كتبت مايا الهاشم في جسور:
سقطت اللاءات الثلاث، التي أُعلنت في السودان عام 1967 “لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع إسرائيل". فبعد 65 عاماً على رفض الخرطوم عروض السلام والتطبيع مع تل أبيب، استطاع المكون العسكري في البلاد كسر المحظور، فزيارة وزير الخارجية الاسرائيلي إيلي كوهين إلى الخرطوم جاءت لبحث التوصل إلى اتفاق تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل ما إنْ ُتشكّل الحكومة المدنية في الخرطوم، إضافة إلى المُضي قدماً بين الطرفين "لتعزيز آفاق التعاون في مجالات عدّة لا سيّما الأمنية والعسكرية".
قرار آحادي ومُستفرد به
استطاع رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان تغيير معادلة "العداء" السياسي ضد إسرائيل، ضارباً بعرض الحائط قانون مقاطعة السودان لإسرائيل عام 1958.
إذًا، رسمت السلطة الانتقالية الحاكمة خارطة طريق وجعلت منها أمراً واقعاً وسط أسئلة تتمحور حول أحقيّة الحكومة الانتقالية باتخاذ قرارات مصيرية حاسمة وأساسية في البلاد. في المقابل، فإن تصريح محمد حمدان حميدتي، نائب رئيس المجلس السيادي، جاء فيه "لا علم لي بزيارة كوهين للسودان ولم يلتقِ الوفد الإسرائيلي". ما يطرح علامات استفهام حول ما إذا كان مسار التطبيع مع إسرائيل كان آحادي القرار من الجانب السوداني الحاكم!
فصل الخطاب لدى الحكومة المنتخبة المقبلة
تختلف وجهات النظر في السودان بين مؤيّدٍ ومعارض لمسار التطبيع، إلّا أنه لا يُمكن للحكومة الانتقالية الحالية الاستفراد والسير بمسار التطبيع ما لم يقترن ذلك بموافقة حكومة مدنية مُنتخبة، وبالتالي يترتّب على الأخيرة-في حال وُجِدت- خياران لا ثالث لهما، إمّا أن تؤيد مسار التطبيع وبالتالي يُصبح القرار نافذا وفاعلاً، إما أن ترفض المسار الذي رسمه لها المكون العسكري في البلاد، وبالتالي يُصبح اتفاق التطبيع بلا أفُق.
إنهاء العزلة أم إطالة أمد العسكر في الحكم!
بينما تصف بعض التيارات السياسية في السودان الحكومةَ الانتقالية "فاقدة للشرعية والميثاقية". يراهن المكوّن العسكري على التمسك بالسلطة ويعتبر أن التطبيع مع إسرائيل من شأنه "إنهاء العزلة والخروج من مستنقع التطرُّف" إلا أنه قد يرى العسكر مسار التطبيع طريقاً يؤمن له غطاءً دوليّاً يعزّز دوره ويُطيل أمده في الحكم"