفرج عن غالبيتهم بعد حوالى 10 سنوات من دون أن توجّه إليهم أيّ تهمة قضائية.
حالياً، لم يتبقّ في غوانتانامو سوى 39 معتقلاً، بينهم 13 صدرت قرارات بالإفراج عنهم لكنّ ترحيلهم ينتظر موافقة بلدانهم الأصلية أو دول ثالثة على إستضافتهم، و14 معتقلاً ينتظرون الإستفادة من قرارات إطلاق سراح مماثلة و12 الباقون في عدادهم إثنان فقط صدرت بحقّهما أحكام بالسجن بينما لا يزال العشرة ينتظرون.
وقد صدر عن الخبراء الذين انتدبتهم الأمم المتحدة لكنّهم لا يتحدّثون باسمها بيان مشترك، جاء فيه: "عشرون سنة من اعتقالات تعسّفية من دون محاكمات، مصحوبة بتعذيب أو سوء معاملة، هي ببساطة أمر غير مقبول لأيّ حكومة، ولا سيّما لحكومة تدّعي حماية حقوق الإنسان". في حين وصفوا المعتقل بـ "ثقب أسود قانوني"، و"وصمة عار" على التزام الولايات المتحدة حُكم دولة القانون، فمنذ عام 2002، لقي تسعة معتقلين حتفهم في غوانتانامو، بينهم سبعة قالت السلطات الأميركية إنّهم قضوا انتحاراً، من دون أن تحصل أي متابعة قضائية في أيّ من هذه الحالات، بحسب الخبراء.
كما ناشد الخبراء "إغلاق هذا الفصل البغيض من الإنتهاكات المستمرّة لحقوق الإنسان"، ودعوا إلى إعادة المعتقلين الذين لا يزالون في غوانتانامو إلى أوطانهم أو إرسالهم إلى بلدان ثالثة آمنة، والتعويض عنهم على أعمال التعذيب والاعتقالات التعسّفية التي تعرّضوا لها.
إلتزام أميركي
وعقب صدور البيان تزامناً مع ذكرى مرور 20 سنة على دخول أوائل المعتقلين إلى غوانتانامو في 10 كانون الثاني/يناير 2002، قال المتحدّث باسم البنتاغون جون كيربي، إنّ الإدارة الأميركية "لا تزال ملتزمة إغلاق سجن خليج غوانتانامو، وتدرس سُبل المضيّ قدماً".
ومن خلال العمل على إغلاق منشأة الإحتجاز في غوانتانامو، يحاول الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، أن ينجح حيث أخفق سلفه الديمقراطي باراك أوباما.
إنتهاكات فاضحة
وبحسب منظمة العفو الدولية، السلامة الجسدية والنفسية للمعتقلين المتبقين في غوانتانامو متأثرة جداً بسبب حرمانهم من الحرية فأغلبهم من كبار السن ومستضعفين، ووضعهم متأثر بالتعذيب الجسدي والنفسي وسوء المعاملة والعقوبة القاسية والمهينة وغير الإنسانية التي تعرضوا لها خلال فترة اعتقالهم.
يذكر أن الولايات المتحدة بسطت سيطرتها على خليج غوانتانامو منذ عام 1898، حينما انتزعته من الإسبان نتيجة الحرب الإسبانية– الأميركية. ووقعت مع حكومة كوبا في عام 1903 عقد إيجار إلى أجل غير مسمى عن المعسكر الحربي فيها.
في المقابل، تشير الحكومة الكوبية حاضراً إلى أن ذلك المعسكر غير قانوني، وقد طالبت مراراً بإزالته.
من جهة أخرى، يمتلك ذلك المعسكر أهمية استراتيجية بالنسبة إلى الوجود الأميركي في البحر الكاريبي ما يعني أن واشنطن لن تكون على الأرجح مستعدة للتخلي بسهولة وبسرعة عنه.