وعدت حكومة طالبان عند عودتها الى السلطة في أغسطس/آب العام الماضي، وبعد انسحاب القوات التي تقودها الولايات المتحدة من أفغانستان، باحترام حقوق المرأة الا أن الوعود بقيت حبرًا على ورق، خصوصًا بعدما أعلنت وزارة التعليم العالي بحكومة حركة طالبان حظر التعليم الجامعي للنساء في أفغانستان إلى أجل غير مسمى.
وندد المجتمع الدولي بقرار طالبان والذي لا يعترف أصلا بشرعية حكمها، فيما شدد وزير التعليم العالي في حكومة الحركة على قرار منع النساء الالتحاق بالجامعات بغية تجنب الاختلاط بين الذكور والاناث في الجامعات ولأن النساء لا يحترمن قواعد اللباس، ناهيك عن أن بعض المواد التي يتم تدريسها تنتهك مبادئ الإسلام، وفق قوله.
احتضار القطاع التعليمي
ويقول دبلوماسيون إن الانتقادات بشأن القيود المفروضة على تعليم الإناث تعقّد جهود الحكومة بقيادة طالبان لكسب اعتراف رسمي ورفع العقوبات التي تضر بالاقتصاد.
وفي حديث لـ"جسور"، أشار الصحفي والباحث السياسي الأفغاني فضل القاهر قاضي الى أن "قرار طالبان أتى نتيجة تفسير خاطئ للمعتقدات الدينية الإسلامية، فالحركة تسعى إلى منع النساء من العمل في الوظائف الحكومية والمشاركة في الحياة العامة، وبالتالي بسط حكم طالبان السابق على الشعب الأفغاني".
ويعتقد قاضي أن "قرار طالبان قد يثير انقسامات حادة داخل الحركة بين مؤيدين ومعارضين لحظر التعليم الجامعي للنساء، وجاء بعد منع الحركة فتح المدارس المتوسطة والثانوية أمام البنات بعد وصولها إلى السلطة صيف العام الماضي."
وأضاف "توجد في أفغانستان 40 جامعة حكومية ونحو 140 جامعة خاصة منها 68 في العاصمة كابل، ولكن نحو 40% من الجامعات الخاصة أغلقت بسبب الأوضاع المادية بعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، وبحسب المعلومات أكثر من 200 أستاذ جامعي غادروا أفغانستان بعد وصول طالبان إلى السلطة، ما يؤكد احتضار القطاع التعليمي في البلاد".
غضب عارم
وقوبل قرار حركة طالبان باستياء الطالبات الأفغانيات، لاسيما أنه أتى بعد أقل من ثلاثة أشهر من السماح لآلاف الشابات بإجراء امتحانات القبول في الجامعات.
ولفت قاضي الى أن "حظر التعليم الجامعي للنساء أعاد طالبان الى المربع الأول وأصبح من الصعب جدًا أن تحصل على اعتراف رسمي لحكمها وصولاً الى رفع العقوبات، وبالتالي باتت الحركة تعيش في عزلة دولية بسبب أفكارها المتشددة والصارمة بحق النساء".
واحتجت عشرات النساء أمام جامعة كابول في أول تظاهرة كبيرة تشهدها العاصمة منذ قرار طالبان حظر دخول الطالبات للجامعات.
وتجمع نحو 50 شخصًا، أغلبهم نساء، يحملن لافتات ويرددن هتافات "التعليم حقنا، يجب فتح الجامعات".
وفي السياق، يستبعد قاضي "حصول احتجاجات ضخمة في البلاد مشابهة للتظاهرات في إيران اثر مقتل الشابة مهسا أميني، فالوضع في أفغانستان مختلف تمامًا اذ ان زمام السلطة في يد طالبان وأي حراك شعبي سيواجه بأعمال عنف بهدف قمع الحريات كافة".
رفض دولي
ويتواصل التنديد الدولي بمنع طالبان دخول الفتيات إلى الجامعات، حيث باتت تركيا والسعودية وإيران أحدث دول تدين قرار حركة طالبان منع الطالبات الالتحاق بالجامعات.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو إن الحظر "لا إسلامي ولا إنساني". وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره اليمني، دعا جاووش أوغلو طالبان إلى التراجع عن قرارها.
كذلك حثت السعودية طالبان على تغيير المسار، معربة عن تعجبها وأسفها لحرمان الأفغانيات التعليم الجامعي.
إلى ذلك، وجّه شيخ الأزهر أحمد الطيب رسالة إلى العالم، خصّ بها فتيات ونساء أفغانستان، بعد إصدار حركة طالبان قرارًا بحظر التعليم الجامعي للفتيات والنساء. وقال، إن "الأزهر يأسف أشدَّ الأسف لصدور قرار من السلطات في أفغانستان بمنع الفتيات الأفغانيَّات من التعليم الجامعي"، مؤكدًا أنه قرار يتناقض والشريعة الإسلامية، ويصدم دعوتها الصريحة للرجال والنساء في أن يطلبوا العلم من المهدِ إلى اللَّحد".
بدورها، أبدت إيران أسفها لقرار حركة طالبان منع الأفغانيات من ارتياد الجامعات، آملة في إزالة العقبات أمام ذلك بسرعة.
أما مجموعة الدول السبع، فاعتبرت أن قرار طالبان قد يصل إلى حد الجريمة ضد الإنسانية. وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، في بيان نيابة عن نظرائها في مجموعة الدول السبع، إن مجموعة السبع ندّدت بشدة بقرار طالبان منع النساء من الالتحاق بالجامعات.