في مواجهة ثقافة الإنقسام والتفتيت يطلق منتدى التكامل الاقليمي الذي يرأسه المفكر الاستاذ سعد محيو يوم غد الثلثاء من بيروت مبادرة جديدة فكرية وعملية وسياسية تحت عنوان: ميثاق الهوية والوحدة الوطنية، وسيتم إطلاق هذه المبادرة بعد عقد سلسلة اجتماعات حوارية بين عدد من المفكرين والباحثين اللبنانيين والعرب حول الهوية الوطنية الجديدة وكيفية مواكبة المتغيرات في لبنان والعالم العربي وعلى الصعيد الدولي.
ورغم ان المبادرة انطلقت من لبنان في محاولة لتأكيد الوحدة الوطنية والهوية الوطنية والعمل لحماية لبنان من التداعيات الخطيرة التي جرت خلال السنوات الاخيرة، فهي لم تعد تقتصر على الواقع اللبناني بل تشمل كل الدول العربية، وذلك بهدف التأكيد على الهوية الوطنية مع الدعوة للتعاون العربي الشامل والتكامل الاقليمي مع دول الجوار ولا سيما ايران وتركيا، مع الحرص على التذكير بالصراع المستمر مع العدو الصهيوني.
فماذا في تفاصيل هذه المبادرة؟ وما هي أهم النقاط التي سيتضمنها ميثاق الهوية الوطنية؟ وكيف سيتم ترجمة ذلك على الصعيد العملي والسياسي؟
حسب الدعوة التي اطلقها منتدى التكامل حول الهوية الوطنية سيتم التركيز على النقاط التالية:
اولا: بلورة رؤية فكرية جماعية لنظرية الهوية الوطنية مما يسهل تحويلها الى قوة سياسية واقعية في مواجهة مشاريع التقسيم والدعوات للحروب الاهلية (وهذا ينطبق على لبنان وعلى اي دولة عربية).
ثانيا: العمل على تحديد مضامين الهوية الوطنية ومعاييرها والعوامل التاريخية المؤثرة فيها وكيفية تأثير العولمة والثورة التكنولوجية الرابعة على الهويات الوطنية واي مشروع يمكن ان يطرح اليوم للاستفادة من القيم المشرقية والتوحيدية.
ثالثا: اعادة تفعيل ثقافة الحب والانتماء الوطني والتمهيد لقيام الدولة الوطنية الاخلاقية الجامعة القادرة على حماية السلم الاهلي والوقوف بوجه الحروب الاهلية.
رابعا: دراسة البوتقة التي يمكن ان تنشط من خلالها مبادرة الهوية الوطنية وتحديد الاهداف والبرامج المرحلية والاستراتيجية التي يجب العمل من اجلها مع مراعاة التطورات والمتغيرات الداخلية والخارجية.
خامسا: كيفية التوفيق بين الهوية الوطنية المحلية وبين الهويات العالمية الناشئة اليوم بسبب التكنولوجيا الحديثة وخصوصا لدى الشباب.
وعلى ضوء هذا النقاش سيتم العمل لاطلاق ميثاق مشترك تحت عنوان: ميثاق الهوية الوطنية اللبنانية، على ان يعمم على كل اللبنانيين، ومن اهم بنوده:
1- الايمان بان الهوية الوطنية المستندة الى الوطن اللبناني هي فوق كل الهويات الفرعية الاخرى المذهبية والطائفية والعرقية.
2- ان هذه الهوية الوطنية لا تتناقض بل تتكامل مع انتماء لبنان للعروبة القائمة على الديمقراطية والحريات واحترام حقوق الانسان والى الحضارة المشرقية التي كانت مصدر كل الحضارات والاديان السماوية.
3- ان التجسيد الاول والاساسي للهوية الوطنية يكمن في بناء الدولة الوطنية القائمة على اسس حكم القانون والمساواة والاستقلال التام للقضاء ومكافحة الفساد وتحقيق التنمية الشاملة.
4- لا يمكن ان تقوم الهوية الوطنية والدولة الوطنية الا اذا تمدد حب الوطن الى حب جميع مواطنيه.
5- ان هذا الوطن الصغير جغرافيا والعظيم الاهمية على الصعيد الاستراتيجي والحضاري له دور كبير في اعادة الاعتبار للعروبة الواقعية والديمقراطية وعلى صعيد الحوار بين الشرق والغرب والحوار الاسلامي – المسيحي واعادة التوازن للنظام العالمي الجديد.
كما تضمن الميثاق تفاصيل اخرى حول الجوانب الثقافية والفكرية والاخلاقية واليات العمل في المرحلة المقبلة عبر اطلاق نقاش وطني شامل في كل المناطق اللبنانية وعلى كل المستويات.
هذا المشروع الوطني الجديد والذي ينطلق من بيروت يمكن ان يمتد الى كل العواصم العربية لحماية الهويات الوطنية والدعوة للتعاون العربي والتكامل الاقليمي ومواجهة مختلف التحديات.
فهل سيلقى هذا المشروع الاهتمام المطلوب من قبل المفكرين والهيئات الحوارية والقوى السياسية والحزبية والشباب؟ ام ان التطورات المقبلة والصراعات الداخلية والخارجية ستطيح بهذه المبادرة الوطنية الجديدة؟