كتب هشام مهران في جسور:
إشاعات خطيرة وأخرى غريبة عايشها المصريون خلال أيام وشهور عام 2022 رصدها تقرير رسمي أصدره المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري.
ووفق التقرير استحوذ الاقتصاد على النسبة الأكبر من الاشاعات بمعدل 23.6% من إجمالي اشاعات العام الماضي خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية القاسية التي تعيشها مصر وشح الدولار والخفض المتكرر لقيمة الجنيه وشكوي المواطنين من الارتفاع الباهظ في أسعار السلع المعيشية.
وفي المرتبة الثانية جاء قطاع التموين المرتبط ارتباطا وثيقا بالاقتصاد بنسبة اشاعات بلغت 21.3% إذ يستفيد نحو 73 مليون مواطن من برامج الدعم والرعاية الاجتماعية التي تقدمها الحكومة وفق بيانات وزارة التموين والتجارة الداخلية ما يعادل ثلثي عدد سكان مصر.
بينما بلغ نصيب قطاع التعليم من الاشاعات العام الماضي 19.1% والصحة 11% أما القطاعات الأقل استهدافا بالاشاعات فكانت الطاقة والوقود والسياحة والآثار والإسكان بنسبة 3.6% تقريباً.
ورصد التقرير الرسمي أبرز الاشاعات المتعلقة بالاقتصاد وشملت اعتزام الدولة بيع الموانئ المصرية لجهات أجنبية واشاعة اعتزام الحكومة إنشاء صندوق هيئة قناة السويس تمهيداً لبيع القناة بجانب اشاعة إصدار البنك المركزي تعليمات بوقف توفير التمويلات اللازمة لاستيراد السيارات والهواتف المحمولة.
أما أخطر الاشاعات وفق تصنيف تقرير المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري فشملت اشاعة تعرض مصر لأزمات نقص واختفاء سلع غذائية جراء تداعيات أزمة الغذاء العالمية واشاعة وجود أزمة سيولة تضرب القطاع المصرفي المصري مما يهدد بتعرض الدولة للإفلاس فضلاً عن اعتزام الحكومة خصخصة المستشفيات الحكومية تمهيداً لإلغاء العلاج المجاني للمواطنين واشاعة إجراء تعديل قانوني يسمح لمصلحة الضرائب بالاطلاع على الحسابات البنكية للمواطنين والتي يكفل القانون سريتها.
كما شملت أخطر الاشاعات كذلك وفق التقرير الحكومي اعتزام الحكومة إلغاء دعم الخبز لأصحاب البطاقات التموينية وظهور حالات إصابة بوباء "الكوليرا" في عدة محافظات فضلاً عن انتشار أدوية مغشوشة بالصيدليات.
وفي حديث لـ "جسور" يقول الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية إن "انتشار ورواج الاشاعات هو انعكاس للواقع الاقتصادي الصعب المليئ بالأزمات الذي يعيشه المواطنون من ارتفاع للأسعار وخلل في أداء العملة الوطنية بدليل استحواذ قطاعات الاقتصاد والتموين والصحة والتعليم علي النسبة الأكبر من الاشاعات باعتبارها القطاعات التي تمس حياة المواطن بشكل يومي وبالتالي فإن تدني الواقع الاقتصادي هو مرادف لحال انتشار الاشاعات."
ويضيف دكتور مختار غباشي" أن جزءا كبيراً من الاشاعات المتداولة مصدره اجتهادات وتفسيرات من جانب المواطنين أنفسهم لتفسير الواقع بشكل غير حقيقي خصوصا في ظل وجود بعض القرارات الحكومية المفاجئة والارتجالية".
ووفق التقرير الحكومي فقد ارتفع معدل انتشار الاشاعات من 1.4% عام 2014 (بداية تولي الرئيس السيسي للسلطة) إلى 10.3% عام 2018 وصولا إلى معدل 20.5% عام 2022.
وتعليقا على الإتجاه التصاعدي لمعدلات الاشاعات في مصر يقول الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية إن " السنوات الأولي بين 2014 وحتى 2018 شهدت حال تفاؤل ببوادر تحقيق انتعاش ونمو اقتصادي وبالتالي شهدت تلك السنوات معدلات أقل من الاشاعات لكنها ازدادت في السنوات الأخيرة نتيجة الصعوبات الاقتصادية وهو ما يطرح تساؤل هل كان أداء الحكومة ناجحا في تحقيق التوازن مع تلبية احتياجات المواطنين فالنجاح هو ما يبطل الاشاعات."
كذلك رصد تقرير المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري استمرار ما وصفها بالاشاعات المكررة والتي تتضمن وجود نقص في السلع الغذائية الأساسية في الأسواق والمنافذ التموينية واشاعة اعتزام الحكومة خصخصة منظومة التعليم الأساسي في مصر واشاعة انتشار أنواع بطيخ وخوخ وطماطم مسممة بالأسواق واشاعة إصدار قرار بإلغاء الصف السادس الابتدائي وتقليص حصة المواطن من الخبز المدعم على البطاقات التموينية.
أما أغرب الاشاعات التي شهدها الشارع المصري العام الماضي فكانت وفق التقرير الحكومي اشاعة إصدار وزارة الأوقاف تعليمات بمنع اصطحاب الأطفال في صلاة الجمعة والعيدين بالمساجد واشاعة طرح الحكومة أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية مصرية للبيع بأحد المزادات العلنية فضلاً عن تداول رسائل تحذيرية تتضمن وجود محاولات اختطاف لبعض الفتيات بالمواصلات العامة وقطارات المترو عن طريق تخديرهن بوخزة إبرة.
وأضاف التقرير أن أغرب الاشاعات شملت أيضاً صدور قرار بمنع دخول الأطفال دون السن القانوني نهائياً لمنطقة الأهرامات بالجيزة بالإضافة إلى اشاعة فرض رسوم على طلاب الجامعات الحكومية كشرط لأداء الامتحانات واشاعة إطلاق وزارة الاتصالات تطبيقات إلكترونية على الهاتف لمنح المواطنين قروضاً مالية.
وغالباً ما يحمل الإعلام المحلي جماعة الإخوان المسلمين المصنفة تنظيما إرهابيا في مصر إلى جانب أجهزة إقليمية ودولية المسؤولية عن استهداف مصر بما يطلق عليه "حملات ممنهجة" من الإشاعات بغرض التشكيك في نظام الحكم وبث أجواء الإحباط واليأس بين المواطنين خصوصا مع بلوغ الإشاعات معدلات قياسية في بعض السنوات فوفقا لمركز معلومات مجلس الوزراء تم رصد 53 ألف اشاعة خلال 4 شهور فقط عام 2019 منها 118 مجهولة المصدر فى يوم واحد.
ويحرص الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي باستمرار على توجيه رسائل طمأنة للمصريين خصوصا بشأن الأوضاع الاقتصادية في البلاد وتحذير المواطنين من الانسياق خلف الإشاعات، كما أشار في العديد من المناسبات إلى "حروب الجيلين الرابع والخامس" والتي قال إنها تعتمد على "استخدام وسائل الاتصال الحديثة ونشر الإشاعات وتحطيم ثقة الناس بنفسها وببعضها وبقياداتها" محذراً في أكثر من مناسبة من أن الدول التي تنهار لا تقوم مرة أخرى.