رغم إنشغال اللبنانيين وبعض الجهات العربية والاقليمية والدولية بمتابعة عملية إجراء الانتخابات النيابية في بلاد الإغتراب اولا، ولاحقا في لبنان، فان الجهات المعنية بالشأن اللبناني في باريس وواشنطن مشغولة بإعداد ملفات لبنان لما بعد صدور نتائج الانتحابات، حيث تعقد مؤتمرات موسعة وتجري نقاشات عديدة حول كيفية دعم لبنان وآليات مساعدة اللبنانيين مستقبلا وتحديد الملفات والموضوعات التي ستناقش مع المسؤولين اللبنانيين والاطراف اللبنانية بعد الانتخابات. فماذا يجري في باريس حول الوضع اللبناني؟ وماذا جرى في واشنطن في الاسبوعين الماضيين من مؤتمرات وحوارات حول الملفات اللبنانية؟
مصادر مطلعة في العاصمة الفرنسية قالت انه رغم انشغال الفرنسيين أخيرا بالانتخابات الرئاسية، فان الملف اللبناني كان حاضرا لدى المسؤولين الفرنسيين حيث تجري متابعة هذا الملف من عدة جوانب، واولها استكمال التعاون مع المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج بشأن صندوق دعم لبنان والمخصص للمؤسسات الانسانية والجيش والاجهزة الامنية وقد تم توقيع البروتوكول الخاص بذلك على ان يبدأ التنفيذ بعد الانتخابات، كما ان المسؤولين الفرنسيين والسفراء الفرنسيين في الشرق الاوسط وبعض دول الخليج يتابعون الاتصالات مع كل الجهات المعنية من اجل التحضير لملف الحوار الوطني اللبناني، وان كانت الصورة لم تتبلور حتى الان حول صيغة الحوار وموضوعاته وآليات العمل بشأنه، كما ان العاصمة الفرنسية تدعم بقوة تحرك الفاتيكان لدعم لبنان، وهناك تنسيق كبير بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والبابا فرانسيس بشأن الملف اللبناني، كما ان هناك مؤسسات متخصصة في باريس معنية بملف مسيحيي الشرق تتابع الشأن اللبناني وتضغط لتأمين كل اشكال الدعم للبنان.
وكشفت هذه المصادر انه سيتم في الاسابيع المقبلة في فرنسا تعيين مدير جديد لرئاسة المخابرات وهو جنرال سابق من الجيش وهذه اول مرة تعين شخصية عسكرية لادارة المخابرات الفرنسية وسيكون لذلك تأثير مباشر على متابعة الملف اللبناني نظرا لدور المخابرات الفرنسية في هذا المجال، وسيتم حسم الامور بعد الانتخابات اللبنانية ونتائجها.
واما في العاصمة الاميركية واشنطن فقد تكثفت المؤتمرات والنشاطات واللقاءات حول الوضع اللبناني، حيث تنشط مؤسسات اللوبي اللبناني على اختلاف تنوعاتها وهيئاتها في متابعة الملفات اللبناني واجراء الاتصالات مع المسؤولين الاميركيين واعضاء الكونغرس بشأن لبنان وقضاياه.
تحرير سيادة لبنان
انعقد أخيرا مؤتمران مهمان حول لبنان، الاول عقد في مكتبة الكونغرس الاميركي بدعوة من المجلس العالمي لثورة الارز والاتحاد الماروني العالمي وتحالف الشرق اوسط للديمقراطية وحركة تواصل المقيم والمغترب والمعهد الاميركي اللبناني للدراسات، وشاركت فيه شخصيات اغترابية من عدة دول وممثلون عن الادارة الاميركية ومن الكونغرس الاميركي، اضافة لشخصيات لبنانية متنوعة، وقد تركز هذا المؤتمر على دور ايران وحزب الله في لبنان وكيفية ما سمي "الاحتلال الايراني للبنان وتحرير سيادة لبنان"، ومن ابرز الشخصيات المشاركة في هذا المؤتمر النائب الاميركي داريل عيسى والدكتور وليد فارس والمستشار السابق في الادارة الاميركية حول الملف الايراني غابرييل نورونها، اضافة للنائب المستقيل سامي الجميل والدكتور فارس سعيد والمهندس طوم حرب والنائب المستقيل نديم الجميل ورئيس المجلس السيادي كميل شمعون والدكتور انطوان سعد ورئيس حركة التغيير ايلي محفوض والدكتور توفيق الهندي والسيد روجيه اده، ودعا بعض المشاركين لمواجهة الستاتيكو القائم في لبنان وتنفيذ القرار 1559 ولو في مناطق معينة من لبنان بحماية الجيش اللبناني.
واما المؤتمر الثاني فقد دعت اليه لجنة التنسيق اللبنانية – الاميركية والتي تضم ست منظمات لبنانية - اميركية وتتعاون مع ملتقى التأثير المدني في لبنان، وقد عقد المؤتمر في مقر النادي الوطني للصحافة في واشنطن تحت عنوان: " مأزق لبنان: السياسات والخيارات "، وشارك فيه ممثلون عن وزارتي الخارجية والدفاع الاميركيتين والوكالة الاميركية للتنمية الدولية وديبلوماسيون اميركيون واوروبيون وعرب وباحثون لبنانيون واميركيون ومسؤولو المنظمات اللبنانية – الاميركية ووفد من ملتقى التأثير المدني، وقدمت خلاله اوراق عمل متعددة حول الوضع اللبناني وكيفية معالجة مختلف الازمات بشأن النظام السياسي والقضايا الامنية والاوضاع الاقتصادية، اضافة لاستعراض دور حزب الله في لبنان ودور الجيش اللبناني والعلاقات الاميركية – اللبنانية، وجرى التركيز على ضرورة محاسبة المسؤولين اللبنانيين عن الفساد وكيفية دعم القادة الجدد وجرى تقديم افكار لاصلاح الوضع الاقتصادي.
دعم الجيش اللبناني
وتشير مصادر ديبلوماسية مطلعة في واشنطن ان هذا المؤتمر كان مهما جدا وهو يؤكد الاهتمام الاميركي بالشأن اللبناني رغم انشغال الادارة الاميركية بالصراع في اوكرانيا ومتابعة الملف النووي الايراني، لكن عمليا يتم التركيز حاليا على استكمال تقديم الدعم الانساني ودعم الجيش اللبناني والاجهزة الامنية بانتظار وضوح صورة الوضع السياسي ونتائج الانتخابات النيابية.
وفي الخلاصة يبدو ان ملفات لبنان حاضرة اليوم في باريس وواشنطن وعواصم اخرى عربية وغربية وفي الفاتيكان، لكن الجميع ينتظر نتائج الانتخابات النيابية وعلى ضوئها ستتحدد السياسات المقبلة عربيا ودوليا.