إن كنت تعتقد أن مشهد ذوبان الجليد هذا ما هو سوى انعكاس بسيط للتغير المناخي وأن أسوأ ما قد يصيب كوكب الأرض ومن فيه هو غرق مدن بأكملها واحتضار آلاف الكائنات على سطحه، فعليك إعادة النظر في الخطر الداهم داخل جوف الأرض وتحديداً في أبعد نقطة وصل إليها الإنسان على الكوكب.
ثلاجة الأرض ببابين عريضين الشمالي والجنوبي، بإعتبارهما الجزء المغطى بالثلج والجليد
ويزودان الفضاء بالبرودة لتحقيق التوازن في حرارة الأرض، إلا أن هذه الثلاجة باتت عرضة لتشوّهات في معالمها بسبب الاحتباس الحراري خلال العقود الماضية، ما تسبب بذوبان 27 مليون كم مكعب من جليد القطب الجنوبي، ونفوق جماعي لسمك الجليد في القطب الشمالي بنسبة 13% كل عقد، ما سيعرّضها لخطر الاختفاء تماماً قبل حلول عام 2050.
هذا يعني أن المشاهد الساحرة ستختفي بعد سنوات وأيام الثلج على الجبال ستكون معدودة. حينها، لن يكون أمام العالم سوى خيارين: إمّا التأقلم أو الموت، لأن موجات الحر ستشتد حول العالم، ستتفاقم الفيضانات والمدن الساحلية ستدفع الثمن، وسيكون هذا الواقع المرير مجرد بداية لأنه ومع ذوبان هذه الثلوج، ستطفو على السطح جثث وفيروسات دُفنت لمئات الأعوام فتطلق العنان لأمراض قاتلة نائمة مدفونة تحت التربة الصقيعية.
لكن هل هذا يعني أن جميع الفيروسات النائمة ستعود من جديد بعد ذوبان الجليد أم أن الوقت كفيل بتدمير بعضها؟ وهل تقتصر هذه الثلاجة على الأمراض وحسب أم أنها ستكون المفتاح لفك شيفرات أمراض فتاكة بقيت لغزاً بيولوجياً لعقود؟
لا دراسات تؤكد كم من الوقت تبقى هذه الفيروسات حية داخل الجليد، وربما يكشف تفشي داء الجمرة الخبيثة في سيبيريا عام 2016 عن مدى خطورة الجراثيم المجمدة. فقد نسب العلماء سبب انتشار الفيروس إلى وجود جيف حيوانات كانت مصابة بالمرض منذ عقود في التربة الصقيعية، وقد أدى ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد إلى انتشار البكتيريا مجدداً في القطب الشمالي. وقبلها في عام 2015، ظهر فيروس جديد في آلاسكا ينتمي لعائلة فيروسات "أورثوبوكس" المسببة للجدري، ليعثر العلماء بعدها على 4 أنواع من الفيروسات العملاقة في عينة من تربة صقيعية عمرها 30 ألف سنة في سيبيريا.
كارثة متنامية لا تخلو من المنافع، فمع بدء ذوبان الجليد في التسعينيات، تحول القطب الجليدي إلى منصة تجارب للكشف عن أصول العديد من الفيروسات وطرق التصدي لأمراض جديدة. فقد حدد فريق مورنز جينات الإنفلونزا الإسبانية 1918 وتوصلوا إلى أن أوبئة عام 1957 و1968 و2009 كانت ناجمة عن فيروسات منحدرة من وباء 1918.
الطريق لا يزال طويلاً لاكتشاف أسرار الأرض، وحتى ذلك الوقت تبقى فرملة وتيرة ذوبان التربة الصقيعية السبيل الوحيد لإنقاذ البشرية على أمل أن نعي مدى خطورة التغير المناخي قبل فوات الآوان.
ثلاجة الأرض ببابين عريضين الشمالي والجنوبي، بإعتبارهما الجزء المغطى بالثلج والجليد
ويزودان الفضاء بالبرودة لتحقيق التوازن في حرارة الأرض، إلا أن هذه الثلاجة باتت عرضة لتشوّهات في معالمها بسبب الاحتباس الحراري خلال العقود الماضية، ما تسبب بذوبان 27 مليون كم مكعب من جليد القطب الجنوبي، ونفوق جماعي لسمك الجليد في القطب الشمالي بنسبة 13% كل عقد، ما سيعرّضها لخطر الاختفاء تماماً قبل حلول عام 2050.
هذا يعني أن المشاهد الساحرة ستختفي بعد سنوات وأيام الثلج على الجبال ستكون معدودة. حينها، لن يكون أمام العالم سوى خيارين: إمّا التأقلم أو الموت، لأن موجات الحر ستشتد حول العالم، ستتفاقم الفيضانات والمدن الساحلية ستدفع الثمن، وسيكون هذا الواقع المرير مجرد بداية لأنه ومع ذوبان هذه الثلوج، ستطفو على السطح جثث وفيروسات دُفنت لمئات الأعوام فتطلق العنان لأمراض قاتلة نائمة مدفونة تحت التربة الصقيعية.
لكن هل هذا يعني أن جميع الفيروسات النائمة ستعود من جديد بعد ذوبان الجليد أم أن الوقت كفيل بتدمير بعضها؟ وهل تقتصر هذه الثلاجة على الأمراض وحسب أم أنها ستكون المفتاح لفك شيفرات أمراض فتاكة بقيت لغزاً بيولوجياً لعقود؟
لا دراسات تؤكد كم من الوقت تبقى هذه الفيروسات حية داخل الجليد، وربما يكشف تفشي داء الجمرة الخبيثة في سيبيريا عام 2016 عن مدى خطورة الجراثيم المجمدة. فقد نسب العلماء سبب انتشار الفيروس إلى وجود جيف حيوانات كانت مصابة بالمرض منذ عقود في التربة الصقيعية، وقد أدى ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد إلى انتشار البكتيريا مجدداً في القطب الشمالي. وقبلها في عام 2015، ظهر فيروس جديد في آلاسكا ينتمي لعائلة فيروسات "أورثوبوكس" المسببة للجدري، ليعثر العلماء بعدها على 4 أنواع من الفيروسات العملاقة في عينة من تربة صقيعية عمرها 30 ألف سنة في سيبيريا.
كارثة متنامية لا تخلو من المنافع، فمع بدء ذوبان الجليد في التسعينيات، تحول القطب الجليدي إلى منصة تجارب للكشف عن أصول العديد من الفيروسات وطرق التصدي لأمراض جديدة. فقد حدد فريق مورنز جينات الإنفلونزا الإسبانية 1918 وتوصلوا إلى أن أوبئة عام 1957 و1968 و2009 كانت ناجمة عن فيروسات منحدرة من وباء 1918.
الطريق لا يزال طويلاً لاكتشاف أسرار الأرض، وحتى ذلك الوقت تبقى فرملة وتيرة ذوبان التربة الصقيعية السبيل الوحيد لإنقاذ البشرية على أمل أن نعي مدى خطورة التغير المناخي قبل فوات الآوان.