رغم الغموض الذي يكتنف علاقات موسكو مع أفريقيا، إلا أن ما بات جليا هو عودة "الدب الروسي" إلى القارة السمراء ، حيث تسعى موسكو لإيجاد موطئ قدم لها في أفريقيا عبر توقيع اتفاقيات سياسية وعسكرية مع دول تعصف بها انقلابات عسكرية.
وفي الآونة الأخيرة أصبح النفوذ الروسي في إفريقيا أكثر ضبابية، ففي جمهورية إفريقيا الوسطى، أبرمت مجموعة فاغنر المرتبطة بالمخابرات الروسية، اتفاقاً لحماية الرئيس من الميليشيات التي تهدّد العاصمة. وفي وقتٍ لاحق، سيطرت الشركات الروسية على مناجم الذهب والماس. واليوم تسير مالي نحو المصير نفسه.
فهل الدول الإفريقية التي تحتضن موسكو تلعب بالنار؟ وما هي أهداف روسيا من الدول الافريقية وآخرها النيجر؟
اهتمام ملحوظ
يرى المحلل السياسي الروسي تيمور دويدار في حديث لـ"جسور" انه وفيما روسيا في حالة حرب وهي ربما وجودية، تحظى أفريقيا بدولها العربية على اهتمام داخل الكرملين في ظل منافسة الغرب، بتقديم ظروف نموّ للشعوب الأفريقيّة على مبدأ المصالح المتبادلة في عقيدة ليس على حساب الشعوب". ويضيف ان "روسيا تسعى لتنمية اقتصاد أفريقيا و بذلك انعاش التجارة العالمية، الرفاهية، لإقامة سوق طاقة ، تبادل التكنولوجيا، التعليم، والصحة وغيرها".
كيف بدأت؟
وبدأت روسيا بتوسيع نفوذها انطلاقاً من العلاقات الطيّبة التي كانت قائمة بين الاتحاد السوفييتي والعديد من دول القارة التي لا تزال تذكر بتقديرٍ كبير موقف الاتحاد السوفييتي إلى جانب قادة التحرير مثل نيلسون مانديلا، بينما كان الغرب يصفهم بالإرهابيين.
وقد تمكنت روسيا من تحقيق تقدم سريع في بسط نفوذها بفضل دبلوماسيّتها المتساهلة وغير المتوازنة، واستعدادها لبيع الأسلحة إلى الأنظمة القمعيّة، وبفضل الشركات الروسية المتخصصة بالتنقيب عن الذهب والأحجار الكريمة، من دون مراقبةٍ أو تدقيق.
وقد بلغت حصّة روسيا وحدها 44% من مبيعات الأسلحة إلى إفريقيا بين عامي 2017 و2021. وتشير المعلومات الصحفية الى أن الدول الإفريقية التي تحتضن موسكو تلعب بالنار. وربما يستفيد الحكام المستبدّون من المساعدة الروسيّة في مراقبة المجتمع المدني، وقمع الاحتجاجات، ولكن موسكو لا تقدم شيئاً يخدم مشاريع التنمية. وعلى الرغم من الانتقادات الكثيرة التي طالت التأثير الصيني في القارة، فقد كان أكثر إيجابية.
ومع ذلك فهنالك خطر من تطابق المصالح الصينية والروسية في القارة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالدعاية المعادية للغرب. وإذا أراد الغرب والولايات المتحدة مواجهة النفوذ الروسي المتوسع في إفريقيا فعليهم تقديم ما هو أفضل.