على وقع الظروف اللبنانية الاقتصادية الخانقة، والاحتجاجات المتنقلة التي تشهدها المناطق اللبنانية بين الحين والآخر، تتجه أنظار كثيرين نحو مصير الانتخابات النيابية اللبنانية المقررة في 15 مايو/ أيار المقبل وما بعدها من تطورات، وأولها أنظار المجتمع الدولي، الذي اعتبر أن الاستحقاق المصيري هو آخر فرصة للتغيير الديمقراطي، وعلى أساسه يحدد مصير لبنان وعلاقاته بالعالم، والتي بحسب نتائجه أيضا، تحدد موقفها من هذا البلد وسلطاته المقبلة من حيث نوعها وأهدافها.
وكما يبدو واضحا وضوح الشمس، فالصراع في لبنان يدور بين "سياديين" و"ممانعين"، أي بين لبنانيين يعتقدون أن الانتخابات ستسهم في تغيير المنظومة السياسية واعادة لم ّ الشمل السيادي وآخرين يدورون في فلك "حزب الله" ومشروعه الإقليمي، وهناك أيضاً أنظار الداخل اللبناني، على الرغم من كثرة اللبنانيين الرافضين المشاركة في الانتخابات باعتبارها "مهزلة ومسرحية".
تصويت إنتقامي؟
على الصعيد الحكومي، لا شيء يوحي بتأجيل الانتخابات حيث تبدو الحكومة ملتزمة بتطبيق بيانها الوزاري الذي تعهدت فيه بإجراء هذا الاستحقاق بهدف إعادة تكوين السلطة من جديد، وإستعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان.
وفي هذا الإطار، تفيد المعطيات بأن وزارة الداخلية قامت بفرز 16500 عنصر أمني لمواكبة سير العملية الانتخابية في كل المراكز في مختلف الدوائر .
وفي المقابل، تبرز أسباب كثيرة قد تدفع لتأجيل الانتخابات، من الوضع الأمني المتوتر سواء في طرابلس على خلفية الغضب الشعبي العارم بفعل غرق قارب الموت، والتهديد بأن لا "إنتخابات في طرابلس والجوار قبل إنتشال أبنائنا من قعر البحر".
أو في بيروت، من الإشتباكات والاحتجاجات العنيفة في عائشة بكار والاشكالات المتنقلة التي سادت قبل أيام، الى التصعيد الذي شهدته العاصمة بيروت من قطع طرقات وإشعال إطارات وأعمال شغب وإطلاق نار كثيف في أحياء عدة، وصولا الى التصعيد الخطير الذي شهدته الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، فضلا عن التحركات التي بدأت تنشط في مختلف المدن اللبنانية إحتجاجا على الوضع المعيشي المتردي.
كل هذه الأجواء المتوترة أمنيا وإجتماعيا ومعيشيا تقول مصادر متابعة إنها تتنافى مع ديمقراطية الانتخابات التي من المفترض أن تجري في ظل إستقرار ولو كان نسبيا، خصوصا أن ما تشهده البلاد قد ينعكس على مزاج الناخبين الذين قد يختارون التصويت الانتقامي، أو المقاطعة.
معركة محتدمة!
وللوقوف عند آخر التطورات والمشاورات السياسية، وفيما يحكى عن تناغم قواتي مع مرشحين سياديين لتوزيع الاصوات التفضيلية بما يضمن وصول أكبر عدد منهم الى البرلمان اللبناني ومن ضمنهم الحديث عن امكانية اعطاء القوات اللبنانية بعض الاصوات في جبيل للمرشح فارس سعيد بغية ايصال سعيد ومرشح القوات زياد الحواط وقطع الطريق أمام مرشحي التيار الوطني الحر، رأى رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية، شارل جبّور، أن هناك صراعا كبيرا مع الفريق الآخر، وعجزنا كقوى سيادية عن توحيد صفوفنا قبل الانتخابات لن يحول إطلاقا دون ممارسة أقصى الجهود من أجل التوحيد ما بعد الانتخابات.
وفي حديث لـ" جسور"، أكد جبور أن للمعركة الانتخابية قواعدها وبالتالي لا إمكانية لتوزيع أصوات للوائح اخرى لأنها مسألة حواصل فهذه ليست انتخابات عادية وبالتالي للمعركة أصولها وقواعدها وسنخوضها حتى النهاية.
وأوضح جبور أن كل مكوّن يقوم بدوره والإنتخابات لا تعني نهاية مطاف بل هي نوع من أنواع المواجهة الوطنية والسياسية، ففي السياسية لا أحد يستطيع أن يغيب الطرف الآخر.
شعبية التيار على المحك؟
من جهتها، رأت المنسّقة السابقة للجنة المركزية للإعلام في "التيار الوطنيّ الحرّ" رندلى جبور، أن التيار الوطني الحر تأثّر كثيرا بالحملات والهجمات التي تعرض لها خلال ثورة 17 تشرين وما رافقها من تداعيات أرخت بثقلها على المشهد اللبناني، أما حاليا فقد إستعاد شعبيته واستردّ قوته في الداخل وتحديدا في جبيل.
وبيّنت جبور أن حماسة مناصري التيار قبيل الإستحقاق المنتظر، كانت نقطة إيجابية لإستعاد التيار الوطني الحر قوته وحضوره على الساحة.
مصير تصويت المغتربين
وقبل أيام معدودة على حصول الإستحقاق الإنتخابي النيابي في بلاد الإغتراب في السادس والثامن من مايو/أيار المقبل، يبدو أن طرح الثقة بوزير الخارجية عبدالله بو حبيب من قبل حزب "القوات اللبنانية"، سلك طريقه إلى مجلس النواب، بعدما دعا رئيسه نبيه بري إلى جلسة عامة الخميس للنظر في هذا الطلب.
وفي هذا السياق، أوضح جبّور لـ"جسور" خلفيات طرح الثقة، مؤكدا أنه عندما وجد فريق التيار الوطني الحر أن إمكانية تطيير تصويت المغتربين متعذّرة، لجأ إلى محاولة تخفيض نسبة الإقتراع عن طريق وضع تعقيدات أمام الإقتراع، من خلال إما عدم نشر لوائح الشطب، وإما تغيير مراكز الإقتراع، وإما عدم الإعلان عن المراكز، وتغيير ما تم اعتماده في العام 2018، وبالتالي، كل هذا يجري ليغلب اليأس على المغتربين وعدم ذهابهم للمشاركة في العملية الإنتخابية، ولأن الفريق الاخر غير قادر على ابتزازهم وتهديدهم والتهويل عليهم، أو حتى الضغط عليهم ترغيباً وترهيباً لتغيير طريقة تصويتهم، لأن كل من هو في الخارج غير خاضع لترهيب هذا الفريق، وغير خاضع أيضاً لترغيبه، وكل مواطن موجود في بلاد الإغتراب، يؤيد الخط السيادي ويحمّل فريق العهد و"حزب الله" وحلفاءهما مسؤولية وصول لبنان إلى ما وصل إليه".
وأشار جبور إلى أن تسليط الضوء على هذه المخالفة المفضوحة والمكشوفة، يحمّل الحكومة أمام الرأي العام الدولي والمجتمع الدولي والغربي مسؤولية التلاعب بنتيجة الإنتخابات، وتغيير مسار تصويت المغتربين اللبنانيين، كما وتغيير النتائج، وهذا ما يرى فيه المجتمع الدولي الحريص على الديمقراطية طريقة لنسف الانتخابات.