بعد لقاء جمع بينهما، في المملكة العربية السعودية عام 2021، استضاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في قصر الإليزيه واستبقاه الى مأدبة عشاء، وكانت جولة أفق في مجمل الملفات ذات الاهتمام المشترك.
أهداف زيارة بن سلمان لفرنسا أبعادها تجاوزت تلك المعلن عنها في البيان المشترك ولم يكن ملف زيادة إنتاج النفط، على أهميته، من أبرزها.
وأفاد بيان الإليزيه بأن الرئيس الفرنسي، وولي عهد السعودي، أعربا عن رغبتهما في تعزيز التبادلات وتعميق العلاقة بين البلدين ومواصلة التشاور لمواجهة التحديات الإقليمية والعالمية.
وشدد الرئيس الفرنسي وولي العهد على ضرورة إيجاد مخرج للصراع بين روسيا وأوكرانيا وتكثيف التعاون للتخفيف من آثاره في أوروبا والشرق الأوسط والعالم.
الاعتراف بالجميل
تأتي زيارة ولي العهد السعودي إلى فرنسا، وفقاً لما كشفه الصحافي في مجلة Asie Afrique الفرنسية ماجد نعمة "فيما تمر فرنسا في أوضاع سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية صعبة جداً مع وجود تضخم متزايد يفوق السبعة في المئة، ويسير بسرعة خيالية نحو العشرة في المئة إضافة إلى ما تعاني منه البلاد من مديونية خيالية وصلت حد 3 آلاف مليار دولار نتيجة لسياسات ماكرون".
من هنا كان على الرئيس الفرنسي القيام بخطوة حاسمة قبل أن تغرق البلاد في مستنقع الفوضى وربما "الدم في الشارع" كما لفت نعمة في حديث لـ "جسور" الى ان دعوة ولي العهد جاءت في إطار الاعتراف بجميل بن سلمان على فرنسا على ما أبداه من رغبة في إعطاء الشركات الفرنسية حصة من برنامج رؤية 2030" وتكللت "بمصالح الدولتين الفرنسية والسعودية"
استدارة سعودية
هدف آخر غير معلن للزيارة، يعود بحسب نعمة إلى العلاقة المتوترة بين المملكة العربية السعودية من جهة وأميركا وأوروبا من جهة ثانية، والتي دفعت بالمملكة إلى الاستدارة نحو الصين وروسيا "كان لا بد من تطويق العلاقة الناشئة بين السعودية وكل من الصين وروسيا خشية تطورها لتصل حد إقامة علاقات استراتيجية فيما بينهما" مشيراً إلى حصول ماكرون "على الضوء الأخضر من الرئيس الأميركي جو بايدن".
إلا أن نعمة أعلن أن "التطويق فاشل لأن زمن اعتبار الدول الغربية نفسها سيدة العالم انتهى"، موضحاً أن أوروبا تحديداً "في وضع لا تحسد عليه بسبب اعتمادها على إيديولوجيا العقوبات التي بدأت تنقلب عليها" وكشف عن أن "بعض الدول بدأت ترفض التعامل بالدولار أو اليورو خوفاً من وقوعها تحت طائلة العقوبات ما أدى إلى هبوط التبادل بالعملة الأميركية من 90% في السنوات الماضية إلى أقل من 60% حالياً".
رفض الحلول
وأعاد نعمة تفاقم أزمة النفط العالمية الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية إلى امتناع الدول الكبرى عن اعتماد الحلول المتوفرة وأبرزها "التعامل مع الدول القادرة فعلاً على ضخ الكثير من النفط بحجة أنها دول عدوة بنظرها مثل فنزويلا التي تمتلك احتياطيا نفطيا هائلا" كما رفض الولايات المتحدة إعادة العمل بانتاج وتصدير الغاز وإن بكلفة أكبر من الغاز الروسي"، في المقابل لفت إلى أن أوروبا " تعود إلى عصر الفحم الحجري والنووي بعد أن أوقفته".
نظام دولي جديد
وأكد نعمة أن الحلول الجذرية للخلافات السياسية العالمية تبدأ بإنشاء "تفاهم حول نظام دولي جديد قائم على عدم هيمنة قطب واحد على السياسة العالمية" لافتاً الى أن "الحكمة بالنسبة للدول العربية تقتضي إعادة النظر في تحالفاتها من دون التخلي عن أصدقائها"
الملف اللبناني الذي نال حصة من المعالجة الإنسانية العام المنصرم لن يشهد تغييراً كبيراً كما يرى نعمة لكنه اعتبر أنه "يتوقف على التغيير في السياسة الاميركية والتقارب السعودي الايراني الذي يسير في طريق جيد سيستفيد منه لبنان على أن تغيير النظام اللبناني ضروري في ظل حكم الطوائف التي تتنافس على الغنائم".