استؤنفت المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن لإحياء الاتفاق النووي في العاصمة النمساوية فيينا الخميس، بعدما كان إحياء الاتفاق وشيكًا بُعيد 11 شهرًا من المفاوضات، غير أن الصفقة التي قيل إنها "نضجت" آنذاك لم تتوصّل إلى تسوية أميركية وإيرانية، إذ تُصر طهران على رفع كل العقوبات وتشدّد على ضرورة وجود ضمانات بأن واشنطن لن تنسحب مرة أخرى من الاتفاق، في المقابل تطرح الولايات المتحدة تعليق جزء من العقوبات وإبقاء جزء آخر، وتصر على توسيع الاتفاق ليشمل برنامج إيران الصاروخي ونفوذها الإقليمي.
ورغم عمق الخلافات بين واشنطن وطهران فان لكليهما مصلحة في الإبقاء على قناة الدبلوماسيّة قائمة بغية التوصّل إلى "أرضية مشتركة" بمقدورها إعادة إحياء الإتفاق النووي الموقّع عام 2015، في وقت رمى المتحدّث باسم البيت الأبيض جون كيربي الكرة في ملعب طهران، مشيرًا إلى وجود عرض مطروح على الطاولة وينبغي على الإيرانيين قبوله، والذي يقضي بموافقة طهران على ضوابط صارمة على قطاعها النووي، في المقابل تحصل إيران على رفع تدريجي لعقوبات اقتصادية خانقة.
سياسية المناورة
وفي شأن المفاوضات السابقة التي باءت بالفشل، أشار المحلّل السياسي الإيراني مصعب النعيمي في حديث لـ"جسور" إلى أن "المحادثات فشلت لأسباب مختلفة أبرزها مراهنة واشنطن على الاستفادة من الوقت، لكن عامل الوقت الآن لم يعد في صالحها، إذ تسعى إلى فرض عروض أحادية للتوصّل إلى تسوية لأن الظروف الدولية التي تحيط الاتفاق اختلفت، ما أجبر الولايات المتحدة على تقديم تنازلات نظرًا لصعوبة الوضع الذي تمر به."
وعن تصريح البيت الأبيض بأن المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران "اكتملت تقريبا" وأن الوقت "ينفد"، اعتبر النعيمي أن هذا التصريح ليس "الا مناورة كون واشنطن باتت الحلقة الأضعف في الاتفاق. أما إيران فترفض شروط واشنطن التعجيزية وستقف دائمًا في وجه العقوبات التعسفية."
وشدّد النعيمي على أن "اتفاقية عام 2015 يجب أن تنفّذ من دون أي شروط إضافية من الجانب الأميركي، فالمطلب الإيراني واضح يقضي بإزالة العقوبات الاقتصادية الخانقة التي فرضتها الولايات المتحدة".
وتابع "انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي يدل على عدم مصداقيتها، وبرهنت للعالم أنها غير قادرة على إبرام اتفاق والالتزام ببنوده."
النووي الايراني
وفي أواخر يونيو /حزيران، استضافت قطر محادثات غير مباشرة بين طهران وواشنطن على أمل إعادة العمليّة إلى مسارها الصحيح، لكن تلك المحادثات فشلت في تحقيق انفراج.
وفي محاولة أخيرة، قدّم منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، اقتراحًا وسطيًا الشهر الماضي ودعا الأطراف إلى قبوله لتجنّب "أزمة نووية خطيرة".
وقال بوريل إن مسودة النص تتضمن "تنازلات تم الحصول عليها بشق الأنفس من قبل جميع الأطراف" و"تتناول بالتفصيل الدقيق رفع العقوبات بالإضافة إلى الخطوات النووية اللازمة لاستعادة" اتفاق 2015.
ووقعت بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وإيران وروسيا والولايات المتحدة على الاتفاق النووي في يوليو/ تموز 2015.
لكن في أعقاب الانسحاب أحادي الجانب للولايات المتحدة عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب وإعادة فرض العقوبات الأمريكية، تراجعت طهران عن التزاماتها.
وكان رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، حذّر يوم الثلاثاء من أن برنامج إيران "يمضي قدمًا بسرعة كبيرة جدا" و"ينمو في الطموح والقدرة".