تداعيات قضية انفجار مرفأ بيروت لاتزال تتفاعل في لبنان، لا سيّما بعد إصدار المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، مذكرة إحضار بحق رئيس الحكومة السابق حسّان دياب. تُضاف إليها، مذكرة توقيف غيابية بحق الوزير السابق يوسف فنيانوس، بعد تغيّبه عن حضور جلسة الاستجواب، اليوم، وسلسلة قرارات بالتحقيق مع وزراء سابقين ونواب حاليين وقادة أمنيين وعسكريين، مع المطالبة برفع الحصانة عن بعضهم للتحقيق معهم.
آخر هذه التداعيات كان رسالة البرلمان الأوروبي، إلى قادة لبنان، أمس، التي طلب فيها من الدول الأعضاء في الاتحاد أن تفرض عقوبات محددة الهدف، ضد السياسيين اللبنانيين المسؤولين عن الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان والمساعي الرامية إلى عرقلة العدالة.
مدى تأثير العقوبات على السياسيين
في السياق، يُشير المحامي فاروق المغربي، في حديث لـ"جسور"، إلى أنه "إذا تمّ فرض هذه العقوبات على عدد من السياسيين اللبنانيين، من الممكن أن ينعكس الأمر على موضوع رفع الحصانات، لكن قانونياً، النواب والمسؤولون الأمنيون لن يتأثروا كثيراً".
من جهته، استبعد الكاتب الصحافي يوسف دياب، فرض عقوبات أوروبية، باعتبار أن "الأوروبيين غير جدّيين في هذا الموضوع ولا يملكون الرغبة والجرأة لذلك، وهذه العقوبات لن تُفرض إلا بمباركة أميركية، وكل هذا الحديث ليس أكثر من "إستعراض عضلات"، خاصة وان أميركا برئاسة جو بايدن، باتت أولوياتها في مكان آخر".
نيّة دولية بطمس الحقيقة
كما أعرب الصحافي دياب، عن خشيته "من وجود رغبة دولية بطمس الحقيقة في ملف انفجار مرفأ بيروت"، خاصة وأن "الدول الكبرى لم تسلّم صور الأقمار الاصطناعية إلى لبنان، ولا تعاون في هذا الخصوص، مما يُشير إلى أنه في حال كانت إسرائيل متورّطة بالإنفجار، فهناك نيّة بتهريبها من التبعات القانونية والسياسيّة وربما العسكرية، لأن ما حصل يُعتبر "جريمة حرب" ضد الإنسانيّة، والمفارقة ان حزب الله للمرّة الأولى لا يتّهم إسرائيل بالرغم من حجم الإنفجار، لأنه إذا كانت الأخيرة متورّطة، فستترتّب على الحزب مسؤولية الرد وربّما الذهاب إلى حرب لا يُريدها".
مذكرة توقيف غيابية بحق دياب؟
تتجّه الأنظار إلى جلسة 20 سبتمبر/ أيلول الجاري، التي استدعي إليها الرئيس دياب بموجب مذكرة إحضار أصدرها القاضي البيطار في 26 أغسطس/ آب الماضي، وحدد مكان تنفيذها في السرايا الحكومية، بعد أن كان قد امتنع سابقاً عن المثول أمام القضاء أثناء رئاسته لحكومة تصريف الأعمال.
إلا أن مذكرة الإستدعاء جاءت بالتزامن مع إعلان دياب مغادرته البلاد إلى الولايات المتحدة في زيارة عائلية.
ولفتت مصادر قانونية في حديث لـ"جسور"، أنه "في حال حضر دياب أو محامٍ يكلّفه، جلسة الاستجواب الاثنين، تسقط مذكرة الإحضار ويتمّ استجوابه وبعدها يُقرَّر، إمّا إصدار مذكرة توقيف بحقه أو لا، وقد يُمنع من السفر، لكن إذا لم يحضر لا هو ولا محامٍ عنه، على الأرجح ستصدر بحقه مذكرة توقيف غيابية، وعندها سيتمّ توقيفه على المطار فور عودته إلى لبنان".
أهالي الضحايا: وزير الداخلية الجديد أمام امتحان تطبيق العدالة
ينتظر أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت العدالة منذ أكثر من سنة، من دون أن يوفروا مناسبة لرفع صوتهم والاحتجاج على مجريات التحقيق لا سيّما أمام منازل الوزراء والمسؤولين السياسين.
وشدد وليم نون، شقيق شهيد فوج إطفاء بيروت جو نون، في حديث لـ"جسور"، على أن "أهالي الضحايا يدعمون القاضي بيطار حتى النفس الأخير، ويقفون إلى جانبه، خاصة بعد إصداره مذكرة الإحضار بحق دياب، ومذكرة التوقيف الغيابية بحق فنيانوس، وتحدّيه المنظومة وحيداً".
وتابع نون "ننتظر المحامي العام التمييزي القاضي غسان خوري، أن يتحرّك بأسرع وقت ممكن، وإلّا سننظم مظاهرة ضده، واليوم وزير الداخلية الجديد (القاضي بسام مولوي) أمام إمتحان هام، إذ عليه أن يلقي القبض على الهاربين من العدالة، دياب وفنيانوس، ولكن نؤكد أننا كأهالي سنكون حيث يجب أن نكون في كل وقت".
ونفّذ عدد من أهالي شهداء المرفأ، أمس الخميس، اعتصاماً أمام قصر العدل في بيروت، رفضا للتدخلات السياسية في القضاء واستنكارا لعدم محاسبة المتهمين في انفجار المرفأ.
وندّد الأهالي بتصرفات النيابة العامة التمييزية واصفينها بـ"المشبوهة والمريبة لأنها بدأت بتسريب معلومات التحقيق ولعدم قيامها بدورها الأساسي لجهة الإدعاء". وأضافوا أن "وجعنا كبير جداً ولم يعد بمقدورنا التحمّل"، مهددين بخطوات "غير سلميّة".