مرة أخرى تجد الكتل السياسية في العراق نفسها أمام خيارات جديدة تفرضها تطورات الأزمة المعقدة، خيارات تفرضها الكتل ذاتها أو تُفرض عليها من أطراف أخرى.
المبادرة الجديدة للإطار التنسيقي الذي يضم كل الكتل الشيعية باستثناء التيار الصدري لا يبدو أنها ستكون مقبولة بالنسبة إلى التيار أو الكتل المتحالفة معه فيما يُعرف بالتحالف الثلاثي.
إذ أن المبادرة التي أطلقها الإطار قبل أيام قليلة من انتهاء مهلة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لقادة التيار بتشكيل الحكومة من دون تياره تصطدم بعدم رغبة زعيم التيار الصدري وتحالفه الثلاثي بالانخراط في أي مشروع يقوده الإطار للمرحلة المقبلة كما تؤكد بعض المصادر داخل التحالف.
وتتضمن المبادرة التي قدمها الإطار التنسيقي دعوة جميع الأطراف للجلوس على طاولة الحوار من دون شروط أو قيود مسبقة مع دعوة المكوّن الكردي إلى تقديم شخصية متفق عليها لمنصب رئاسة الجمهورية على أن يكون رئيس الوزراء من المكوّن الأكبر مجتمعياً (أي المكوّن الشيعي) بعد تحالف كتله وتكوين الكتلة الأكثر عدداً مع أن يكون مقترحاً من النواب المستقلين لحسم مرشحي الرئاسات دفعة واحدة مع الأخذ بنظر الاعتبار الأوزان الانتخابية لكل كتلة.
وتبدو المبادرة متوازنة في بنودها غير أن رغبة الصدر وتحالفه الثلاثي بحكومة أغلبية وطنية قد تجعل المبادرة غير قابلة للتحقيق وهو ما يفتح الباب أمام البحث عن بدائل أخرى.
الدعوة إلى انتخابات مبكرة
على الرغم من أن الأطراف السياسية في العراق تدرك جيداً أن الكلام عن انتخابات مبكرة هو ضرب من الخيال غير أن بعض الأطراف لا تزال تصر على طرح هذا الخيار وإن كان من باب الضغط على القوى السياسية المختلفة لإنهاء حال الانسداد السياسي في البلاد.
حيث طرح تحالف (من أجل الشعب) الذي يضم تحالفي (امتداد والجيل الجديد) المعارضين، مبادرته التي دعا فيها لعقد جلسة طارئة لمجلس النواب في السابع من الشهر الحالي، مع توجيه دعوة للجهات القضائية للنظر في الوضع السياسي الراهن واتخاذ قرار بحل مجلس النواب والذهاب إلى انتخابات مبكرة في حال تعذر التوصل إلى حل ملزم لكل الأطراف.
حكومة موقتة مجددا
حل مجلس النواب والذهاب إلى انتخابات مبكرة قد لا يكون مقبولاً بالنسبة إلى الأطراف المتنازعة لجملة من الأسباب تتقدمها خشية هذه الأطراف من عدم تحقيق ما حققته في الانتخابات الأخيرة ما يمهد لصعود قوى جديدة من التيارات المعارضة والمرشحين المستقلين.
غير أن التمهيد لمرحلة انتقالية وبعدها الذهاب إلى انتخابات جديدة قد يكون أحد الحلول الممكنة بالنسبة لظرف العراق السياسي الراهن.
ويقول عضو حركة وعي الوطنية ميسر الشمري في حديث لمنصة "جسور"، إن "الأزمة السياسية باتت واضحة المعالم لعدم توافق القوى التقليدية وهذا الانسداد يعود إلى الانتخابات الأخيرة وما أفرزته نتائجها من صعود كتل على حساب فقدان أخرى لمقاعدها وكل هذه الملاحظات هي التي ساهمت في تعقيد الأزمة والذهاب الى الانسداد السياسي".
ويضيف الشمري، ان "الحل القريب من الواقع يتمثل بالمضي بتشكيل حكومة توافقية لكن حكومة خدمية ومن ثم الذهاب داخل مجلس النواب لتعديل قانون الانتخابات وإعادة توزيع الدوائر الانتخابية نحو إجراء انتخابات بعد سنتين".
ويعتقد الشمري، أن هذا الأمر هو الأنسب لكون "الانتخابات المبكرة او حل مجلس النواب يصطدمان بجملة من العوائق ومنها من سيحل مجلس النواب لأن رئيس الجمهورية قد انتهت مهامه الدستورية ولم ينتخب رئيس جديد في الجلسة الاولى لمجلس النواب وهل الكتل والاحزاب مستعدة للتنازل عن استحقاقاتها الانتخابية والذهاب إلى انتخابات قد تكلفها الكثير؟ وهو أمر مستبعد".
الضغط العشائري
تدخل العشائر العراقية على خط الأزمة السياسية والتي تعتبرها الأخطر منذ سنوات، محاولة إيجاد الحلول اللازمة لإنهاء حال الانسداد السياسي وتمهيد تشكيل حكومة ترضي جميع الأطراف وتبعد الشعب العراقي عن العواقب الكارثية للأزمة.
وقدمت رابطة العشائر العراقية للتفاوض وحل النزاعات مبادرة لحل الأزمة السياسية تتمثل بالتواصل مع أطراف الأزمة لا سيما الإطار التنسيقي والتيار الصدري لإقناع زعماء الطرفين بالركون إلى الحلول المنطقية للأزمة الراهنة.
ويقول رئيس الرابطة الشيخ محمد الجابري في حديث لمنصة "جسور"، إن "التاريخ العراقي يؤكد على حقيقة أن للعشائر كلمة الفصل في المحن والأزمات ولاسيما أن الأزمة الحالية هي الأخطر في تاريخ العراق كما نرى".
ويضيف الجابري، ان "مبادرة زعماء القبائل وشيوخ العشائر هي للتوسط بين المختلفين سياسياً والذين انتقلت خلافاتهم الى شخصية والاتصال بكل الاطراف لإخراج البلد من أزمته وهي الخطوة الأولى نحو تشكيل الحكومة".
ويضيف، ان "العشائر هي امتداد القوى السياسية وزعاماتها وللعشائر سطوة وامكانية للحل ولدينا خيارات أخرى ضمن الدستور والقانون للضغط سياسياً لإخراج البلد من محنته الحالية".