في 3 كانون الثاني/يناير 2020، اغتيل قائد قوات فيلق القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني مع ابي مهدي المهندس القيادي الكبير في الحشد الشعبي العراقي في هجوم صاروخي أميركي استهدف موكبهما قرب مطار بغداد الدولي أمر به الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بما يمثّله سليماني من تهديد وشيك على الأرواح الأميركية في العراق وفي جميع أنحاء المنطقة.
وبعد ردود الفعل الكبيرة المُناهضة والمُعارضة لعمليّة الإغتيال في المنطقة، ماذا عن دور ايران اليوم في العراق بعد اغتيال سليماني؟
امتداد النفوذ
يعتبر الباحث والمحلل السياسي العراقي وعضو المركز العربي الأسترالي أحمد الياسري في حديث لـ"جسور" ان "ايران تعتمد على امتداد نفوذها في المنطقة العربية وقاسم سليماني ثبّت ان العراق هو قاعدة ادارة النفوذ وهي القاعدة الايرانية المتقدمة بادارة النفوذ في المنطقة العربية".
ويوضح الياسري كيف ان سليماني -Churchill النفوذ الايراني- كان مسيطرا على ادارة النفوذ الأمني والمنافسة بين استخبارات الحرس الثوري والمخابرات الايرانية وخاصة بعد حرب داعش فكانت ايران دائما ما تستثمر في مناطق النزاعات الداخلية كما شاهدنا بعد الحرب الاهلية في لبنان والانقلاب في اليمن والحرب الداخلية في سوريا وسقوط النظام في العراق وكان سليماني يدير هذا النفوذ بشكل محترف ويرص صفوف جيوش الامتداد الامني الايراني خارج ايران."
تقاطع في إدارة النفوذ
ويقول: بخسارة سليماني حصل تقاطع بين ادارة النفوذ الايراني في زمن سليماني وبعده لأن صلاحياته تتجاوز فكرة النفوذ الأمني ووصلت الى ادارة استراتيجيات ايران الخارجية وهذا ما حصل مثلا حين التقى الأخير الرئيس السوري بشار الأسد مما خلق مشكلة بين وزارة الخارجية الايرانية وفيلق القدس، وعندما ذهب الى الرئيس اروسي فلاديمير بوتين واتفق معه على ادارة المعركة في سوريا بين الميليشيات التي تدعمها ايران والدعم الروسي.
ويعتبر فقدان سليماني لا يُعوّض وادى الى ارباك في ادارة النفوذ الايراني وسيطرة ايران على الميليشيات التي صنعها وهذا بدا واضحا بفترة الصراع بين التيار الصدري والاطار التنسيقي في العراق.
أداوات أخرى تمتلكها ايران
ويعتبر الياسري ان "فقدان سليماني أثّر على الادارة الكلية للنفوذ الايراني ولكن ايران لديها ادوات أخرى وهي تحاول اعادة تنظيم نفوذها ولكن العوامل الداخلية تتقاطع مع العوامل الخارجية في السياسة الايرانية فايران تستثمر الحضور الخارجي لتحويله الى مكاسب داخلية وتستثمر النزاعات الداخلية للدفع للنفوذ الخارجي"، ويضيف: "الدليل على ذلك هو حدوث ثورتين، احداث ثورة الفلاحين في الداخل الايراني ثم ثورة الحجاب اي ثورة مهسا اميني واستمرار وتيرة الفشل الذي يقوم به المحافظون والاحتجاج الذي يقوم به المتظاهرون هو دليل على ضعف تأثيرات للنفوذ الخارجي على قوة النظام من الداخل وهنا يحضر غياب قاسم لسيماني في هذه المعادلة".
قواعد اللعبة
في المقابل، يعتبر المحلل السياسي العراقي محمد علي الحكيم في حديث لـ"جسور" ان "موقف والدور الايراني في العراق قد تغيّر اثر اغتيال المسؤول الايراني الرفيع وما قامت به اميركا أثبت أنها تهدّد الأمن الإقليمي والإيراني بالتحديد خارج حدود إيران وداخلها، ومن هنا اصرار ايران على طرد القوات الأميركية الذي أصبح هاجسإ ايرانيا جديدا يفرض نفسه بعد الاغتيال".
ويقول "بالنظر إلى الأحداث المتسارعة خلال الأعوام الماضية بعد اغتيال سليماني، فإن اميركا واسرائيل سعوا لعدم تفويت الفرصة إزاء تقويض جهود إيران في المنطقة، ويسعون بشتى الطرق لقلب الطاولة، لكن هذا الأمر صعب الى حد ما، بسبب الحلفاء في الجوار الاقليمي"، ويضيف: "قواعد اللعبة تغيّرت بالكامل في المنطقة وبالتحديد في العراق، وإيران تسعى لضرب القوات الأميركية مباشرة عبر حلفائها وهذا الأمر أصبح مكشوفا اكثر من السابق".
صراعات جديدة
ويشير الى ان "مما لا شك فيه، أن أهمّ الخطوات التي قامت بها اميركا واسرائيل، تحويل التوازنات الإقليمية لصالحهما الى حد ما، أبرزها كان التطبيع بين الأنظمة العربية بالخليج مع اسرائيل، لكن نتائج هذه الخطوة لن تصبّ في صالح المنطقة، وبعد ثلاثة أعوام من اغتيال سليماني، لا يمكن الحديث عن أن منطقة الشرق الأوسط أصبحت أكثر أمنا، ولا عن نهاية حرب الانقسامات بالمنطقة، بل ولدت ديناميات صراعات جديدة، قد تتسبب بنفوذ عالمي أكثر في المنطقة وإيران لا زالت لم تنتقم لما فعلته الولايات المتحدة في اغتيال سليماني والسنوات القادمة حبلى بالمفاجئات غير المتوقعة"، ويختم: "الصراع بين إيران واميركا سيكون مباشرا اكثر من السابق في المنطقة وبالتحديد في العراق لانها ارض خصبة وساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية".