سلّطت أزمة الطاقة العالمية، الأسوأ منذ عقود، الضوء على سياسية اليسار الأخضر في الولايات المتحدة الأميركية والمطالِبة بحظر فوري للتنقيب عن الوقود الأحفوري لحماية كوكب الأرض من الهلاك كما تقول. إلا أن ارتفاع أسعار الوقود عالمياً وانعكاسه تضخماً على الأسواق الأميركية، رفع من منسوب الاحتجاجات ضد سياسة الرئيس جو بايدن في ملف النفط كما لاقت زيارته إلى المملكة العربية السعودية للطلب منها زيادة إنتاج النفط اعتراضاً شعبياً كبيراً.
وكان أنصار البيئة رفعوا دعاوى قضائية ضد شركات النفط والغاز في البلاد وعمدوا إلى الضغط على وول ستريت لسحب استثماراتها من هذه الشركات التي لطالما زوّدت الأميركيين بالطاقة الموثوقة وبأسعار معقولة لأكثر من قرن من الزمان.
اليسار الضاغط
ملف النفط يحظى باهتمام كبير في الداخل الأميركي كما يوضح مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية توم حرب في اتصال مع "جسور" وذلك بعد أن "ربطت سياسة اليسار التقدمي الأميركي عملية المناخ العالمي الذي يناضلون لأجله بمنع وإيقاف الفيول الأحفوري (fossil fuel) نهائياً" إذ يعتبر هؤلاء أن "أي قرار للرئيس بايدن في دعم مشروع النفط الأميركي يعني تراجعه عن وعود قطعها لهم قبيل الانتخابات بالتوقف عن انتاج الفيول الأحفوري كليا" وهي وعود "ساهمت في سيطرة اليسار الأميركي على الانتخابات الرئاسية الأميركية" كما أضاف.
الانفجار
وبدأت سياسة بايدن تتفجر في الداخل تدريجياً يقول حرب "لأن ملف النفط جداً أساسي بالنسبة إليهم خصوصاً بعد أن قامت أميركا بتصدير النفط للمرة الأولى خلال عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في حين تراجع التصدير في عهد بايدن بعد إلغائه اتفاقيات بين الحكومة الفدرالية وشركات تكرير النفط ووضعه قيوداً كبيرة عليها وأجبر بعضها على الإقفال".
خطر الايديولوجيات
ويحذر حرب من أن عواقب تحقيق الايديولوجيات تكون كارثية معظم الوقت "ماو تسي تونغ في الصين قتل 45 مليونا من شعبه ليحقق الثورة الصينية وأهدافها وفي أميركا وبهدف تحقيق أهدافه، لا يكترث اليسار الأميركي إن ضرب الاقتصاد الأميركي ليمنع الفيول الأحفوري ويتجه في المقابل نحو الطاقة الشمسية والكهربائية".
في المقابل يؤكد أن "اليسار التقدمي لا تتجاوز نسبته 25% من الشعب الأميركي إلا أن الرأي العام الأميركي بغالبيته يعارض قراره ويسأل "لم يزور الرئيس بايدن السعودية ويرجوها ضخ نفط إضافي ويرفض في المقابل زيارة ألاسكا حيث أكبر كمية نفط موجودة أو تكساس حيث توجد جميع شركات النفط وكل محطات التكرير؟ لماذا لا يرفع القيود عن هذه الشركات والتي فرضها في أول عهده؟"
هذا التضارب في الداخل الاميركي في ملف النفط والانتقادات لسياسة بايدن من شأنه الانسحاب على استحقاقات مقبلة يؤكد حرب "سيخسر فريق بايدن في الانتخابات النصفية".
استطلاعات رأي
وتُظهر استطلاعات رأي أن معظم الأميركيين يقبلون عموما حقيقة تغير المناخ، ويريدون أن يروا المزيد من العمل لإبطاء هذه التغيرات المناخية، لكن الأمر ليس في قائمة أولوياتهم، وأشارت إحدى الاستطلاعات أن 2% فقط من الناخبين يرون تغير المناخ المشكلةَ الأكثر أهمية في البلاد، في حين صنّفها ناخبو الطبقة العاملة في المرتبة الـ14 على قائمة أولوياتهم.
وتُظهر استطلاعات أخرى للرأي أن الشعب الأميركي ليس على استعداد لدفع فواتير طاقة أعلى لمكافحة الاحتباس الحراري. وينشغل معظم الناخبين بمخاطر أكثر إلحاحًا، مثل كوفيد-19، الذي قتل أكثر من مليون أميركي على مدار العامين الماضيين.
وتخطّط الولايات المتحدة لخفض الانبعاثات بنسبة 50 إلى 52% بحلول عام 2030، وتحقيق الحياد الكربوني الكامل بحلول عام 2050.