كتب هشام مهران في جسور:
مستويات تاريخيّة غير مسبوقة بلغتها أسعار الذهب في السوق المحلية في مصر مع اتجاه تصاعدي يوما بعد آخر.
إذ تجاوز سعر جرام الذهب عيار ٢٤ حاجز ٢٠٠٠ جنيه (نحو ٨٢ دولار للجرام) لأول مرة في تاريخه وكذلك فعل سعر الذهب عيار ٢١ الأكثر شعبية وتداولا في مصر مسجّلا ١٨٠٠ جنيه للجرام (نحو ٧٣ دولار للجرام) كما ارتفع الجرام عيار ١٨ ليبلغ ١٥٤٠ جنيها (نحو ٦٣ دولارا للجرام) محققة زيادات بنحو ٦٠٠ جنيه لكل جرام للأعيرة الثلاث ( ٢٤ دولار) خلال شهر واحد فقط مقارنة بأسعارها الشهر الماضي.
ويربط خبراء اقتصاد الارتفاع الجنوني لأسعار الذهب في السّوق المحليّة بما تشهده مصر من نقص حاد في العملات الأجنبية خاصة الدولار ووضع قيود على عمليات الاستيراد منذ مطلع العام الجاري ما أدى لتوقف عمليات استيراد الذهب الخام من الخارج، كما أدى أيضًا وبالمثل لنقص المواد الخام الأولية ومدخلات الإنتاج لعدد من الصناعات وتجار التجزئة.
وفي حديث خاص ل"جسور" حدد الدكتور وصفي أمين الرئيس السابق لشعبة الذهب بإتحاد الغرف التجارية المصرية ثلاثة أسباب وراء الوضع الحالي لسعر الذهب الذي وصفه بغير المسبوق على الإطلاق وهي إرتفاع أسعار الذهب في البورصات العالمية وإرتفاع سعر الدولار محليًا وعدم توافره وأخيرًا زيادة الطلب على الشراء أكثر من الكميات المعروضة.
ويضيف الدكتور وصفي أمين أن هناك نقصًا في كميات الذهب المعروضة بالأسواق مع عدم وجود استيراد لتعويض هذا النقص في ظل توقف عمليات استيراد الذهب من الخارج منذ ثلاث سنوات نتيجة أزمتي كورونا والحرب في أوكرانيا.
واستبعد الرئيس السابق لشعبة الذهب في حديثه ل "جسور" تأثير ما يصفه البعض بمضاربات على أسعار الذهب مشيرًا إلى أن المضاربات تحتاج إلى وجود كيانات لها رؤوس أموال ضخمة وقادرة على شراء الذهب بكميات كبيرة وهو أمر غير متحقق في مصر نظرا لعدم وجود بورصة للذهب أو صناديق استثمار في المعدن الأصفر.
لكن في نفس الوقت فإن الشائعات حول أسعار الدولار يقول الدكتور وصفي أمين بالإضافة إلى حالة التهافت من جانب المواطنين على شراء الذهب في شكل سبائك وجنيهات ذهبية وليس في شكل مشغولات بغرض المتاجرة على المدى القريب وتحقيق عائد مرتفع، كلها عوامل تؤدي لإرتفاع سعر الذهب وتغيره يوما بعد يوم.
وكان مستشار وزير التموين لشؤون صناعة الذهب في مصر ناجي فرج أشار إلى أن أسعار الذهب المرتفعة حاليًا لا تعبر عن السعر العادل، مطالبا المواطنين بالتريث في شراء الذهب خلال الفترة الحالية لحين استقرار الأسعار متوقعا حدوث هدوء نسبي في أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة بعد انتهاء كثرة الطلب التي دفعت أسعار الذهب إلى مستويات قياسية.
وكان وزير المالية المصري الدكتور محمد معيط كشف خلال مؤتمر اقتصادي الأحد بالقاهرة أن "صندوق النقد الدولي قدر الفجوة التمويلية في الموازنة المصرية بنحو ١٦ مليار دولار على مدى ٤ سنوات هي مدة البرنامج المتفق عليه مع الصندوق أي بواقع ٤ مليارات دولار كل عام".
وتتعرض الميزانية المصرية لضغوط شديدة نتيجة لتداعيات أزمتي كورونا والحرب الروسية على أوكرانيا نظرا لإرتفاع تكاليف استيراد الطاقة والغذاء بسبب موجة التضخم العالمي منذ فبراير الماضي فضلاً عن زيادة أسعار الفائدة المحلية التي فاقمت من تكاليف خدمة الدين المحلي.
ووفقا لوزارة المالية المصرية فقد بلغت فاتورة الاستيراد الخاصة بالبلاد بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية نحو ٩.٥ مليار دولار في الشهر مقارنة بخمسة مليارات دولار شهرياً قبل الحرب.
وقد خفضت الحكومة المصرية قيمة الجنيه مرتين في مارس/آذار وأكتوبر/تشرين الأول الماضيين بإجمالي ٥٦ بالمائة لمواجهة التداعيات السلبية للحرب في أوكرانيا ومنها إرتفاع سعر القمح الذي تعد مصر من أكبر مستورديه عالميًا ووصل متوسط سعر الدولار ٢٤.٥٤ جنيه للشراء و٢٤.٦٢ جنيه للبيع في البنك المركزي الأحد.
كانت مصر قد أعلنت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي التوصل إلى إتفاق حزمة تمويل دولية بقيمة ٩ مليارات دولار يتضمن الحصول على قرض جديد بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي وتمويل إضافي قدره مليار دولار عبر "صندوق المرونة والاستدامة" التابع لصندوق النقد بالإضافة إلى حزمة تمويل خارجية إضافية قدرها 5 مليارات دولار من مؤسسات تمويل دولية وإقليمية بشروط ميسرة.
ويُقدر إنتاج مصر من الذهب بنحو ١٥.٨ طن سنويًا يأتي أغلبه من منجم السكري بالصحراء الشرقية
وتقدر مصلحة الدمغة والموازين بوزارة التموين حجم إنتاج المشغولات الذهبية المدموغة في مصر بنحو ٦٥ طنًا في العام معظمها إنتاج محلي و٢٠ % فقط يتم استيرادها من الخارج.
كما يحتفظ البنك المركزي المصري برصيد من الذهب ضمن الاحتياطيات الأجنبية للبلاد تبلغ ١٢٥ طنا بحسب بيانات مركز معلومات مجلس الوزراء المصري.