عوّل كثيرون في لبنان على تدفق المغتربين خلال موسم الأعياد، لإحداث صدمة في السوق المالية النقدية فكانت لهم عيديّة من نوع آخر، انهيار تاريخي لليرة اللبنانية وارتفاع صاروخي لسعر صرف الدولار الأميركي في السوق الموازية تخطى عتبة الـ 44000 ليرة .
ففي عطلة الأعياد، وصل عدد المغتربين الوافدين الى لبنان بحسب أرقام وزارة السياحة اللبنانيّة الى 11 ألف وافد تقريبًا. وفي حين أمل اللبنانيّون في أن يحقق تدفّق الدولارات دعماً لقيمة الليرة في السوق الموازية إلا أن العكس حصل.
فما هي الأسباب التي دفعت الى عكس ما كان متوقّعًا؟ وماذا ينتظرنا بعد الأعياد بعدما تُرك الدولار لمصيره؟
أبرز الأسباب
تقول الصحافية المتخصصة في الشأن الاقتصادي محاسن مرسل في حديث لـ"جسور" : من شأن تدفق الدولارات في السوق سواء بمجيء السيّاح الى لبنان أو في فترة الاعياد أن يشكّل عامل دعم لليرة اللبنانية، لكن ما يحصل اليوم هو عكس ذلك لأسباب تشرحها".
أبرز الأسباب بحسب مرسل "زيادة الضغوطات على المضاربة على الليرة اللبنانية" فصحيحٌ أن مصرف لبنان أعلن أواخر أكتوبر/تشرين الأول تعليق عمليّات شراء الدولار عبر منصّته والاكتفاء ببيعه (ابتداءً من 25 تشرين الأوّل الماضي) ما يؤدي حتماً الى تراجعه الا أننا لم نلحظ ذلك في السوق لا بل دخل مصرف لبنان سوق المضاربة وشراء الدولارات من السوق والدليل على ذلك ارتفاع حجم احتياطي مصرف لبنان الى فوق الـ60 مليون دولار ".
كما أن المصارف أيضاً باتت على نهج المضاربة ذاته وتحاول بيع الشيكات بالسوق وهذا أيضا من العوامل التي تؤدي الى زيادة الطلب على الدولار".
وتشير مرسل الى ان "التجار كذلك، في ظل ازدياد ملحوظ في حركة الاستهلاك وبالتالي ارتفاع الطلب على الدولار من قبل التجار ما يجعلنا نقول: أموال السياح لتأمين حاجياتهم ما يعني زيادة الطلب ما يؤدي الى زيادة الاستيراد".
التجار السوريون.. والدولارات
وتعتبر مرسل ان الضغط يأتي أيضا من التجار السوريين الذين يشترون الدولارات من السوق اللبنانية وفيما تعاني سوريا من أزمة محروقات تلجأ الى شراء المخزون من لبنان عبر تجار لبنانيين أو عبر عمليات المقاصة.
وفي غياب مؤشرات ارتفاع الطلب على المحروقات من الجمارك اللبنانية، يتأكد الشراء المباشر ونزف الدولارات من لبنان الى سوريا ما يشبه تماماً المرحلة التي شهدها لبنان سابقاً وتحديدا خلال تموز الـ2020.
بعد الأعياد.. الدولار الى مصيره الاسود
وأكثر ما يربك اللبنانيين ويقلقهم هو مصير الدولار بعد الاعياد عندما يعود المغتربون الى ديارهم ويترك اللبنانيون لقدرهم وهنا تقول مرسل أن أحداً لا يبادر الى دعم لبنان وما يجري يُشكّل عامل ضغط والأمور مرشحة للأسوأ من جراء البدء باعطاء مساعدات للموظفين فضلا عن سحوبات الـ15 ألف التي سيؤدي الى المزيد من التضخّم في الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية.
وكشفت عن رقم التداول في الرسوق ويصل الى ما بين 75 ألف الى 76 ألف مليار ليرة متداولة في السوق وهذا الأمر سيزتفع في شهر فبراير/ شباط، وكلها العوامل تحتم انهيارا اضافياً لليرة اللبنانية مقابل الدولار الا إذا وجد أرنب بمكان ما ولكن يبدو ان حاكم مصرف لبنان (رياض سلامة) رفع يده عن التضخم كليا في السوق وبالتالي الدولار أمام سيناريو تصاعدي وأمامه كل الاحتمالات واردة."
ماذا لو أضرب الصرافون؟
وفيما تردد عن نية لدى بعض الصرافين بالتوجه للاضراب، تقول مرسل: "في حال أرادوا خلق خضة في البلد ممكن أن يحصل ذلك كأحد عوامل الضغط الاضافية على سعر صرف الدولار ".