منذ نشوء الحركات الإسلامية الحديثة في أوائل القرن العشرين حتى انتصار الثورة الإسلامية في إيران ( السلفيون – الإخوان المسلمون – حزب التحرير – حزب الدعوة الإسلامية الى غير ذلك من الحركات والتيارات الإسلامية في إيران وتركيا وباكستان)، فإن هذه الحركات كانت تقدم نفسها على أنها البديل عن كل القوى والتيارات الفكرية والأحزاب السياسية في العالمين العربي والإسلامي، وإنها في حال وصولها للحكم ستعالج مشاكل الأمة وأزماتها، إن على صعيد التبعية أو التنمية أو على صعيد تطبيق الحكم الرشيد، وصولا إلى تحقيق رسالة الله والأنبياء والأئمة على الارض وخصوصا العدالة والسلام والرحمة.
اليوم وبعد مضي حوالي المئة عام على نشوء هذه الحركات ووصول العديد منها الى مواقع متقدمة في الحكم والسلطة في تركيا والسودان والعراق والمغرب ولبنان وقطاع غزة في فلسطين والأردن وتونس ومصر واليمن، وإنشاء دول إسلامية تحكم باسم الإسلام (إيران أو السعودية)، ومع عودة حركة طالبان الى الحكم في أفغانستان، وانتشار مختلف التيارات الإسلامية الفكرية والجهادية والسياسية في معظم أنحاء العالم، أو ما يمكن تسميته: النزول من السماء إلى الأرض؟ ماذا حققت هذه الحركات والقوى وهل نجحت في تطبيق الشعارات التي رفعتها وهل أصبح حال الأمة اليوم أفضل مما كان عليه قبل تأسيس هذه الحركات وانتشارها؟
إن تقييم كل تجربة الحركات الإسلامية بإيجابياتها وسلبياتها يتطلب دراسات وأبحاث مطوّلة، ولأن لكل دولة أو حركة أو تيار أو حزب ظروف خاصة في إطار البلد الذي أُقيمت فيه الدولة الاسلامية أو شاركت الأحزاب الإسلامية في حكمه وإدارته، كما أن هناك تجارب إسلامية ناجحة وتجارب فاشلة وتجارب لم تكتمل أو لم يتم إعطاؤها الفرصة لتطبيق الأفكار والشعارات التي رفعتها.
لكن من خلال اطلالة عامة على واقع الحركات الإسلامية اليوم ومن خلال تجاربها السياسية في الحكم، يمكن القول انها تواجه تحديات جديدة على صعيد الرؤية الفكرية والمشروع السياسي وآليات العمل.
فقد رفعت معظم الحركات الإسلامية شعارات عديدة تعلن فيها، أنها تسعى لتقديم تجربة سياسية وفكرية جديدة مغايرة للتجربتين: الرأسمالية، والاشتراكية والشيوعية، وأن الإسلام يحمل مشروعاً استقلالياً فكرياً وسياسياً، وأنه إذا نجحت الحركات الإسلامية في الوصول إلى الحكم فإنها ستقدم نموذجاً جديداً على الصعد الفكرية والأخلاقية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. ولا بد من الإشارة الى أن حزب التحرير الاسلامي لا يزال يطرح نفسه مشروعا بديلا لكل التيارات والأحزاب وهو يدعو لإقامة الخلافة الاسلامية، وانه اذا تحققت هذه الخلافة ستعالج كل مشاكل المسلمين، مع ان تجربة الخلافة الاسلامية لتنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا (داعش) كانت من أسوأ وأفشل التجارب الاسلامية حتى الآن.
كما رفعت هذه الشعارات دوماً: أن الإسلام هو الحل، وأن العودة للخلافة الإسلامية أو إقامة الدولة الإسلامية سيؤمن للبشرية الخلاص والسعادة والطمأنينة والرفاهية والتنمية.
كما أعلنت هذه الحركات أنها ستمارس الاستقلالية السياسية والأخلاقية بعيداً عن الفساد وحب الدنيا والعمل من أجل المصالح الدنيوية والذاتية والسلطوية.
وها نحن اليوم أمام تجارب إسلامية عديدة سواء في الحكم أو المعارضة أو على صعيد العمل السياسي والجهادي، ولا سيما بعد الثورات العربية.
وإذا نظرنا إلى الواقع السياسي، نرى أن دولاً وحركات إسلامية أصبحت تعمل ضمن محاور دولية محددة، وهي تعلن ذلك بوضوح وبدون أي مواربة.
في حين أن حركات إسلامية وعلماء مسلمين، أصبحوا يطالبون علناً بتدخل الدول الغربية والاستعمارية لمساعدتهم لإسقاط الأنظمة الديكتاتورية، وهم يقدمون الكثير من الحجج الشرعية والسياسية لتبرير "الاستعانة بالأنظمة الاستعمارية الغربية أو الشرقية"، لتحقيق أهدافهم ومواجهة أعدائهم.
وقد انقسمت القوى والحركات الإسلامية ما بين محورين دوليين وإقليميين بغض النظر عن الموقف من كل محور.
وأما عندما وصلت بعض الحركات الإسلامية إلى الحكم فإنها لم تنجح في تقديم النموذج الإسلامي البديل، لا على مستوى التنمية أو محاربة الفساد أو تأمين الرفاهية والعيش الكريم.
وترفع هذه الحركات العديد من المبررات والأسباب لتبرير إخفاقاتها، وعدم تحقيق الشعارات والأهداف التي رفعتها سابقاً.
ولم تعد العلاقة بين حزب إسلامي معين أو حركة إسلامية محددة ودولة غربية أو شرقية أمراً مستغرباً، طبعا مع إعطاء التبريرات لكل ذلك على قاعدة المصالح والاستفادة من الصراعات بين القوى الدولية، و لم تعد اللقاءات مع السفراء والمبعوثين الدوليين أمراً يثير علامات الاستفهام.
في ضوء كل ذلك ينبغي إعادة النظر بما رفعته الحركات الإسلامية سابقاً من أفكار ومبادئ وشعارات والقيام بمراجعة للأداء السياسي والاجتماعي. فأما أن هذه الأفكار والشعارات كانت مثالية وغير واقعية، أو أن هناك أخطاء في الأداء والمواقف، أو أن الإسلاميين هم مثل بقية البشر يخطئون ويقومون بممارسات غير صحيحة مما يتطلب محاسبتهم وتحميلهم المسؤولية بعيداً عن أي تقديس أو نظرة مثالية، أي " ان النزول من السماء الى الارض" يجعل كل من يعمل في السياسة او الشأن العام إنساناً عادياً يجب محاسبته والتعاطي معه وفقا للمعطيات الواقعية و"انه ليس هناك أحد فوق الغربال" كما يقول المثل العامي في لبنان.
وعلى ضوء هذه التجارب كلها، نحن اليوم بحاجة لرؤية جديدة أو منظار جديد للأوضاع لكي لا نُخدع مرة أخرى.
وان تجربة الحركات الاسلامية بحاجة لتقييم موضوعي وعلمي كي نعرف اين اصبحت هذه التجارب وهل قدّمت البديل المطلوب.
لكن لم يعد بالامكان رفع شعارات أو مقولات غير واقعية لأن الظروف السياسية والعملية فرضت وتفرض على الاسلاميين ان يكونوا واقعيين وبأن يتعاطوا مع الأوضاع بعقلانية وبعيدا عن المواقف المسبقة او العامة او الاطلاقية.
فالنزول من السماء الى الأرض، يتطلب محاسبة شاملة لكل التجارب الاسلامية وأين اصابت وأين اخطأت.
اليوم وبعد مضي حوالي المئة عام على نشوء هذه الحركات ووصول العديد منها الى مواقع متقدمة في الحكم والسلطة في تركيا والسودان والعراق والمغرب ولبنان وقطاع غزة في فلسطين والأردن وتونس ومصر واليمن، وإنشاء دول إسلامية تحكم باسم الإسلام (إيران أو السعودية)، ومع عودة حركة طالبان الى الحكم في أفغانستان، وانتشار مختلف التيارات الإسلامية الفكرية والجهادية والسياسية في معظم أنحاء العالم، أو ما يمكن تسميته: النزول من السماء إلى الأرض؟ ماذا حققت هذه الحركات والقوى وهل نجحت في تطبيق الشعارات التي رفعتها وهل أصبح حال الأمة اليوم أفضل مما كان عليه قبل تأسيس هذه الحركات وانتشارها؟
إن تقييم كل تجربة الحركات الإسلامية بإيجابياتها وسلبياتها يتطلب دراسات وأبحاث مطوّلة، ولأن لكل دولة أو حركة أو تيار أو حزب ظروف خاصة في إطار البلد الذي أُقيمت فيه الدولة الاسلامية أو شاركت الأحزاب الإسلامية في حكمه وإدارته، كما أن هناك تجارب إسلامية ناجحة وتجارب فاشلة وتجارب لم تكتمل أو لم يتم إعطاؤها الفرصة لتطبيق الأفكار والشعارات التي رفعتها.
لكن من خلال اطلالة عامة على واقع الحركات الإسلامية اليوم ومن خلال تجاربها السياسية في الحكم، يمكن القول انها تواجه تحديات جديدة على صعيد الرؤية الفكرية والمشروع السياسي وآليات العمل.
فقد رفعت معظم الحركات الإسلامية شعارات عديدة تعلن فيها، أنها تسعى لتقديم تجربة سياسية وفكرية جديدة مغايرة للتجربتين: الرأسمالية، والاشتراكية والشيوعية، وأن الإسلام يحمل مشروعاً استقلالياً فكرياً وسياسياً، وأنه إذا نجحت الحركات الإسلامية في الوصول إلى الحكم فإنها ستقدم نموذجاً جديداً على الصعد الفكرية والأخلاقية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. ولا بد من الإشارة الى أن حزب التحرير الاسلامي لا يزال يطرح نفسه مشروعا بديلا لكل التيارات والأحزاب وهو يدعو لإقامة الخلافة الاسلامية، وانه اذا تحققت هذه الخلافة ستعالج كل مشاكل المسلمين، مع ان تجربة الخلافة الاسلامية لتنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا (داعش) كانت من أسوأ وأفشل التجارب الاسلامية حتى الآن.
كما رفعت هذه الشعارات دوماً: أن الإسلام هو الحل، وأن العودة للخلافة الإسلامية أو إقامة الدولة الإسلامية سيؤمن للبشرية الخلاص والسعادة والطمأنينة والرفاهية والتنمية.
كما أعلنت هذه الحركات أنها ستمارس الاستقلالية السياسية والأخلاقية بعيداً عن الفساد وحب الدنيا والعمل من أجل المصالح الدنيوية والذاتية والسلطوية.
وها نحن اليوم أمام تجارب إسلامية عديدة سواء في الحكم أو المعارضة أو على صعيد العمل السياسي والجهادي، ولا سيما بعد الثورات العربية.
وإذا نظرنا إلى الواقع السياسي، نرى أن دولاً وحركات إسلامية أصبحت تعمل ضمن محاور دولية محددة، وهي تعلن ذلك بوضوح وبدون أي مواربة.
في حين أن حركات إسلامية وعلماء مسلمين، أصبحوا يطالبون علناً بتدخل الدول الغربية والاستعمارية لمساعدتهم لإسقاط الأنظمة الديكتاتورية، وهم يقدمون الكثير من الحجج الشرعية والسياسية لتبرير "الاستعانة بالأنظمة الاستعمارية الغربية أو الشرقية"، لتحقيق أهدافهم ومواجهة أعدائهم.
وقد انقسمت القوى والحركات الإسلامية ما بين محورين دوليين وإقليميين بغض النظر عن الموقف من كل محور.
وأما عندما وصلت بعض الحركات الإسلامية إلى الحكم فإنها لم تنجح في تقديم النموذج الإسلامي البديل، لا على مستوى التنمية أو محاربة الفساد أو تأمين الرفاهية والعيش الكريم.
وترفع هذه الحركات العديد من المبررات والأسباب لتبرير إخفاقاتها، وعدم تحقيق الشعارات والأهداف التي رفعتها سابقاً.
ولم تعد العلاقة بين حزب إسلامي معين أو حركة إسلامية محددة ودولة غربية أو شرقية أمراً مستغرباً، طبعا مع إعطاء التبريرات لكل ذلك على قاعدة المصالح والاستفادة من الصراعات بين القوى الدولية، و لم تعد اللقاءات مع السفراء والمبعوثين الدوليين أمراً يثير علامات الاستفهام.
في ضوء كل ذلك ينبغي إعادة النظر بما رفعته الحركات الإسلامية سابقاً من أفكار ومبادئ وشعارات والقيام بمراجعة للأداء السياسي والاجتماعي. فأما أن هذه الأفكار والشعارات كانت مثالية وغير واقعية، أو أن هناك أخطاء في الأداء والمواقف، أو أن الإسلاميين هم مثل بقية البشر يخطئون ويقومون بممارسات غير صحيحة مما يتطلب محاسبتهم وتحميلهم المسؤولية بعيداً عن أي تقديس أو نظرة مثالية، أي " ان النزول من السماء الى الارض" يجعل كل من يعمل في السياسة او الشأن العام إنساناً عادياً يجب محاسبته والتعاطي معه وفقا للمعطيات الواقعية و"انه ليس هناك أحد فوق الغربال" كما يقول المثل العامي في لبنان.
وعلى ضوء هذه التجارب كلها، نحن اليوم بحاجة لرؤية جديدة أو منظار جديد للأوضاع لكي لا نُخدع مرة أخرى.
وان تجربة الحركات الاسلامية بحاجة لتقييم موضوعي وعلمي كي نعرف اين اصبحت هذه التجارب وهل قدّمت البديل المطلوب.
لكن لم يعد بالامكان رفع شعارات أو مقولات غير واقعية لأن الظروف السياسية والعملية فرضت وتفرض على الاسلاميين ان يكونوا واقعيين وبأن يتعاطوا مع الأوضاع بعقلانية وبعيدا عن المواقف المسبقة او العامة او الاطلاقية.
فالنزول من السماء الى الأرض، يتطلب محاسبة شاملة لكل التجارب الاسلامية وأين اصابت وأين اخطأت.