التعثر الحاصل في تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان، بسبب تباين وجهات النظر بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، جعل الأنظار الداخلية تتركز حالياً على معركة رئاسة الجمهورية اللبنانية، سواء لجهة التحضير والاستعداد لتحديد الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس عند بدء المهلة الدستورية في الأول من سبتمبر/أيلول المقبل، أو لجهة طرح عدد من الأسماء المرشحة لتولي المنصب، وإن لناحية المشروع السياسي والإصلاحي والاقتصادي الذي يُمكن أن يطرحه الرئيس المقبل عند انتخابه.
ومع أن احتمال تشكيل حكومة جديدة لا يزال قائما خلال الأسابيع المقبلة في حال تم التفاهم بين الرئيسين عون وميقاتي، فإن احتمال بقاء حكومة تصريف الأعمال لحين انتخاب رئيس جديد للجمهورية ونهاية العهد الحالي أصبح قوياً؛ وعلى هذا الاساس بدأت بعض الجهات الدولية والإقليمية تتعامل مع الحكومة الحالية وكأنها هي من تتولى متابعة الملفات العالقة، ومنها ملف ترسيم الحدود البحرية وخطة التعافي أو التفاوض مع صندوق النقد الدولي، إضافة إلى متابعة ملفات الكهرباء وكذلك متابعة ملف النازحين والهموم المعيشية.
وإذا لم تحدث مفاجأة غير تقليدية ما بعد عيد الأضحى المبارك والإعلان عن التشكيلة الجديدة، فإن الإطلاق العملي لمعركة رئاسة الجمهورية سيزداد قوّة وحضوراً، وقد بدأه البطريرك الماروني مار بشارة الراعي بالدعوة لحصول الانتخابات الرئاسية في بداية المهلة الدستورية في الأول من سبتمبر/أيلول المقبل، وثمة معلومات غير مؤكدة رسمياً بأن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري قد يتجاوب مع هذه الدعوة ويعمل للدعوة الى عقد جلسة نيابية لانتخاب رئيس جديد في الأسبوعين الأولين من شهر سبتمبر/أيلول، مع احتمال الدعوة لجلسة تشريعية بعد عيد الأضحى وقبل أن يتحول البرلمان الى هيئة ناخبة.
أما على صعيد الأسماء المرشحة لرئاسة الجمهورية والمشاريع السياسية والاقتصادية التي يمكن ان يتبناها الرئيس المقبل، فقد بدأت بعض الجهات الداخلية والخارجية دراسة مختلف الملفات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية والتحضير لإطلاق حملات إعلامية وشعبية وحوارية من أجل البحث عن الشخصية القادرة على معالجة الأزمات اللبنانية وتحمّل المسؤولية في المرحلة المقبلة، في ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها لبنان اليوم.
وتعتبر مصادر سياسية مواكبة لمعركة الرئاسة: أن لبنان يحتاج اليوم الى شخصية غير تقليدية تكون قادرة على تنفيذ الإصلاح الداخلي وإبعاد لبنان عن الصراعات في المنطقة واستعادة موقع لبنان الفاعل على صعيد العلاقات العربية والدولية ومواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية، مع الأخذ بالاعتبار نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة وعدم وجود كتلة سياسية قادرة على حسم نتائج الانتخابات الرئاسية من دون حصول تسوية كبرى حول مختلف الملفات.
بالنسبة للأسماء المطروحة لمنصب الرئاسة، وإضافة للأسماء الأربعة التي جرى تداولها سابقاً وهي كل من: رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وقائد الجيش العماد جوزيف عون، ولكل واحد من هؤلاء نقاط إجابية ونقاط سلبية؛ فقد بدأت بعض الأوساط السياسية والدبلوماسية تبحث عن شخصية أخرى من خارج الأسماء المتداولة تكون قادرة على تقديم مشروع إنقاذي للبنان، سواء من الشخصيات المقيمة في البلد أو خارجه.
وجرى التداول بالعديد من الأسماء لرئاسة الجمهورية اللبنانية، ولكن لم يتم التوافق حتى الآن على شخصية محددة قادرة على الحصول على توافق داخلي وخارجي، وقد نشهد في المرحلة المقبلة التدوال في مزيد من الأسماء. ورغم أنه جرى الإشارة الى أن البطريكية المارونية تتبنى دعم بعض الشخصيات، فإن بكركي لم تؤكد ذلك وهي ترفض الدخول في لعبة الأسماء.
وفي الخلاصة فإنه كلما تأخر تشكيل الحكومة كلما تقدّمت معركة رئاسة الجمهورية وأصبحت اكثر إلحاحاً، لأنه سيكون من الصعوبة أن تتولى حكومة تصريف الاأمال مهمة قيادة البلاد في حال انتهت ولاية الرئيس الحالي العماد ميشال عون.