كتبت مايا هاشم في جسور:
لا يوجد ضابط إيقاع للحرب الروسية الأوكرانيّة أو آلية تمسك زمام الأمور وتعيد عقارب الساعة إلى الوراء في حال خرجت الأمور عن سيطرتها وامتدت رقعة الحرب خارج حدود "الجارتين" ووصلت إلى القارة العجوز.
حرب مفصليّة فرضت نفسها
لم تنجح دعوات وقف التصعيد بإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، التي بدأت في شباط/فبراير 2022. موقف الأمم المتحدة بدا هشًّا ضعيفًا لا بل عاجزًا عن فعل أي شي إذ اقتصر البيان على بذل كافة الجهود لإنهاء الحرب والتخفيف من تأثيرها، في المقابل دعم الاتحاد الأوروبي طرفًا على آخر، ولا بوادر إيجابية تلوح في الأفق أو بصيص أملٍ للخروج من المأزق، على الرّغم من أن التقديرات الأوليّة للحرب كانت تشير إلى حسم روسيا للعملية العسكرية خلال أيام قليلة، إلا أن الدعم الغربي لأوكرانيا ومدّها بالعتاد والسلاح حالا دون ذلك، وجعلا من هذه الحربِ حربًا مفصليةً فرضت نفسها بنفسها.
حرب استنزاف
الجانب الروسي لا يرى أن تأخّره في حسم المعركة يعني "الخسارة". موسكو التي تسعى إلى اعتماد استراتيجيّة المماطلة عبر إطالة أمد الحرب بهدف استنزاف أخصامها، وتغيير نظام القوى في العالم، ما يجعل روسيا تسير في خطّة استنزاف ضد خصومها ولا يقتصر ذلك على أوكرانيا فحسب بل على الولايات المتحدة وحلف الناتو أيضًا.
سيف ذو حدَّين
التكتيك الرّوسي في إطالة أمد الحرب سيف ذو حدّين بالنسبة لموسكو في ظل مواصلة الدعم الغربي لأوكرانيا بالسلاح والعتاد، وهذا سببٌ رئيسي في عدم حسم المعركة بعد، علمًا أن وزارة الدفاع الأوكرانية أعلنت، في بيان سابق لها، عدم استلام إلّا ما يُقدّر بنحو 10% من الأسلحة التي طلبتها من الغرب.
إلّا أن الولايات المتحدة تجد نفسها مضطرّة لدعم أوكرانيا لأن واشنطن ترى المعارك العسكرية بين "الجارتين" هي حربها على أراضي كييف. وبالتالي إطالة أمد الحرب تؤدي إلى خسائر البشرية ومادية تدفع ثمنه روسيا منفردةً من جهة وأوكرانيا والولايات المتحدة كما أوروبا من جهةٍ أخرى.
سيناريو مفتوح على كل الاحتمالات
قد يكون أحد السيناريوهات المتوقّعة هو تحوّل الحرب الى صراع دائم وطويل الأمد على غرار الحرب الباردة، كما أن باب التأويلات يُفتح على مصراعيه، فهناك احتمال يتمثّل بألّا يحقق الطرفان هدفهما من هذه الحرب، ربما لن تستطيع روسيا بسط سيطرتها على أوكرانيا، وربّما الأخيرة لن تستطيع إخراج القوات الروسية من أراضيها، إذن يصبح العالم أمام حرب "مبتورة" الأهداف، أرهقت الحجر والبشر وأرخت بظلالها على اقتصادات العالم.
حرب لم تخرج عن السيطرة بعد
واضح أن طرفي الحرب يسعيان إلى تجنّب الأسوأ كما يدركان تمامًا أن كليهما على حد سواء في الخسارة، وعلى الرغم من عدم خروج الحرب الروسية الأوكرانية عن السيطرة أي عدم استخدام الأسلحة النووية بعد، إلا أن التداعيات الكارثية على اقتصاد طرفي النزاع كما على أوروبا والعالم بات باهضًا، ويُنذر بتفكيك التحالف الغربي بقيادة الناتو وواشنطن، ومن غير المستبعد أن تستخدم موسكو السلاح النووي التكتيكي في حال ضربت أوكرانيا أهدافًا داخل روسيا ردّا على ما تعتبره موسكو "تدخّلاً سافرًا" للغرب في الحرب الروسية الأوكرانية.