تشهد حالات الانتحار في العالم عموما، والمجتمع العربي خصوصا، ارتفاعا غير مسبوق. ففي كل عام، يُنهي مئات آلاف الأشخاص حياتهم بأيديهم، إضافة إلى الذين يحاولون الإنتحار لكنهم لا يتمكنون من ذلك.
تشير معظم الدراسات إلى أن الذين يحاولون إنهاء حياتهم هم بأغلبهم من فئة الشباب، وأبرز الدوافع المحتملة لهذه المحاولات هي الحروب والنزاعات الأسرية والعنف والمشاكل العاطفية.
"نقص الحب"
لكن بحسب الاختصاصية النفسية اللبنانية ربى بشارة، فان "السبب الرئيسي للإنتحار هو نقص الحب"، لافتة إلى أن "المجتمعات في العالم العربي بشكل عام، تتعمد دائما التصنيف وخلق منافسة بين الأفراد والتكسير بهم، وتضييق مساحتهم النفسية".
وتقول بشارة في حديث لـ"جسور"، "محاولة الإنتحار قد تكون محاولة للفت نظر المحيط أو المجتمع، وطلبا للإهتمام والرعاية بشكل غير مباشر، ما يوصل الإنسان إلى المرض الذي يدفعه إلى محاولة إنهاء حياته، وقد يحدث ذلك بسبب الاكتئاب أو مرحلة صعبة يمر بها الإنسان، خصوصا عندما يغيب الوالدان أو تنقص العاطفة".
وتتابع: "من الناحية الطبية، هناك أمراض نفسية عدة تعود لأسباب بيولوجية قد تؤدي إلى محاولة الإنتحار". وأضافت، "كما هناك عوامل خاصة تعود إلى بدء تكوين شخصية الفرد وطفولته وشخصية والديه"، مشيرة إلى أن "الأشخاص الذين لديهم "هشاشة بالشخصية" هم الأكثر عرضة للإنتحار".
جويا باسيل
وآخر الحالات التي ضجت بها مواقع التواصل الإجتماعي، كانت وفاة الشّابة جويا باسيل (17 عاماً) في بلدة معراب - قضاء كسروان، التي بحسب المعلومات الأولية، توفيت انتحارا بواسطة بندقيّة صيد.
وتقول المعلومات إن الشّابة تركت قبل انتحارها رسالة تكشف فيها الأسباب التي دفعتها إلى "قتل نفسها". وكانت باسيل بمفردها داخل المنزل لحظة وقوع الحادثة. وترفض العائلة الحديث للإعلام وسط تكتّم شديد حول تفاصيل ما حصل.
وترجح المعلومات أن تكون أسباب الإنتحار عائليّة ومرتبطة بنواحٍ شخصيّة خاصة بالفتاة، في حين أن هناك روايات عديدة تُشاع في المنطقة، لكن ما من شيء محسوم حتى اللحظة، بانتظار ما ستفضي إليه تحقيقات القوى الأمنيّة.
"عمل دولة"
وفي وقت سابق، أشار رئيس قسم الطب النفسي في مستشفى "أوتيل ديو" سامي ريشا، إلى أنّ "شخصاً من أصل 4 أشخاص، عرضة للإنتحار في لبنان خصوصاً لمَن هم دون العشرين من العمر".
وشدّد على أنّ "الموضوع النفسي يحتاج إلى عمل دولة بأكملها".
ويوصي نهج منظمة الصحة العالمية للوقاية من الانتحار، بالتدخلات الرئيسية الفعالة القائمة على الأدلة التالية: تقييد الوصول إلى وسائل الانتحار (مثل المبيدات الحشرية والأسلحة النارية وبعض الأدوية)، والتفاعل مع الوسائل المسؤولة عن رصد حالات الانتحار، وتعزيز مهارات الحياة الاجتماعية والعاطفية لدى المراهقين، وتحديد وتقييم وإدارة ومتابعة أي شخص يتأثر بالسلوك الانتحاري في وقت مبكر.
إلا أن جميع هذه المحاولات يجب أن تتم بالتنسيق بين أكثر من قطاع، منها التعليمي والصحي وحتى القضائي لإحداث تغييرات قد تُنقذ آلاف الناس.